روسيا تتهم المعارضة السورية بالابتزاز في "محادثات جنيف".. وبدء إجلاء سكان من بلدات سورية محاصرة

بوتين: دعم موسكو أسهم في الحيلولة دون تفسخ سوريا

عواصم - الوكالات

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، إن الدعم العسكري الروسي أسهم في الحيلولة دون تفسح سوريا. وأضاف أثناء استلام أوراق اعتماد سفراء أجانب في الكرملين أن القوات الحكومية السورية بمساعدة من سلاح الجو الروسي حررت أكثر من 400 منطقة.

واتهمت روسيا المعارضة السورية المدعومة من السعودية، أمس، بالابتزاز بتعليقها المشاركة في محادثات السلام في جنيف. وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان إن الأساليب التي تستخدمها الهيئة العليا للمفاوضات تظهر أنها غير قادرة على التوصل إلى اتفاق وأنها لا يمكن أن تكون الممثل الوحيد للمعارضة في المحادثات.

وأضاف بيان الوزارة "منتدى جنيف يجب أن يكون ورشة عمل للاتفاق على الخطوط العريضة لمستقبل الدولة العلمانية في سوريا وتحديد سبل التوصل إلى ذلك.. وليس سوقا شرقية تضم عناصر من الابتزاز الفج فيما يتعلق بالمجتمع الدولي". وأضاف: "يبدو أن مجموعة الرياض تحاول بإصدارها إنذارات إخفاء حقيقة أنها ليس لديها مقترحات ملموسة وواقعية".

وجاءت تصريحات روسيا بعد أن حذر دبلوماسي غربي من أن محادثات السلام الهشة قد لا تستأنف قبل عام على الأقل إذا تم التخلي عنها الآن وبعد أن دعت المعارضة إلى تقديم مزيد من الدعم العسكري لمقاتليها بعد إعلان انتهاء الهدنة. ووصف البيان اتهامات المعارضة للقوات الموالية للحكومة السورية بانتهاك الاتفاق الخاص بوقف الاقتتال والسماح بدخول الإمدادات الإنسانية بأنها مزاعم لا أساس لها من الصحة.

وقالت وزارة الخارجية الروسية: "يتضح أن قوى معارضة معينة والقوى الخارجية التي ترعاها تواصل التعويل فقط على تحقيق خططها الخاصة وطموحات متضخمة بوضوح وتتصرف بمبدأ (كل شيء أو لا شيء)".. وتابعت تقول إن تصرفات المعارضة المدعومة من السعودية تسلط الضوء على أهمية مشاركة جماعات معارضة معتدلة أخرى في المحادثات. وأضافت الوزارة أنها تؤيد قرار ستافان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة بالمضي قدما في المحادثات رغم قرار الهيئة العليا للمفاوضات تعليق مشاركتها.

وأصبحت الهدنة القائمة في سوريا منذ ستة أسابيع في خطر بسبب احتدام القتال على الأرض. وتوسطت الولايات المتحدة وروسيا للتوصل لهذه الهدنة لتمهيد الطريق لانطلاق أول مباحثات سلام تحضرها أطراف الصراع منذ أن بدأ قبل خمس سنوات. ويبدو أن هذه المباحثات نفسها التي تجرى تحت رعاية الأمم المتحدة في جنيف قد انهارت هذا الأسبوع. وتقول المعارضة إنها أعلنت "تعليق" المفاوضات رغم أنها ترفض اعتبار انسحابها سببا لانهيار المفاوضات.

وقال الدبلوماسي الغربي -الذي طلب عدم الكشف عن هويته، وهو يصف سيناريو لا تزال القوى الدولية تأمل في تفاديه- "إذا انتهت هذه المفاوضات الآن.. فستتوقف لعام على الأقل.. الروس سيهجمون بضراوة استغلالا لغياب الولايات المتحدة. سيزيد اللاجئون بواقع ثلاثة ملايين وسيقتل آلاف آخرون". وأضاف "إذا رحلنا جميعا عن جنيف.. فلا أرى أن هذه العملية ستستمر".

ويقول وفد الحكومة السورية إن وضع الرئيس بشار الأسد غير مطروح للتفاوض بينما تعتبر المعارضة إزاحة الرئيس عن السلطة شرطا مسبقا وتشكو من عدم تحقيق أي تقدم على صعيد وقف العنف وإيصال المساعدات الإنسانية والإفراج عن المعتقلين.

ويراد بهذه المفاوضات وضع حد للحرب التي أودت بحياة أكثر من ربع مليون شخص وخلقت أكبر أزمة لجوء عرفها العالم وسمحت بصعود تنظيم الدولة الإسلامية وأدت لتدخل قوى إقليمية ودولية في الصراع. وقلب التدخل العسكري الروسي في أواخر العام الماضي الموازين لصالح الأسد.

وتتعرض الهدنة الهشة أساسا لانتهاكات كثيرة خلال الأسبوعين الماضيين قرب حلب حيث يتهم الجيش السوري جماعات المعارضة بالمشاركة في هجمات يشنها إسلاميون لا يشملهم وقف إطلاق النار. ويقول المعارضون إنهم يدافعون عن أنفسهم في وجه هجمات الجيش والجماعات الشيعية المتحالفة معه.

وقال دبلوماسيون غربيون إن مشاورات جرت أمس لتقييم الحاجة لعقد اجتماع وزاري للقوى الكبرى خلال الأسبوعين المقبلين في محاولة لتعزيز آلية مراقبة اتفاق الهدنة. وسيتسبب انهيار مباحثات جنيف في فراغ دبلوماسي قد يسمح بمزيد من التصعيد في القتال الذي أججته المنافسة بين القوى الأجنبية ومنها إيران والسعودية. ومع احتدام المعارك وتكثيف الغارات الجوية على مناطق يسيطر عليها المعارضون حثت المعارضة الدول الأجنبية على تزويدها بوسائل للدفاع عن النفس في إشارة مبطنة لأسلحة مضادة للطائرات لطالما سعت المعارضة المسلحة للحصول عليها.

وقتلت غارات جوية نحو 40 شخصا في سوق مزدحمة يوم الثلاثاء فيما قد تكون أكثر الهجمات دموية منذ بدء تطبيق اتفاق وقف الأعمال القتالية في فبراير الماضي.

وقالت فرنسا إن الحكومة تدفع "بتهور" باتجاه العنف وتظهر رفضها لأي تفاوض على حل سياسي. ونقل التلفزيون الرسمي السوري عن مصدر عسكري نفيا لشن أي غارات جوية على مناطق سكنية. وقال أنس العبدة رئيس الائتلاف الوطني السوري المقيم بتركيا إن مباحثات جنيف "عديمة الجدوى" وإنه لا أمل في مناقشة الانتقال السياسي. وفي مؤتمر صحفي بث عبر محطات التلفزيون من اسطنبول طالب العبدة "بدعم كمي" لجماعات المعارضة وقال إن الحل يجب أن يكون "سياسيا-عسكريا." واقترب مبعوث الأمم المتحدة لسوريا ستافان دي ميستورا أكثر من أي مفاوض آخر من جمع أطراف القتال في مباحثات سلام بدأت الشهر الماضي بعد بدء تطبيق اتفاق الهدنة الجزئية. لكن الجانبين أخفقا حتى الآن في تضييق هوة الخلاف بشأن قضايا كمصير الأسد وسيكون من الصعب إغواء المعارضة بالعودة لمائدة التفاوض إذا استؤنف القتال في ظل استفادة القوات الحكومية من الدعم العسكري في ميادين القتال.

تعليق عبر الفيس بوك