أحمد السلماني
لا صَوْت يعلو فوق صوت "أغلى الكؤوس" الرياضية هذه الأيام داخل وخارج الوسط الرياضي، ولا يكاد يخلو حوار من حديث له علاقة بالفائز بالكأس الغالية ذات الـ44 ربيعا صحم أم الخابورة. ولقد دخلت وسائل الإعلام على تنوعها في هيستيريا إعلامية غير مسبوقة، وكل ذلك نابع من أهمية البطولة وإدراك حقيقي لقيمتها لدى القائمين على هذه الوسائل الإعلامية؛ كونها تحمل أغلى أسماء هذا الوطن "كأس جلالة السلطان قابوس المعظم لكرة القدم" في نسختها الرابعة والأربعين؛ حيث حطَّت رحالها وأرخت سدولها في صحار العز، بعد أن انحصر التنافس عليها وحتى كتابة حروف هذا المقال في شمال الباطنة الفهود وحيتان الموج الأزرق التي تمكنت من حسم اللقب الكبير وأغلى الكؤوس واقتناص فوز صعب من الفهود الشرسة والتي كانت أقرب للقب لو استغل المهاجمين فرصة من مسلسل الفرص المهدرة.
ولقد انبرت وسائل الإعلام الرسمية على اختلاف تنوعها في إبراز الحدث في أبهى صوره. ولأول مرة، شخصيا أحس بنهم غير عادي للعودة مجددا للجريدة الورقية وللتغطية التليفزيونية للعيش مع الحدث وبعيدا عن وسائل الإعلام الجديد وفضائه الواسع، رغم أنها لم تكن بعيدة هي الأخرى عن الحدث، بل يبدو أنه أصبح فرضا وواقعا ولكن ينبغي التعامل معه بحذر ويحتاج إلى عمل كبير ليحظى بثقة المتلقي ومع ذلك يحسب له تفرده وسرعة نقله للأخبار وللأحداث، ومع كل ذلك فلا يزال للقراءة ومطالعة الأخبار بالجريدة والقنوات التليفزيونية وسماع أخبار البطولة والتحاليل والتغطيات الإعلامية وقع خاص على المتلقي الرياضي بشكل خاص، إلى أن توج كل ذلك بإخراج ولا أروع للمباراة حتى ما بعد لحظة تتويج صحم باللقب الثاني له في تاريخه.
وعليَّ وزملاء كثيرين أن نُقر ونعترف بأن "البيرق" الإعلامي الرياضي و"لواء" التغطية الإعلامية المتميزة وغير المسبوقة للكأس الغالية إنما هو "للقناة الرياضية العمانية" بعد الحضور الاستثنائي والرائع والكبير لها في تغطيتها للحدث قبل وأثناء وبعد المباراة، ولم يكن ليتأتى كل ذلك لولا الدعم الكبير الذي وجده الزملاء بالقناة لأجل التواجد بفاعلية داخل كل من ولايتي الخابورة وصحم ومنذ أسبوع تقريبا وهناك وسائل إعلام مرئية ومقروءة ومسموعة أيضا تواجدت وبقوة قبل وأثناء وبعد الحدث وذلك كله إنما هو ترجمة حقيقية لأهمية الحدث، وكنت وأنا أتابع ذلك كأن النهائي حدث عالمي وبإخراج متقن وبأقل الإمكانيات جادت الأقلام المخلصة وكل من له علاقة بالإعلام الرياضي وبما يتوفر من إمكانيات في نقل الأخبار والأحداث أولا بأول.
ومع كل هذه الجهود، فإنه وإن كان صحيًّا، فإنَّ النقد قد طال الإعلام الرياضي المسؤول ونال منه كثيرا وأدخل في مقارنة ظالمة مع الإعلام الرياضي لدى الأشقاء والأصدقاء من دول أخرى ومع وسائل التواصل الاجتماعي، وعندما نقول ظالمة فإننا نتحدث هنا اليوم عن "الوقود" الذي يضخ في الآلة الإعلامية وهو المال؛ فكل شيء اليوم يحتاج إلى المال وغالبية مصادره هنا إما حكومي أو خاص يعتمد على الإعلان أو المعلنين من القطاعات الحكومية والخاصة وهؤلاء صاروا من البخل والإحجام على دعم الرياضة والرياضيين والإعلام الرياضي شيء لا يصدق أو لا نجد له تفسيرا، ومن يسبر أغوار "الإعلام الرياضي" يجده أكثر المساقات الإعلامية كلفة نظرا للحاجة إلى نقل الأحداث من موقع الحدث والأدوات المستخدمة وكلفة المحررين والمصورين؛ وبالتالي فما نراه اليوم من حضور إعلامي رياضي طوال الموسم الرياضي والكروي المنصرم ويتوجها بتغطية متميزة "لأغلى الكؤوس" إنما هو يسير بحده الأدنى من التكاليف، ومما يؤسف له أن إدارات وسائل الإعلام المقروءة -خاصة- لا تولي الإعلام الرياضي ذلك الاهتمام أو الدعم بما يضمن حضوره؛ وبالتالي فكل ما قدمه طوال الموسم إنما هو بحده الأدنى وبأقل الوسائل وكانت إجابته بليغة بتغطيته الرائعة للكأس الغالية رغم أن المعلن ينشد طرح إعلانه في صفحات الرياضة غالبا.
رسالة للقطاع الخاص وشركات القطاع العام التي ترفل بثوب "المناخ الاقتصادي الرائع" في السلطنة، أن تدعم الرياضة في عمومها والإعلام الرياضي بشكل خاص من منطلق المسؤولية الاجتماعية وبما يحقق الفائدة للطرفين؛ فالإعلام مرآة كل شيء بما في ذلك القطاعات الاقتصادية وضربة معلم تلك التي زفها اتحاد كرة القدم بعقد شراكة تسويقية بينه وبين الهيئة العامة للإذاعة والتليفزيون في النقل التليفزيوني الحصري لمسابقات اتحاد الكرة، وبما سيدعم كرة القدم العمانية ويوفر دعما ماديا للأندية ومستقبلًا مشرقا للإعلام الرياضي بإذن الله.