لنهدأ قليلا.. للمنتخب مدرب واحد فقط

أحمد السلماني

أُدرك يقينا أنَّ السلطنة قاطبة هي المالك الشرعي للمنتخب الوطني الأول لكرة القدم وكل منتخباتنا الأخرى وفي شتى اللعبات، وكرة القدم تحديدا لم ولن يمارسها إلا من عشقها وبدأ بدحرجتها لينتهي بالتسديد، وإن حظي بمنهجية تدريب سليمة فمؤكد أنه سيصبح أحد مشاهير اللعبة محليًّا وربما عالميًّا. ولأن كرة القدم تخصص رياضي قائم بذاته فلا يتعاطى معه سوى ذوي الاختصاص ومن له شأن باللعبة، أما جماهير وعشاق المستديرة (أصحاب السعادة) فهؤلاء لا يهمهم سوى النتائج والمتعة داخل المستطيل الأخضر، وهذا حقٌّ أصيل لهم لا بد أن يبذل اللاعبون وجهازهم الفني والإداري كلَّ ما لديهم من أجل إسعادهم كمستوى فني ونتيجة إيجابية، وما شد انتباهي أنَّ شخصيات تمتهن أو تدَّعي الفن تنتقد، والمؤسف أن منابر إعلامية تسلط الضوء عليهم.. فهل وصل الإعلام الرياضي إلى هذه الدرجة؟!

شخصيًّا.. أتفهَّم الغضب العارم وحالة الاستياء التي عمَّت الجمهور العُماني وهو يُمنِّي النفس بأن يظهر المنتخب وبثوبه الجديد بعد (الثورة) التي فجَّرها مدرب المنتخب والتغييرات الكبيرة في الأسماء أمام جوام (المتواضع)، وبفوز جاء بشق الأنفس، بل إنَّ الضيوف كادوا يقلبون الطاولة بتعادل على أقل تقدير، والصورة العامة اليوم تقول "نظريًّا، نحن خارج حسابات التأهل للتصفيات النهائية لكأس العالم، ولكن ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل"، ومن وجهة نظري الشخصية والمتواضعة جدًّا، أنَّ جوام لم يكن بالفريق السهل، وتعمَّدت أن أضع كلمة متواضع بين قوسين، الحقيقة أنني وزملاء مهنة يتفقون معي شاهدنا فريقا منظما ويمتلك قدرات بدنية جيدة، وأن غالبية أفراد منتخب جوام يلعبون في الدوري الأمريكي والنمط الأوروبي يطغى على فلسفتهم في اللعب؛ وبالتالي أرى أن نتيجة منتخبنا معهم منطقية إلى حد كبير، ويتحمَّل مسؤوليتها كاملة المدير الفني الإسباني لوبيز.

وفور إعلان المدرب لقائمة المنتخب الجديدة، قامت الدنيا ولم تقعد؛ حيث نصَّب كلُّ من في الوسط الكروي وخارجه نفسه مدربا للمنتخب، وكلٌّ جاء بتشكيلته وقبل وأثناء وبعد المباراة فجأة صار كل منا "طارق ذياب" المحلل الفني الكبير في قنوات (bein sport)، ولكن مع كل التقدير للجميع فالكلام سهل، ولكن التطبيق داخل المباراة شيء مختلف تماما، وقالها لي الدولي السابق وأحد نجوم الجيل الذهبي للكرة العمانية إسماعيل العجمي وبلسان الخبير العارف: "عزيزي، المباريات واللقاءات الدولية شيء آخر مختلف"، فبالله عليكم ماذا تريدون من مدرب ورث تركة ثقيلة من فريق مهترئ ومتهالك كان نتاجا طبيعيا لخلل كبير في إدارة اللعبة لسنين خلت ودوري ضعيف ومراحل سنية سقط ملفها سهوا أو عمدا في فترة من الفترات أن يقدم في مباراتين، وكل ما أحمله على المدرب وإدارة المنتخب أن الفريق كان بحاجة إلى مباراة ودية دولية إن لم تكن اثنتين، وهذه واحدة من سقطات المدرب وإدارة المنتخب.

أيُّها الأعزاء، لنهدأ قليلا ولنترك الرجل يعمل، فهو هو نفسه سيبني قناعاته وفلسفته التدريبية للمنتخب وما يحتاجه من أسلوب لعب وتدريب في قادم الأيام بعد موقعة طهران الثلاثاء المقبل بإذن الله؛ فهناك الاختبار الحقيقي للاعبين وللجهاز الفني للمنتخب، ووحدهم المتخصصين والمهنيين من يمتلكون حسَّ النقد الفني، خاصة اللاعبين القدامى والمدربين وأقلام رياضية أصحابها أتمنى عليهم أن يكونوا قريبين جدا من الفريق الوطني من حيث استعدادته والحرص على لقاء المدير الفني سواء في المؤتمرات الصحفية أو تدريبات ومباريات المنتخب للوقوف على الواقع.

.. وهنا همسة خفيفة لإدارة المنتخب، الإعلام الرياضي المسؤول شريكٌ أصيلٌ في دعم المنتخب، وبناء رأي ناقد وداعم للمنتخب "لو كنتم تعلمون"؛ وبالتالي فالربع ساعة التي تُمنح للمساحة الإعلامية لا تكفي لكاتب الرأي أو ناقل الخبر -فضلا عن تعديل مواقيت تدريبات المنتخب تفاديا للإعلام (هذي عاد جديدة صراحة)- حافظوا على النَّزر اليسير من الأقلام الرياضية النقية والصافية، وإلا فسيمشي المنتخب وحيدا، ورغم صعوبة المهمة فمنتخبنا لن نتخلى عنه بل هو "خط أحمر" كما قال المعلم ناصر درويش.

تعليق عبر الفيس بوك