المسؤولية بين الوجاهة والمهنية..!

سالم العريمي

المسؤولية حق جمعي وتحملها يتطلب الوفاء بكل تلك الحقوق المجتمعية وقد جاء الخطاب السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - الموجه لكبار رجال الدولة في 15/5/1978 حاثًا وموجها حول المسؤولية حيث قال جلالته: "إنّ الوظيفة تكليف ومسؤولية قبل أن تكون نفوذًا أو سلطة" وهي هنا ترتقي لمرحلة الأمانة، وبالتالي يشترط الالتزام بها من خلال العمل على أدائها بكل دقة، والمحافظة على مجمل عناصرها وهي ذات بعدين الأول: شخصي وهو أن يكون الفرد مؤهلا لتحمل تلك المسؤولية من الناحية الأخلاقية والمهنية والبعد الثاني: قانوني يتمثل في أهليّته القانونية وتوافق الشروط عليه، لذا فهي تعد من القيم الإنسانيّة وعرفها مجمع اللغة العربية أنّها :"شعور الإنسان بالتزامه أخلاقياً بنتائج أعماله الإدارية فيحاسب عليها إن خيراً وإن شراً"، وبالتالي لابد أن ندرك بأنّ المسؤولية تكليف قبل أن تكون تشريف، ومن هنا فإنّ تعاطي بعض المسؤولين معها على أنّها تشريف ووجاهة متباهين بها، يعد قصورًا في مستوى فكرهم فيبتعدون عن تغليب المصلحة العامة بتقريب من هم يتوافقون معهم ويطيعونهم ويبررون لهم أخطاءهم ويوافقونهم عليها ويغلب على تصرفاتهم الفوقيّة والسلطويّة والفردية في اتخاذ القرار فتكون ردات الفعل لذلك القرار سلبيّة لأنّه استند على اجتهادات فرديّة وغلبت عليه السلطة وابتعد عن المرجعيّة القانونيّة فانتشرت ثقافة الشللية وانحرف التكريم للفئوية وانعكس ذلك على ثقافة الالتزام باللوائح والأنظمة، فسلك بعض الموظفون طرقًا للتحايل على الانضباط والمواظبة فكان الأداء العام للمؤسسة متراجعا في المبادرات والأفكار التطويرية واستندت منهجيات العمل على اللجان العشوائية والاجتماعات الإعلاميّة بدلا عن العمل المؤسسي الذي تكون منهجيّته التخطيط والعمل وفق الأولويّات والتركيز على استغلال الكوادر وتوظيف مهاراتها دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى؛ في المقابل فإنّ النظر إلى المسؤولية من الجانب المهني تجعل من ذلك المسؤول القدوة في تمرير توجهاته بدعم العمل على أساس توظيف الكفاءات واستغلالها وفق منهجية عمل تعتمد على وجود رؤيا واضحة تشاركية تترجم إلى استراتيجيات عمل تدعم ثقافة المبادرات، وتؤسس للتفويض وتضع معيارًا لمستوى التفوّق والنجاح يكون المحك في آليات التكريم، وتكرس العمل التعاوني وتتبنى النجاح الجماعي، وتضع في أولوياتها المهمة الأساسية التي أُنشئت من أجلها المؤسسة متجاوزه المصالح الشخصية لحساب مصلحة الوطن كوننا في مرحله نحن في أمس الحاجة فيها إلى مسؤولين مهنيين ينتقلون بمؤسساتنا إلى التطور في مستوى خدماتها بعد ما أضحت تلك المؤسسات مكتملة من الناحية الكمية.

salim.alarimi@moe.om

 

تعليق عبر الفيس بوك