المؤسسات التعليميّة وصناعة القائد الشاب

خلفان العاصمي

أصبح الاتجاه نحو تعزيز دور القيادات الشابة، المؤثرة، والمتفاعلة مع ما حولها من أحداث اتجاها عالميا وعنصرا من أبرز عناصر الإدارة الناجحة للكثير من المبادرات والبرامج، حيث تولي الكثير من دول العالم المتقدمة أهمية كبرى في تأهيل وتدريب الشباب على تولي زمام القيادة والمبادرة في مختلف مجالات الحياة العلمية والعملية، وتركز على أهمية صناعة القائد الشاب الذي يمتلك الكثير من المهارات التي تؤهله لذلك، وفي السلطنة بدأت بعض المؤسسات المعنية بالشباب كاللجنة الوطنية للشباب ووزارة الشؤون الرياضية وبعض المؤسسات التعليمية والمؤسسات الشبابية الأهلية في تبني برامج لصناعة القائد الشاب وتنمية الكثير مما يحتاجه سواء في المجال المهاري أو المجال المعرفي والبنائي لشخصيته القيادية التي يعول عليها الكثير بأن تكون مؤثرة وقادرة على صنع التغيير للفئات التي ستتولى قيادتها.

يلعب النشاط الطلابي في مؤسسات التعليم المدرسي والعالي دورًا مهما في صنع القائد الشاب وصقله وتنمية قدراته ومهاراته، وبالتالي فإنّ من المهم جدا أن تتبنى مختلف هذه المؤسسات أيًا كان حجمها أو توجهها أو نظامها التعليمي برامج وأنشطة تهدف لتنمية قدرات الشباب، وتغرس فيهم أهمية أخذ زمام القيادة ومواجهة التحديات والمساهمة في صياغة، وتنفيذ أفكارهم القيادية تحت إشراف هذه المؤسسات المنتمين لها والإسهام في رفد المجتمع بقيادات شابة ذات تأثير فعّال على أقرانهم وعلى المجتمع بشكل عام، وتنمية وتطوير الجانب التطبيقي في القيادة لدى الشباب، وكذلك تنمية المهارات والقدرات الشبابية في مجال القيادة والتفاعل والابتكار في محيط المؤسسة التعليمية، وتنمية مهارات القائد الفعال كمهارات التواصل، وأساليب الإقناع، وعملية تكوين الفرق الشبابية، وطرق التسويق لها وللأعمال التي تقوم بها، وتطوير المهارات الخطابية وفنون التواصل مع الآخرين، وتعزيز روح التواصل بين طلاب هذه المؤسسات وتوجيه قدرات الشباب وتنمية مهاراتهم وتفعيلها ميدانيًا واكتساب مهارات التخطيط والتنفيذ وقيادة المشاريع ومواجهة التحديات واتخاذ القرار وتحمّل المسؤوليّة.

على المستوى المدرسي يوجد الكثير من الأنشطة الطلابية التي من الممكن أن يكون لها دور فاعل في إيجاد نواة جيّدة للقائد الشاب إذا ما وجهت بالشكل الصحيح والفاعل ومنها النشاط الكشفي وهو أحد أقدم وأهم الأنشطة في توجيه السلوك وإكساب المهارات المختلفة، بما يحتويه من برامج، سواء كانت مرتبطة بالقيم الكشفية أو الهوايات والمواهب أو التقاليد الكشفية التي تعد نهجا يلتزم به كل منتسب لهذا النشاط ووفق قواعد وأنظمة يتم التدرب عليها وتنميتها، كذلك من الأنشطة التي تمت إضافتها مؤخرا لمجموعة الأنشطة الطلابية المدرسية نشاط الإدارة الطلابيّة وهو أحد إفرازات مسابقة المحافظة على النظافة والصحة في البيئة المدرسية، حيث يقوم الطلاب المشاركون في هذا النشاط بمهام قيادية في المدرسة منها تولي إدارة المدرسة لبعض الوقت وكذلك تمثيل زملائهم أمام الإدارة المدرسية، كما يكسبهم هذا النشاط مهارات التحدث والحوار من خلال ما يشبه جلسات المناظرة التي تتم وفق آلية محددة، بالإضافة للأنشطة الأخرى كريادة الفصول ومجالس إدارات الأنشطة المختلفة.

أمّا على مستوى مؤسسات التعليم العالي فهناك الكثير من الأنشطة التي لو وجهت بالشكل الصحيح وتمّ استثمارها بشكل أمثل فسيكون لها الأثر الفاعل في صنع القائد الشاب المنطلق من مؤسسته التعليمية الجامعية لخدمة مجتمعه الأكبر، ومن هذه البرامج الأيام المفتوحة التي تحرص الكثير من المؤسسات التعليمية وخاصة مؤسسات التعليم العالي على إقامتها في هذه الفترة ويقوم على تنظيمها الطلاب أنفسهم سواء في إطار المجالس الاستشارية الطلابية أو عبر لجان خاصة بذلك، فمع المهارات التي تكتسب من ممارسة نشاط التنظيم والإعداد والتحضير - كلها مهارات ذات علاقة بالقيادة - إلى طبيعة لأنشطة ذاتها والتي من الممكن أن تصب بعضها في هذا الجانب وإن كانت بأسلوب ترفيهي، أيضا هناك الملتقيات التي تنظم تحت مظلة وزارة التعليم العالي أو المؤسسات والهيئات الحكومية التي تشرف على هذه الكليات حيث إنّ وجود مثل هذه الملتقيات يعزز من دور النشاط الطلابي في صناعة القائد الشاب المتسلح بكل الوسائل التي تعينه على تولي القيادة وفي أي مجال كان، إذ أنّ مرحلة ما بعد التعليم الجامعي سواء سوق العمل أو خدمة المجتمع بحاجة إلى مثل هذه المخرجات القادرة على التجديد والتطوير انطلاقا من مقعد القائد.

تعليق عبر الفيس بوك