واقع طلابنا مع ورقة الاختبار(4)

عيسى بن علي الرواحي
كشفنا في المقالات الثلاثة السابقة مجموعة من النقاط التي تبرز واقع تعامل أبنائنا الطلاب بشكل عام مع ورقة الاختبار، ولعل ما ذكرناه سابقاً يبقى مقصورا ومتفاوتا في الدرجة بين الطلاب المُهملين والطلاب ضعيفي ومتوسطي المستوى التحصيلي، أما الطلاب المتفوقون دراسيًا فلا ريب أنَّ تعاملهم مع ورقة الاختبار يختلف عن وضع زملائهم الآخرين، ولكن لا يعني ذلك أن الطالب المتفوق يحسن التعامل مع ورقة الاختبار بدرجة مثالية لا نظير لها.
وفي حقيقة الأمر فإنّ هناك بعض النقاط في التعامل مع ورقة الاختبار يكاد يشترك فيها جميع الطلاب متفوقهم وضعيفهم، ومن أبرزها سرعة الإجابة، وعدم التركيز، ونسيان بعض الأسئلة، والرغبة في الخروج المُبكر من قاعة الاختبار، وعدم المراجعة المتأنية لأسئلة الاختبار، والشح في الإجابة حيث يجيب الطالب على بعض الأسئلة بشكل موجز يكون مخلاً في تحقيق الدرجة الكاملة في وضع يمكنه أن يضيف على إجابته تلك ليحقق درجة أعلى، ومن خلال مطالعتنا لأوراق اختبارات مجموعة من الطلاب المتفوقين نجد أنّهم يخسرون درجات سهلة المنال؛ نتيجة عدم التركيز والتعجل في الإجابة فقط.
وربما تأتي الثقة المفرطة بالنفس التي قد توصل بعض الطلاب إلى درجة الغرور المشؤوم نتاجا طبيعيا لما يقعون فيه من أخطاء لا يجب أن يقعوا فيها، فيفرّطون حينها في درجات كانت في أيديهم، ولذا فإنَّ على الطالب أياً كان مستواه الدراسي أن يتعامل مع ورقة الاختبار بالصورة المثالية، وبكل هدوء وتركيز وتأنٍ، مع أهمية أن يراجع إجاباته كلها وكأنّه يجيب على الأسئلة من جديد، وألا يبخل في الإجابة ما دامت لها صلة وعلاقة بالسؤال المطروح.
وبعد هذا الرصد المتواضع لواقع تعامل أبنائنا الطلاب مع ورقة الاختبار، وما وضحته من مشكلات وطرحته من حلول؛ مستندا في ذلك على آراء مجموعة من الأساتذة الأجلاء لأنّهم الأقرب والأعرف بواقع طلابهم، فإنني آمل أن يكون للجميع دور بارز في تغيير الواقع غير المحمود في تعامل أبنائنا الطلاب مع ورقة الاختبارات كل حسب مهامه ومسؤولياته.
وحتى يكون للأسرة دور أكبر في تغيير هذا الواقع مع أبنائها، ولكي يقف الطالب ملياً مع واقعه الحقيقي في تعامله مع ورقة الاختبار؛ فإنني أرى تسليم ولي الأمر أوراق اختبارات أبنائه، ليقوم بعدها بالتعرف عن قرب على تعامل أبنائه مع ورقة الاختبار ويناقشهم في ملاحظاتهم وأخطائهم، ويجب أن يكون الابن كذلك على اطلاع على إجاباته في كافة أوراق الاختبارات؛ ليس لأجل البكاء على اللبن المسكوب كما يُقال، وإنما من أجل التعلم من الأخطاء والاستفادة منها؛ كي لا يقع فيها في المرات القادمة.
وإذا كان هناك ما يُمكن التغاضي عنه من الابن كالإجابات الخاطئة مثلا؛ فإنه لا ينبغي لولي الأمر التغاضي عما يرتكبه ابنه مع ورقة الاختبار من سوء تعامله معها وعدم إعطائها مكانتها، أو ترك كثير من الأسئلة من غير الإجابة، وغير ذلك مما له صلة بالإهمال والاستهتار وعدم المبالاة.
وإذا لم يكن تسليم إجابات أوراق الاختبارات يشمل جميع الطلاب، فينبغي أن يكون مسموحًا به لكل من يرغب في ذلك من أولياء الأمور.
وأعلم جيدًا أنّ هناك من يتحفظ كثيرا على هذا المقترح من قبل التربويين العاملين في المدارس أو خارج المدارس؛ بحجة أنه سيضيف عبئاً إضافياً من الأعمال على الإدارة أو المعلمين من خلال تسليم الطلاب أوراق إجاباتهم، وأنه قد يثير بعض الاحتجاجات والمناقشات في تقدير بعض الإجابات ورصد الدرجات، إضافة إلى أنَّ أوراق الإجابات تبقى خصوصيتها في الاحتفاظ بسريتها بعيدًا عن الطالب وولي أمره؛ حتى يتم رميها بعد ذلك في المحارق.
ولعله لا خلاف في أننا إذا أردنا مصلحة أبنائنا وتغيير واقعهم التعليمي نحو الأفضل فإنَّ ذلك يستدعي بذل جهد أكبر ودور أبرز خاصة من قبل المعنيين بالطالب، كما أننا بحاجة إلى تغيير بعض الأنظمة المعهودة في حفظ أوراق إجابات الطلاب إلى نظام أكثر إيجابية يعود بالنفع والصلاح لأبنائنا الطلاب، وإذا اتفقنا بأنّه لا يحق لولي الأمر في حال استلم أوراق إجابات أبنائه أن يعترض على تقدير وتقييم الإجابة من قبل مصححها؛ فإنَّ من حقه أن يطالب بتغيير الدرجة في حال اكتشف بعض الأخطاء المتعلقة بالجمع أو ترك بعض الأسئلة من غير تصحيح، ولعل السماح بتسليم ولي الأمر أوراق إجابات أبنائه يجعلنا أكثر حرصًا على دقة التصحيح والمراجعة، ولا ريب أنّه خير لنا وأسلم أن ننبه إلى أخطائنا وتقصيرنا في تصحيح أوراق الاختبارات في الدنيا من قِبل البشر، بدلاً من محاسبتنا على ذلك من قِبل رب البشر في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون.
وبما أننا نقترب من اختبارات نهاية الفصل الدراسي الثاني للعام الدراسي (2015-2016م) حيث تبدأ اختبارات الصفوف من الخامس إلى الحادي عشر يوم الأحد 15 شعبان 1437هـ الموافق 22 مايو 2016م، فإنني أرى من الأهمية توعية الطلاب بالملاحظات والتنبيهات المُهمة المُتعلقة بالتعامل مع ورقة الاختبارات، وإعداد المطويات في هذا الشأن وإيصالها إلى أولياء الأمور؛ لتعريفهم بواقع أبنائهم مع ورقة الاختبار، وتذكيرهم بأدوارهم المنوطة بهم، مع أهمية التأكيد على ضرورة أن يكون للطالب جدول زمني واضح لمراجعة جميع ما تمت دراسته في جميع المواد الدراسية؛ استعدادا للاختبارات النهائية، سائلين الله تعالى لجميع أبنائنا الطلاب والطالبات التسهيل والتيسير والتوفيق والنجاح إنّه سميع مجيب.
issa808@moe.om

تعليق عبر الفيس بوك