عمان بخير

فايزة سويلم الكلبانية

وقفة أولى

إنّ ما تمر به دول المنطقة والعالم نتيجة لتراجع أسعار النفط، إلى جانب ما صاحب هذه المرحلة من تداعيات وتذبذبات في الأوضاع الأمنية والاقتصادية والسياسية في دول العالم العربي والغربي، له مؤثراته السلبية على بعض دول العالم؛ وأخص بالذكر دول العالم العربي، كما أنّ له في المقابل مؤثراته الإيجابية على بعض الدول الأخرى ولاسيما الغربية منها وعلى رأسها "الدول العظمى" إن صح التعبير، بلادنا الغالية عمان ليست بمعزل عن دول العالم والجوار في هذه الفوضى العالمية؛ إذ أنّها جزء لا يتجزأ من منظومة عالمنا هذا، ولكن كلما أطلت التفكير والتعمّق في تدرج مراحل تأثر السلطنة بهذه الأوضاع والأحداث مقارنة بدول الجوار والعالم الأخرى ابتسم وكلي تفاؤل كون "عماننا ما زالت بخير.. وستكون بخير على مر الزمان" بالرغم من كل المؤثرات الأخرى التي طرأت على أوضاع مؤسسات القطاع الخاص والعاملين فيه، أو مدى تأثر ميزانية السلطنة نتيجة لزيادة معدلات الإنفاق نظير بعض الايجابيات كزيادة معدلات التوظيف للخريجين والباحثين عن عمل خلال السنوات الأخيرة المنصرمة، أو زيادة المشاريع الاستثمارية، وفي المقابل كثرة قضايا التجارة المستترة والفساد والكشف عن البعض من "المستور" على مدار الأعوام الماضية من أصحاب النفوذ والنفوس الضعيفة تحت مظلة "صلاحية الكراسي والمناصب والمسؤولية".

وقفة ثانية

"ربّ ضارة نافعة" عبارة كثيرًا ما نتداولها فيما بيننا حتى أصبحت الألسن معتادة عليها نتيجة لما تراه العين وتسمعه الأذن من مفاجآت وصدمات في هذه الحياة.. وهنا أقول ذات العبارة كلما أرى أوضاع بعض الدول التي فقدت نعمة "الأمن والأمان والسلام" في بلادها، وبات أبناؤها مشردين بين الدول، أو جثثًا مرمية عبر الطرقات بين ترمل الأناث وتيتم الأطفال وفقد الرجال وضياع الشباب ودمار الأرض وخراب البنية الأساسية، وتلاشي السلام، حتى تكاد أن تكون الديار خاوية من أهلها، لطالما نعيش ونحن نعلم بأن دعاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يحفظنا، ورجل السلام باني نهضة عمان الحديثة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - ينشر السلام والإصلاح بين الشعوب والعيون الساهرة على خطاه تسير.. بكل تأكيد "عمان ما زالت بخير".

وقفة ثالثة

ولا يمكن أن يصلح الوضع الراهن بين ليلة وضحاها، فنحن لا زلنا بحاجة إلى المزيد في جانب تنظيم إجراءات العمل الإداري، وزيادة الترابط بين الجهات المعنية الأساسية، وفك المركزية (الروتين) والذي أصبح مطلبًا ملحًا لإنجاز معاملات، وقد أبدعت جهات حكومية في سرعة إنجاز المعاملات كــ (استثمر بسهولة) ولكننا في انتظار تدشينها لمرحلة أخرى تحمل في طيّاتها صلاحيات أكبر تقود من خلالها ما ينتظره البعض من "المحطة الواحدة" لتعمل حلقة وصل بين الجهات المعنية كالشرطة والبيئة والقوى العاملة والإسكان والأحوال المدنية وغيرها من الجهات الحكومية....إلخ، ويشكرون على ذلك. ننتظر المزيد من الأعضاء أصحاب السعادة في مجلس عمان (الدولة والشورى) والمزيد من التكاتف في العمل بين القطاعين العام والخاص، ومبادرات يشار لها بالبنان لــ (قطاع البنوك والصيرفة كافة).

وقفة رابعة

تحدثنا كثيرا عن أسباب تأخر إنجاز المعاملات، وضعف الاستثمار والمستثمرين وتعقيداتهم. وكتبنا مرارا وتكرارا حول تحديات المرحلة المقبلة وما تتطلبه من حلول في مختلف المحافل ما بين (الدول والشورى والمؤتمرات والندوات ووسائل الإعلام والدراسات البحثية والوفود والخطط والاستراتيجيات المتراكمة عبر أدراج المسؤولين مترقبة لتأخذ حيز التنفيذ)، المسؤولية تحتاج لشراكة متكاملة بين (صانع القرار والموظف والمواطن والمستثمر) بحيث يكون كل طرف واع بوجباته وحقوقه. كما أن تنظيم العمل وتوزيعه بين فريق العمل الواحد يلعب دورًا محوريًا في الرقي بالوضع الراهن وتحسينه للأفضل.

وقفة خامسة

لابد وأن يكون "المسؤول" قائدًا ومراقبا لنفسه محافظا على"القسم واليمين" مثالا وقدوة في الجد والاجتهاد والابتكار محفزًا على العطاء، وفي المقابل على "الموظف" أن يعي بأنّه اليوم أصبح أحد أهم وسائل الإصلاح التي سيترتب عليها تقدم البلاد أو تراجعها نتيجة لعدم تقديره بمتطلبات عمله وكيف أنّه لو تقاعس وأهمل في عمله نتيجة للعشوائية أو الاتكالية وعدم اللامبالاة في تنظيم العمل، إلى جانب غياب درايته بوضع اللوائح والقوانين ومستجداتها، وبالنسبة لــ "رب العمل" مهما يكن مستثمرا أو رائد أعمال حرة أو غير ذلك لابد أن يكون واعيًا بالقوانين ومساحة الصلاحيات المتاحة له؛ حتى لا يكون في اصطدام مباشر ومستمر مع الحكومة، ويكون جهله بمشروعه وجدواه الاقتصادية عائقا أمام استمراريته تحت غطاء من التذّمر والاستياء، وتعقيد الإجراءات، وهذا في الأصل ذاته مخالف للقانون العام.. أمّا "المواطن" فهو شريك أساسي في التنمية، لأنّ المسؤول والموظف ورب العمل كل هؤلاء هم أنفسهم مواطنون في هذا البلد وهم من أبنائه ومسؤولون عن وطنهم ورفعته.

 faiza@alroya.info

تعليق عبر الفيس بوك