أوباما في السعودية غدا لطمأنة "الخليج" بشأن إيران.. ومطالب أمريكية بمراجعة قانون إدانة الرياض

عواصم - رويترز

يتوجه الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى السعودية اليوم حاملا رسالة مألوفة فحواها أنّ الولايات المتحدة لن تتخلى عن حلفائها في منطقة الخليج في صراعهم مع إيران القوة الإقليمية التي يخشون أنّها تسعى لضعضعة أمنهم. وربما لا تكون الرياض وعواصم أخرى في منطقة الخليج على استعداد لتقبل كلمات فحسب في هذا الصدد بعد ما شهدته من تقلص الالتزام تجاه حلفاء قدامى للولايات المتحدة وبعد أن أزعجتها تعليقات عنها أدلى بها أوباما في مقابلة مع إحدى المجلات الشهر الماضي ولإدراكها أن رئيسا جديدا سيحل في البيت الأبيض في شهر يناير المقبل.

وقال مسؤول خليجي رفيع مطلع على الاستعدادات التي تجري للقاء "نريد أن نتلقى تطمينات ملموسة منهم." وبعد أن قوبلت فكرة إبرام معاهدة دفاعية رسمية بالرفض قبل قمة سابقة بين الجانبين تأمل الرياض وحلفاؤها الخروج من الاجتماع بأنظمة صواريخ دفاعية جديدة. ويريد أوباما إيجاد وسيلة تتوصل بها دول الخليج العربية وإيران إلى "سلام بارد" يطفئ نار التوترات الطائفية في المنطقة ويحد من انتشار التطرف الإسلامي. ومن المرجح ألا يحصل أي من الطرفين سوى على تلبية جزئية لمطلبه.

ومن الأسباب التي جعلت العلاقات بين واشنطن ودول المنطقة تمر بأصعب فتراتها منذ عشرات السنين خلافات حول تقييم ما تصفها بعض دول الخليج والولايات المتحدة بأنها أنشطة تعمل على زعزعة استقرار الشرق الأوسط من جانب إيران وكيفية معالجتها.

ويساور بعض دول الخليج خوف أن يكون الاتفاق النووي الذي أبرمته واشنطن والقوى العالمية الأخرى مع إيران الشيعية وكذلك رفض أوباما الانغماس في نزاعات الشرق الأوسط المعقدة قد أتاحا لطهران حرية التصرف دون رادع.

وترى الرياض بصفة خاصة في الدعم الإيراني للرئيس السوري بشار الأسد وجماعة حزب الله اللبنانية والفصائل الشيعية العراقية وجماعة الحوثي في اليمن جزءا من صراع على مستقبل الشرق الأوسط.ومن جانبهم كان المسؤولون الأمريكيون يرون أن احتمال امتلاك إيران للسلاح النووي وتوسع الجماعات المتطرفة مثل تنظيم الدولة الإسلامية هما أكبر خطر على دول الخليج نفسها وعلى المصالح الأمريكية.

وقال روب مالي مستشار أوباما لشؤون الشرق الأوسط مشيرا إلى عمق العلاقات التي تربط واشنطن بدول الخليج العربية مقارنة بجهودها للتصدي للنشاط الإيراني المزعزع لاستقرار المنطقة "لا أعتقد أن من الممكن وجود حيرة أو غموض فيما يتعلق بمن هو شريكنا في المنطقة ومن ليس شريكا لنا."

وفي ظل خلافات أخرى يعقد الرئيس أوباما اجتماعه مع الملك سلمان عاهل السعودية اليوم والقمة المشتركة في اليوم التالي مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي الذي يضم أيضا الكويت والإمارات والبحرين وقطر وسلطنة عمان. فقد بدا أن تعليقات أوباما في مقابلة مع مجلة ذي أتلانتيك الأمريكية الشهر الماضي محسوبة بهدف إثارة انزعاج القادة الخليجيين. إذ قال إن بعض دول منطقة الخليج وأوروبا تستمتع بخدمات مجانية وتطالب بتحرك أمريكي دون أن تشارك هي نفسها في التحرك. كما أجاب عن سؤال عما إذا كانت السعودية دولة صديقة لأمريكا بقوله "الأمر معقد" وقال إن دول الخليج بحاجة لمشاطرة إيران في الشرق الأوسط.

