وديع اللواتي
أسدل الستار على معرض الاتصالات وتقنية المعلومات (كومكس) بتاريخ 16 أبريل. هذا المعرض وهذه التظاهرة الكبيرة لمحبي وعشاق تقنية المعلومات والاتصالات في السلطنة.
هذا المعرض الذي كانت الجماهير تنتظره بشغف كل عامٍ لزيارته والاطلاع على كل جديد في عالم التكنولوجيا جاء باهتاً ومخالفاً لكل التوقعات على عدة أصعدة. أكبر التحديات التي واجهها المعرض كانت انسحاب هيئة تقنية المعلومات (الراعي الرئيسي للمؤتمر) من المشاركة في نسخة هذا العام من المعرض ومعها بقية المؤسسات الحكومية وذلك بسبب الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها السلطنة جراء انخفاض أسعار النفط العالمية، فقد كانت المؤسسات الحكومية المختلفة تشارك بقوة وبحضور لافت في الأعوام المنصرمة تحت مظلة هيئة تقنية المعلومات وكانت تتنافس في طرح وتدشين مشاريعها الإلكترونية للجمهور لضمان إيصالها لأكبر شريحة من المستفيدين والمستخدمين وإظهار المستوى التقني الذي وصلت إليه ضمن خطة الحكومة الإلكترونية ومبادرة عُمان الرقمية وكانت منصات الجهات الحكومية هي الأكثر تزاحماً في المعرض (للاستماع لشروحات عن الأنظمة الجديدة وكيف يمكن الاستفادة منها في المعاملات) مع منصات شركات الاتصال والتي تتسابق أيضاً لطرح عروض وباقات مخصصة للمستخدمين خلال فترة المعرض.
وقد كانت الأنظار تترقب ماذا سيحل بالمعرض وكيف ستواجه الشركة المنظمة هذا التحدي. وقد كان الحل الأنسب والأسهل العودة للتقسيمة القديمة للمعرض (قبل دخول هيئة تقنية المعلومات كراعٍ رئيسي) أي تقسيم المعرض لقسمين: قسم المتسوقين (وهو القسم الذي يحوي المحلات المتخصصة في مجال تقنية المعلومات والاتصالات) وتعرض فيها منتجاتها بأسعار تنافسية لزوار المعرض. وقسم رجال الأعمال (وهو القسم الذي تتنافس فيه الشركات العاملة بالسلطنة على عرض منتجاتها وخدماتها وأنظمتها وأجهزتها في محاولة للحصول على فرص ومشاريع وعقود عمل مع مختلف الجهات التي تبحث عن مؤسسات تتعاقد معها لإتمام مشاريع تقنية معها أو شراء أجهزة وتقنيات) وكان هذا القسم حكراً على الموظفين والعاملين بالمؤسسات دون باقي الزوار الذين لم يكن سوى قسم المتسوقين متاحاً لهم.
كما أننا تعودنا أن تملأ إعلانات المعرض لوحات الإعلان في شوارع العاصمة الحبيبة مسقط، ولكن هذا العام مرّ المعرض دون أن نجد هذه الإعلانات بل شريحة كبيرة من الجمهور لم تكن تعلم عن بدء المعرض.
والنتيجة كانت حضوراً بسيطاً ومتواضعاً لمعرض يفترض أن يكون هو الأكبر والأكثر ازدحاماً كون مجال تقنية المعلومات والاتصالات من المجالات الممتعة والمشوقة والتي تحوي الجديد دوماً.
إن الأزمة المالية التي تمر بها دول المنطقة بما فيها السلطنة قد أماطت اللثام عن أوجه الخلل والنقص التي تعاني منها المؤتمرات والمعارض المختلفة في السلطنة. ففي الوقت الذي يجب فيه علينا استثمار جميع المجالات المتوفرة لتنمية الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل، نجد أننا إلى الآن لم نتمكن من تحويل مؤتمراتنا ومعارضنا المختلفة إلى صناعة تدر ذهباً علينا. إن المتتبع لحال بعض دول العالم كالصين وبعض الدول المحيطة بنا وباقي دول أوروبا والعالم يجد بأنهم قد تمكنو من أن يصبحوا وجهة للعالم أجمع من كل حدب وصوب يتهافت الجمهور عليهم للحضور والمشاركة والاطلاع على الجديد في شتى المجالات، وهو ما يعني أن قطاع السياحة والمجمعات التجارية وباقي الأمور التي يتعامل معها زوار تلك الدول تشهد حركة ونشاطاً كبيراً وبالتالي رفد خزينة تلك الدول بمئات الآلاف بل والملايين وفي حالة السلطنة سيعني تخفيف الاعتماد على النفط وإيجاد مصادر جديدة ومتنوعة ومستدامة للدخل.
أعتقد أنّ الأوان قد حان لبدء النظر في هذا المجال والاستثمار فيه بقوة إذ إنّ كل المقومات متوافرة لدينا والعائد مضمون منها والفائدة ستنعكس على مختلف القطاعات لا قطاع واحد وهذا يعني أنّ هذه القطاعات المختلفة يجب أن تتعاون وتتكاتف لضمان النجاح والحصول على النتائج المرجوة. أما بقاء المؤتمرات على حالها فأعتقد أنها تشكل عبئاً اقتصادياً على البلد دون أدنى مردود (ولا أقصد هنا التقليل من جهود الجهات والعاملين عليها) إذ يجب علينا التطوير والسعي لما فيه صالح الوطن وجعل السلطنة في الخارطة العالمية للمؤتمرات.
إنّ الفرصة متاحة لنا للبدء في تطوير قطاع المؤتمرات واستغلال المقومات الجغرافية (من ناحية الموقع الجغرافي) والسياسية (من ناحية الأمن والأمان والاستقرار السيادي) وباقي المقومات المتوفرة للسلطنة لجعلها قبلة عالمية وقلباً نابضاً بالمؤتمرات التي تستقطب العقول والمفكرين والمؤسسات العالمية والزوار وتجمعهم تحت سقف واحد ومظلة واحدة. كل ما نحتاجه هو تكاتف الجهود لتطوير هذا القطاع والرقي به وإيصاله للمستوى المطلوب إذ إنّ ما لدى باقي الدول موجود لدينا بل وبشكل أفضل بيد أنّه غير مُستغل لدينا بالشكل المطلوب.