تساؤلات عيد الأم

عهود الأشخرية

مدخل:

"لي ولك.. نجمتان وبرجان في شرفات الفلك.. ولنا مطرٌ واحدٌ كلما بلل ناصيتي بلّلك"

(محمد الثبيتي)

في عيد الأم لا بد أن أكتب.. هذا التاريخ الذي يعود إلينا حاملا ذاكرة الخبز ورائحة القهوة في أول الصبح والأغاني التي يرتفع إيقاعها بأنّ "يا ست الحبايب/ يا حبيبة"، أيّها المساء المليء بتهاني عيد الأم.. لأمهات موجودات، وأخريات يعانقن زرقة السماء؛ ماذا كنت ستقول لأمي؟

أنتِ أيتها الملاك القادم من صمت الجبال ونشوة الماء الهابط من الفضاء والذي يلمع في عيون الصغيرات حينَ يذهبن للمرح، في أي حلم كنتِ تصيغين هذا الحب المقدّس لتقدميه لنا دون سؤال؟ بكلّ هذا السلام.. "فسلامٌ عليكِ سلام العائدين من المعركة الأخيرة، سلامٌ عليكِ سلام الحَمَام الأبيض".

ما كان من فرح دونكِ فهو ناقص بالطبع، كيف لا! وبك تتفتح أبواب المدينة لشذى العابرين بها، تتفتح نوافذها للموسيقى القادمة من البعيد، وتصحو بحيرات الأغاني وأراني أردد لكل أم في العالم ليس في عيدها فقط بل في الأيام جميعها ما قاله نزيه أبوعفش: "الأزهار لم تُصنع، إنّها أحلام نفسها"؛ وأنتنّ أحلام أنفسكن وأحلامنا تمتدّ من شذاكن الذي لا يتوقف، فلا تتوقفنّ عن الحب وعن الهطول دائمًا على أرواحنا.

في عيدكِ، وإن كان لا يلزمكِ أن يكون لكِ عيد، ستتوقف المدينة لحظة لصوتك الذي ينهمر مثل قصيدة خالدة، مثلا قصيدة محمود درويش وبصوت مارسيل خليفة تحديدا "أحنّ إلى خبز أمي وقهوة أمي ولمسة أمي، وتكبر في الطفولة يوما على صدر يوم" / وتكبر الأغنية أكثر فأكثر حتى نمتلئ بها وتأخذنا موسيقاكِ إلى ضفةٍ خصبة بالأمنيات.

في عيدكِ أيضا، سأقرأ المزيد من وجوه الأمهات، وجوههن المنتشية مثل ليلة العيد في كفِ طفل وهو يحمل أمنياته نحو الفرح الجديد حين ينبثق الفجر من عينيه، ويحلّق عاليا. وجودكِ تلك النجمة المضيئة خلف الأفق والتي تمنحنا الضوء والحلم والأمل. لأنّ هنالك ضوءاً بعيدا حتمًا ستكبر الرؤى ويتضح قوس المطر بعد يوم زاخر بتفاصيل عذوبتك المستمدة من كلّ أحلام الصبايا وشغفهنّ بالأشياء.

أخيرا.. إلى أمي أنا (أمي دون مجازات!)

كان لا بد أن أكتب وأنتِ مستيقظة، لكن لا بأس هذه المرة، نامي كما ينام الطفل مأسورا بلعبته الجديدة، متعبا من الفرح.. هكذا فقط إن كنت تريدين النوم، نامي بسلام لكن لا تنسي أن تستيقظي لتمسحي على قلوبنا التائهة. استيقظي لكي تمنحي قلوبنا رغيف الحب والأمنيات. سأقول لكِ أنتِ تحديدا.. أنتِ فقط ليس لأحدٍ آخر سواكِ "لأن الثمرة سقطت كوجع في القلب.. لأن العطش إلى الحب مرٌ دافئٌ وحميمي كطفلة تبكي على رصيف مهجور./ مع كل قطرة ماء تسكبها قوافل الصحراء العابرة تنبت زهرةٌ ويضيء في المنازل المهجورة قنديل زيته روحك الطليقة في المجهول" (سماء عيسى).

فعودي إلينا.. كل ذلك الحب السماوي قادم لأجلك.. عودي لا كسحابة أخيرة؛ بل كنهر يتدفق إلى الأبد. نهر روحكِ الذي منه نعيش ومنه أيضا ستتفتح ورودنا الذابلة، وتعود الحياة للصور المعلقة في الحائط الذي لا يؤدي إلا إلى مزيد من القلق، تلك الصور الذي هرب منها الجميع وبقي ملاككِ يحرسنا إلى النهاية.

Ohood-Alashkhari@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك