أعاد الاعتراف الإسرائيلي الرسمي بـ«جمهورية أرض الصومال» إلى واجهة المشهد الدولي الجدلَ القديم حول هذا الإقليم الواقع في موقع إستراتيجي حساس بمنطقة القرن الأفريقي، وسط تصاعد الخلاف السياسي والتاريخي مع دولة الصومال.
وسلّط تقرير أعدّته أزهار أحمد وبثّته قناة الجزيرة الضوء على جذور نشأة أرض الصومال ومسار الخلاف الممتد مع الحكومة الصومالية المركزية، في ظل تباين الرؤى بين دعاة الانفصال وأنصار الوحدة.
وتُعرف أرض الصومال بموقعها الجغرافي الحيوي المطل على خليج عدن وبالقرب من مضيق باب المندب، إذ تشترك في حدودها مع جيبوتي شمالًا وإثيوبيا جنوبًا، وتبلغ مساحتها نحو 177 ألف كيلومتر مربع، ويقطنها قرابة 6 ملايين نسمة، غالبيتهم من المسلمين السنة، وينتمون إلى قبائل رئيسية أبرزها إسحاق وداروود وسمرون.
وتستمد أرض الصومال، وعاصمتها التاريخية هرغيسا، أهميتها الاقتصادية من ميناء بربرة، الذي يُعدّ شريانها التجاري الأهم وأحد أكبر موانئ خليج عدن، فضلًا عن كونه منفذًا رئيسيًا لواردات إثيوبيا.
وعلى الصعيد التاريخي، خضع الصومال للاحتلال الإيطالي عام 1887، فيما وقعت أرض الصومال تحت الاستعمار البريطاني في العام التالي، في إطار صراع النفوذ الاستعماري لحماية المصالح البريطانية في عدن ومنع فرنسا من التمدد في باب المندب.
وفي 26 يونيو/حزيران 1960، أعلنت أرض الصومال استقلالها ونالت اعتراف أكثر من 30 دولة، من بينها إسرائيل، إلا أن هذه الاعترافات لم تدم سوى أيام قليلة، بعد إعلان الوحدة مع جنوب الصومال الذي استقل بعد أربعة أيام فقط.
غير أن وصول الجيش إلى السلطة أواخر ستينيات القرن الماضي فاقم الأزمات السياسية، وفق معارضيه، بسبب سياسات قمعية، ما أدى إلى بروز حركات مسلحة أبرزها «الحركة الوطنية الصومالية»، التي أعلنت لاحقًا، بقيادة عبد الرحمن أحمد علي، الانفصال من جانب واحد عقب سقوط نظام محمد سياد بري في 18 مايو/أيار 1991.
ومنذ ذلك التاريخ، لم تحظَ أرض الصومال بأي اعتراف دولي رسمي، إلى أن أعلنت إسرائيل، في 26 ديسمبر/كانون الأول 2025، اعترافها بها كـ«جمهورية مستقلة»، في خطوة أثارت ردود فعل إقليمية ودولية واسعة.
وبحسب خبراء في الشأن الأفريقي نقلت عنهم الجزيرة، فقد نجحت الإدارات المتعاقبة في أرض الصومال في تحقيق قدر من الاستقرار النسبي والتداول السلمي للسلطة، حيث تعاقب على حكمها ستة رؤساء منذ التسعينيات، إلا أن الانقسامات عادت للظهور مؤخرًا، خاصة بعد إعلان إقليم سول انضمامه إلى الدولة الفدرالية الصومالية ورفضه مشروع الانفصال.
وفي ظل هذا الواقع، يبقى مستقبل الصومال معلقًا بين رؤيتين متعارضتين: شمال يتمسك بحق إقامة دولة مستقلة ضمن حدود الاستعمار البريطاني السابق، وجنوب يرى في الوحدة خيارًا نهائيًا ويؤكد أن الصومال كيان واحد لا يقبل التقسيم.