ولم يصدر رد رسمي من العواصم الخليجية لكن الأمير فيصل بن تركي رئيس المخابرات السعودية سابقا كتب رسالة مفتوحة استنكر فيها هذه التصريحات وشكك في الحكمة وراء ما وصفه بأنه "تحول تجاه إيران" من جانب الولايات المتحدة.

وسبق أن تعهد أوباما بالدفاع عن حلفائه من دول الخليج في مواجهة أي "هجوم خارجي" وقد سمح دور الدعم العسكري الأمريكي للسعودية بمواصلة الحملة التي يشنها تحالف عربي بقيادتها على الحوثيين في اليمن. لكن المحادثات بشأن تطمينات ملموسة بدرجة أكبر التي يطالب بها المسؤولون الخليجيون تتركز في الوقت الحالي على تعزيز نظم الدفاعات الصاروخية وهو أمر قيد البحث منذ فترة طويلة غير أنه ازداد أهمية بعد الاختبارات الصاروخية التي أجرتها إيران في الآونة الأخيرة.

وقال المسؤول الخليجي المطلع على الاستعدادات الجارية للمحادثات إن على الأمريكيين "أن يقدموا شيئا". وقال مالي للصحفيين إن وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر سيبحث التعاون الأمريكي الخليجي مع نظرائه في اليوم السابق للقمة لكن مالي لم يقدم أي تفاصيل عن تطمينات أمريكية محددة.

وقال مسؤول أمريكي آخر طلب عدم نشر اسمه إن دول الخليج نفسها لم تحقق تقدما يذكر فيما يتعلق بتوحيد نظم الدفاع الصاروخي المختلفة بها رغم المساعدة الأمريكية.

وأضاف مالي إن المهم بالنسبة لأوباما هو تهيئة دول الخليج بحيث تصبح في وضع يسمح لها بالتصدي لأنشطة زعزعة الاستقرار من جانب إيران ومن ثم السماح لها بالتعامل مع إيران من وضع القوة لحسم بعض التوترات.

وقال إن التنافس بين إيران والسعودية يغذي "الفوضى والمذهبية وعدم الاستقرار في المنطقة وكلها تفيد تنظيم الدولة الإسلامية وغيره من الجماعات الإرهابية." وقال أيضا إن الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن وتعتبرها الرياض وقفة مهمة في وجه ما تراه من نفوذ إيراني زاحف في أعقاب تقلص الدور الأمريكي في الشرق الأوسط صرفت الأنظار عن الحرب على التطرف. ومن منظور خليجي تعتبر مثل هذه التعليقات ساذجة.

وفي سياق متصل، قال رئيس مجلس النواب الأمريكي بول ريان أمس إنه يعتقد أن على الكونجرس أن يعيد النظر في إجراء مقترح يتيح للمواطنين الأمريكيين مقاضاة الحكومة السعودية فيما يتصل بهجمات 11 سبتمبر مشيرا إلى أن من المهم أن يوضع في الاعتبار تأثير ذلك على التحالف بين الولايات المتحدة والمملكة.

وتحدث ريان إلى الصحفيين عقب اجتماع مع الأعضاء الجمهوريين في مجلس النواب وقال "يجب أن نعيد النظر" في مشروع القانون الخاص برفع دعاوى على السعودية "لنضمن ألا نرتكب أخطاء مع حلفائنا". وأضاف أن القضية لم تطرح خلال زيارته للشرق الأوسط مؤخرا.

وعبر البيت الأبيض عن ثقته في أن السعودية لن تمضي قدما لتنفيذ تهديد تحدث عنه تقرير إخباري ببيع أصول أمريكية إذا أقر الكونجرس مشروع قانون قد يحمل المملكة المسؤولية عن أي دور في هجمات 11 سبتمبر عام 2001.

وقال جوش إيرنست المتحدث باسم البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما لا يدعم مشروع القانون وإنه لن يوقعه. ومن شأن مشروع القانون أن يسمح بملاحقة الحكومة السعودية قضائيا في المحاكم الأمريكية عن أي دور في هجمات 11 سبتمبر. وقال إيرنست للصحفيين "أنا واثق من أن السعوديين يعترفون مثلما نعترف تماما بمصلحتنا المشتركة في الحفاظ على استقرار النظام المالي العالمي."

تعليق عبر الفيس بوك