الإعلام هواية أم حرفة

حمدان بن سعيد العلوي

الإعلام هو نشر المعلومات ونقل الأخبار وكل جديد ومهم عبر وسيلة جماهيرية يتلقاها عدد غير محدود من البشر، وناقلها والمتحدث بها هو الأعلامي عبر الوسائل المختلفة، فالكاتب الصحفي والمحرر والمعد هم صناع المادة الإعلامية يقومون بتنقيحها بعد وصولها، والحصول على هذه المعلومات والأخبار عبر المصادر في الحدث المتوقع وغير المتوقع؛ فقد يكون المصدر في الأخبار المتوقعة هومندوب أو مراسل أو مسؤول ما في جهة الحدث؛ أمّا غير المتوقع فقد يكون شاهد عيان أو المراسل المختص أو مصدر ما ويتم البحث بعد ذلك والتحري عن التفاصيل لتضع أمام المتلقي بشكل يغطي كافة التفاصيل، فالعاملون في قطاع الإعلام يعملون كلا في اختصاصه لوضع المتابع في قلب الحدث بالشكل النهائي، فمنهم الفنّي والمهندس والمخرج الذي يتولى إخراج المادة الإعلاميّة بعد مرورها بعدة مستويات بداية من جمع المعلومات وإرسالها وتحريرها والإعداد لتقديمها ليأتي المخرج ويخرجها بصورة سهلة وسلسة مفهومة لدى الجميع سواء كان العمل مكتوبا في صحيفة أو مرئي/ سمعي، يراعى فيها الأهميّة والحداثة فالإعلام منظومة متكاملة يقدم لنا كل ما نحتاجه وما هو مهم من أخبار وفنون إعلاميّة أخرى الحوار والتحقيق.. إلخ.

وهنا يأتي السؤال هل الأعلام هواية أم حرفة؟

يقول البعض إنه هواية وموهبة وإذا كان كذلك فهل هو الحال كالشعر والرسم وممارسة لعبة معينة مثل كرة القدم والسباحة وغيرها؟

ومن وجهة نظري حب العمل في مجال ما لا يعني موهبة فمثلا أن أتخصص في الطب وحبي لممارسة هذا العمل الإنساني وعلاج الناس لا يعني موهبة بل يجب أن أحترف المهنة، وأن أتقنها لكي أنفع بها الناس، وفي المقابل هناك من يقدمون على علاج المرضى بالطب الشعبي والعلاج بالأعشاب ولكن بدون تخصص وهم ليسوا أطباء، وأضرب هذا المثال أنّه بالإمكان ممارسة الطب دون دراسة بل بالممارسة والتعلم، ولكن الواقع يختلف من طبيب عظام إلى باطنية أو عيون وغيره عن ممارسة الطب التقليدي أي أنّ العلم في تطور مستمر ويجب على من يسعى إليه التزود بالمعرفة والوصول إلى الاحترافية، ففي هذه الحال لا نستطيع أن نسمي ذلك المعالج بالطبيب، وهنا الحال متشابه قد يأتي شخص ويبدع في كتابة مقال سواء طبي أو اجتماعي أو ثقافي...إلخ فهل هو إعلامي رغم أنّه قام بعمل إعلامي؟

وهناك من يقوم بتقديم نشرات الأخبار ومنهم من هو مهندس صوت وفني إضاءة هل هم إعلاميّون؟

أعتقد أنّ هذا التخصص يحتاج إلى دراسة عميقة قبل إعطاء الترخيص لمزاولة العمل فيه .

هناك أخطاء كبيرة وكثيرة يقع فيها البعض كالتعدي بالقذق وشحن الرأي العام على جهة معينة أو مسؤول ما دون التأكد، ويتحدث عبر وسائل الإعلام بكل طلاقة وبلا أدلة تثبت صحة كلامه فقط سمع من فلان وتأثر بما قيل له ليقذف بالحمم دون أن يحسب العواقب التي سوف تترتب على حديثه لاحقا، فهناك قوانين تنظم العمل الإعلامي؛ ومقابل هذه القوانين هناك أخلاقياّت يجب أن يتحلى بها الإعلامي وهنا يجب علينا القياس قبل الكتابة والنطق والتفكير جيدًا وسؤال الذات ماذا سوف يترتب على حديثنا بعد ذلك؟

فمن يقرأ ويتابع يجب أن يعي أن هذه الرسالة يتلقاها العديد من البشر بمختلف الشرائح والأجناس والمستويات ولديهم معتقدات مختلفة فأعلم يا من تمسك بالقلم أومن تطلق الكلمة أنك مسؤول عن كل ما يترتب بعد ذلك، وأعلم أنك في حال النقاش وطرح أي قضية تمثل المجتمع وتتحدث بلسان الجميع، وأنك تبحث عن الحلول لا تعقيدها، وتبحث عن الإجابة لا طرح الأسئلة، وترك علامات الاستفهام حائرة في أذهان المتابعين .

الإعلام ليس حكرًا على فئة معينة من الناس ولا يجب أن يرتبط بشكل أو لون فهناك مواصفات ومقاييس أهم من ذلك، ويجب أن يعطى المتقدم للعمل في هذا المجال الفرصة قبل البدء والظهور ولابد أن يخضع للتقييم والمتابعة والتوجيه من المختصين ذوي الخبرة وليس عيبا الاستعانة بالمتخصصين فجامعاتنا تزخر بالأكاديميين العمانيين وغيرهم من الجنسيات الأخرى فلماذا لا نستثمرهم في هذا الجانب المهم، ونترك لهم الدور لصقل العاملين في قطاع الإعلام بعيدا عن فلان أكمل30 سنة من الخبرة وما يقوله صحيح وغيره خاطئ، فقد يكون فلان طوال الثلاثين عاما لم يطوّر من نفسه فقط هو تكرار المفهوم القديم لديه علمًا أنّ الإعلام علم متجدد .

أتمنى قبل إعطاء هذا الترخيص لمزاولة هذه المهنة أن يدخل المتقدم وينخرط في دراسة ميدانية وعلمية لصقله من أجل إتقانها لتتحول من مرحلة الموهبة إلى الاحترافية في العمل، ونترك مواصفات الصوت والشكل ومخارج الحروف للمختصين في الاختيار قبل البدء وقبول المتقدمين، فهذه المهنة أو الحرفة يجب ألا يستهان بها وأن نكون دقيقين في اختيار من يعمل بها، فما نقرأ من بعض الكتاب وما نسمع ونشاهد من بعض المذيعين يدل على (خذوه فغلوه) فأصبح إمّعه لا يعرف ماذا يقول ومتى يقول وكيف يقول وأين يقول ولماذا يقول ولمن يقول، دعونا نرتقي بإعلامنا لأنّه مصدر ثقافتنا ومؤسس لأجيالنا القادمة فهو القدوة التي نقتدي بها (رفقا بإعلامنا وارحمونا ممن دخلوا عليه بحجة الموهبة، واستمروا في تخبط) ولننشئ جيلا قادرا على حمل الرسالة فالإعلام أمانة والإعلامي لا يمثل نفسه بل يمثل الوسيلة المنتمي إليها والوسيلة باسم البلد المنتمية إليه.

تعليق عبر الفيس بوك