صندوق الرفد ومنطقة الدقم

خلفان الطوقي

أكلمت السلطنة وباقي الدول المعتمدة على النفط أكثر من سنة ونصف من نزول سعر البرميل إلى حدود خطيرة وتذبذبه، وإلى هذه اللحظة لم يرتفع إلى السعر المأمول، عليه كان على متخذي القرارات في الحكومة التعامل السريع مع هذه المتغيرات بنفس وتيرة التغير المتسارع الحاصل في شتى المجالات، كما على الحكومة استيعاب أنّ هناك فرقا شاسعا بين الحلول المالية والحلول الاقتصادية، وهذه المرحلة بالذات تتطلب منا حلولا غير تقليدية والتفكير الاستباقي ومن خارج الصندوق التقليدي والضيق، وما كان يصلح من قرارات في فترة الفوائض المالية لن يكون مناسبا في الظروف الحالية.

خطرت ببالي فكرة وقررت طرحها للجميع ولمتخذي القرار من خلال هذا الطرح، والتفكير فيها بصوت عال لربما تلقى صدى يومًا من اﻷيام من الجهات المعنية، ويمكنهم تطويرها بما يتوافق مع الأهداف المرجوة، والفكرة بالمختصر هو تركيز تمويل صندوق الرفد لعدة سنوات قادمة لمشاريع الخدمات المصاحبة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة للشباب العماني في منطقة الدقم الصناعية الخاصة حسب المخطط الشمولي للمنطقة الذي تصل مساحته إلى 2000 كيلو متر.

هناك فوائد ومكاسب جمة للشراكة الاستراتيجية في الجهتين الحكومتين المنطقة الخاصة الصناعية للدقم وصندوق الرفد، ويمكن أن أسرد بعض هذه المكاسب، فمنطقة الدقم هي المنطقة الوحيدة إلى هذه اللحظة لديها مخطط شمولي(master plan) ولديها معرفة دقيقة ماذا تحتاج من خدمات بالضبط في السنوات القادمة، لكنها في ذات الوقت مازالت حديثة وتحتاج لتعداد من فئة الشباب العماني والمالك للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ليكون متواجدا ويستطيع تقديم خدماته للمناطق الثمانية الموجودة من ضمن المخطط الشمولي كالمناطق الصناعية الكبرى والصناعات السمكية والمناطق اللوجستية ومناطق الخدمات الحكومية والسياحية والميناء والحوض الجاف والمشاريع المزمع إنشاؤها قريبا، وآخرها مشروع مخزون النفط الاستراتيجي وغيرها من المشاريع المأمول إنشاءها قريبا بإذن الله، وكما هو معروف فإنّ إنشاء صندوق الرفد نابع من فكرة رفد الاقتصاد الوطني من خلال تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة بمزايا تنافسية؛ تضمن دخول الشباب لسوق العمل بكل يسر وتمكينهم من إقامة مشاريعهم الخاصة، وأرى أن منطقة الدقم ستكون انطلاقة مهمة، خاصة أن فئة الشباب وخاصة الجادين منهم سيتمكنون من تحمل بعد المسافة أكثر من غيرهم من الفئات العمرية المختلفة.

مثل هذه الشراكات الاستراتيجية وجدت في بعض الدول بعضها كتب لها النجاح وبعضها الفشل، ويمكن ضمان نجاح هذه المبادرة من خلال دراسة التجارب الناجحة المشابهة في دول أخرى، باﻹضافة إلى ذلك يتأتى من خلال تعاون الجهتين خاصة أنّهما يقدمان دعمًا تشجيعيًا للقطاع الخاص، ولا يكفي تعاون الجهتين فقط، بل التنسيق والتكامل مع الشركات الكبرى وإعطاء أفضلية التعاون مع فئة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فكما هو معروف أنّ هيئة الدقم للمنطقة الصناعية الخاصة تقدم تسهيلات تنافسية للقطاع الخاص وخاصة للمستثمرين الكبار، ويمكن أن تشمل بهذه المزايا والتسهيلات أيضا فئة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وخاصة الذين سيستفيدون من دعم صندوق رفد من هذه المؤسسات، وأرى أنّ مثل هذه الحاضنات المشتركة ستضمن استدامة مثل هذه المؤسسات خاصة إذا ما عرفنا أن الدعم لن يكون ماديا فقط، بل يمتد إلى الاستشارات والتوجيه ودعمهم بأراض مؤجرة بسعر رمزي ومزايا تنافسية أخرى من الجانبين، ويمكنهما بالتنسيق خلق حزمة تشجيعية إضافيّة جاذبة لهذه الفئة.

ما سردته مجرد خطوط عريضة وتفكير بصوت عال، ويمكن للمختصين أن يطوروا الشراكة وجعلها في إطار قابل للتطبيق وسد الثغرات بما يضمن نجاحها ويحقق اﻷهداف الوطنية من خلق فرص عمل جديدة للشباب العماني الجاد.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة