ليبيا.. والأمل المنشود

علي بن سالم كفيتان

بالأمس شاهدنا بواعث الأمل تعود إلى العاصمة الليبية بوصول رئيس حكومة الوفاق الوطني وأعضاء حكومته إلى طرابلس وكلنا أمل أن تكلل مهمتهم غير الصعبة بالنجاح لترميم الوضع الليبي، بعيدا عن التجاذبات السياسية والتأثيرات الإقليمية والدولية ففي النهاية الشعب الليبي يستحق الاستقرار والأمن والعيش الكريم.

يجب أن يعلم جميع الفرقاء في ليبيا بأنّه لا يمكن أن يحصل كل منهم على السقف الذي يريده في ظل الظروف الحالية، ولذلك فإنّ الحل الأمثل هو التوافق على ما يمكن الاتفاق عليه للملمة ما تبقى من الوطن الجريح، ليبيا بلد لا تنقصه الموارد الطبيعية، ولا الموقع الاستراتيجي، ولا العقول النيّرة فالشعب لديه مخزون من العقلاء والمفكرين والسياسيين المحنكين، ناهيك عن الشباب المتقد لمستقبل أفضل وكما قال معالي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية العماني (يجب أن نلتمس العذر لبعضنا البعض) .

في الوقت ذاته ينتظر جميع المهتمين بالشأن الليبي أخبارا مفرحة من أرض اللبان (صلالة) حيث يجلس مندوبون من جميع أطياف المجتمع الليبي لصياغة دستور جديد للبلاد، ولدينا يقين بأنّ السلطنة وفرت الأجواء الملائمة لهذا الحدث المحوري من حيث بناء أجواء الثقة بين المتحاورين وتوظيف كل الإمكانات لكي يتفقوا على وثيقة الدستور المرتقب والذي بلا شك سيكون الحلقة الثانية الأهم بعد وصول حكومة الوفاق الوطني إلى طرابلس.

لا شك بألا أحد يحب ليبيا مثل الليبيين أنفسهم ولا شك بأنّهم جربوا الفراغ في السلطة وما ترتب عليه من تبعات ثقيلة، تستوجب أن يتحد الجميع لردم هذه الهوة العميقة عبر التماس العذر للجميع، وإبداء روح التسامح والوفاق لليبيا الجديدة في ظل وضع دولي لا يوحي بإعطاء المزيد من الاهتمام نظرًا لكثرة القضايا المنظورة في أروقة الأمم المتحدة وفق أولويات لا تستجيب بالضرورة لطموحات الشعب الليبي. ومن هذا المنطلق لا مناص أمام الليبيين إلا التوافق لإنجاح حكومتهم الوليدة ودستورهم الجديد.

قد يخطئ من يعتقد أنّ العالم الغربي ينظر لقضايا العالم العربي من الجانب العاطفي أو الإنساني البحت. فبحسب المعايير السائدة في عالم اليوم تطغى خيارات المصالح المشتركة على كل الخيارات الأخرى وللأسف لا زال الكثير من المثقفين والساسة في العالم العربي يعيلون على البكاء في أروقة المنظمات الأمميّة والإقليميّة والاتحادات الغربية من منطلق عاطفي لا يعيره هؤلاء الاهتمام الذي نتوقعه نحن، فالحلول تأتي من الداخل أولا وفق أرضية راسخة من الشعوب ومن ثمّ تأتي معركة إقناع العالم المادي الخارجي بهذه الحلول.

إنّ الخيارات المطروحة لحل الأزمات في الدول المتوترة تتفق مع مصالح الدول التي تطرح تلك الحلول وليست بالضرورة لمصلحة الشعوب التي تكتوي بنار التمزق والحروب، وهنا نشد على يد الإخوة في ليبيا سواء الذين يتحاورون في صلالة أو من وصل منهم للعاصمة من أعضاء الحكومة الوطنيّة لتعظيم خيار الحل الداخلي لمشاكل بلدهم، وعدم التعويل كثيرًا على الخارج، ومما لاشك فيه أن الآخرين سيصفقون طويلا عندما تنجح الحكومة ويتم إقرار الدستور الجديد.

في عمان قال الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية نحن مررنا بتلك الظروف ولم نجد مناصا إلا عبر لغة التسامح والعفو التي أرساها جلالة السلطان -أبقاه الله-وأن نلتمس العذر لبعضنا البعض.. وهذا ما نرى أنّه مدخل لوفاق عام في ليبيا.

حفظ الله عمان وحفظ جلالة السلطان.

alikafetan@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك