الشورى.. وتطلعات الشباب

أمل الجهورية

يمثل الشباب في أي مجتمعٍ من المجتمعات الجانب الأكثر إضاءة؛ فهم طاقتها المتجددة، ووقودها الحيوي الذي يعول عليه النهوض بها من خلال استثمارٍ بشري مؤسس بالعلم والمعرفة، ومؤهل للمشاركة الفاعلة في بناء الوطن وتنميته بالحرص على الإبداع في الفكر، وترجمته من خلال سلوك قويم، وعمل نافع يمكنه التأسيس لقاعدة متينة ننطلق بها نحو آفاق التنمية التي دعانا إليها قائد البلاد المفدى ــ أبقاه الله ــ في خطابه في العيد الوطني السادس والعشرين المجيد حين قال: "...إن الشباب العُماني المتشوق إلى آفاق المجد، مدعو اليوم إلى أن يتخذ من أجداده الميامين قدوة طيبة في الجد والعمل، والصبر والمثابرة، والعزم المتوقد الذي لا يخبو ولا يخمد، وإلى أن يؤمن ــ كما آمنوا ــ بأن العمل المنتج، مهما صغر، هو لبنة كبيرة قوية في بناء صرح الوطن، تشتد بها قواعده، وتعلوا بها أركانه... "

ومن أجل الشباب كانت العناية السامية من قبل حضرة صاحب الجلالة ــ حفظه الله ورعاه ــ بقطاع الشباب مُنذ بواكير النهضة المباركة تجسيداً يقظاً، وفهماً عميقاً للعلاقة بين النهوض بالوطن من جهة وتواجد الشباب في تفاصيل الدولة الحديثة من جهة أخرى؛ فوجود المجلس الأعلى لرعاية الشباب وعام الشبيبة، في مطلع الثمانينيَّات، وعام الشباب في التسعينيَّات، والبرامج الحكومية الموجَّهة لدعم الشباب والوقوف إلى جانبهم - تأهيلاً، وتدريباً، وتبنياً لأفكارهم وتطلعاتهم- وتوالت المكرمات بصُدور المرسوم السلطاني رقم (117/2011) بإنشاء اللجنة الوطنية للشباب وإصدار نظامها؛ وبعدها تخصيص يوم 26 أكتوبر من كلّ عام يوماً للشباب العُماني، وتستمر الجهود بدعم وتبني اللجنة الوطنية للشباب للكثير من المبادرات الشبابية، والعمل على إعداد الدراسات والبحوث التي من شأنها الارتقاء بقطاع الشباب في السلطنة التي خلصت إلى توصيات هامة في الفترة الماضية منها وضع استراتيجية إعلامية متكاملة تقوم على تفعيل وتمكين المشاركة المجتمعية للشباب العُماني عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ودعم ومساندة المجموعات الشبابية الناشطة على شبكات التواصل الاجتماعي، والتي لها دور فاعل في خدمة قضايا المجتمع، هذا إضافة إلى تناول الكثير من القضايا الخاصة بدعم بتعليم الشباب وتوفير فرص العمل لهم.

وتأتي الجلسة الحوارية "الشورى.. وتطلعات الشباب" التي ينفذها مجلس الشورى ممثلاً في لجنة الشباب والموارد البشرية التي تضع في قائمة أهدافها إيجاد حوار بين الشباب والمجلس والجهات المختصة بوجود اللجنة الوطنية للشباب؛ لتؤكد من خلاله عناية المؤسسات البرلمانية بالشباب، وفتح نوافذ للحوار، وإيمانها العميق بأنّ هذا الأمر يعد من الجوانب الهامة جداً اليوم، لاسيما أننا لا نعيش بمعزل عن ما يشهده العالم من تطورات متسارعة في مختلف المجلات، وما تشهده ثورة المعلومات من تدفق معرفي، وما تتيحه منصّات التواصل الاجتماعي من مساحة للطرح وتبادل الأفكار ومجالٍ واسع ليسَ للتذمر والشكوى بقدر ما يحمله من رغبة جادة في التغيير والتطوير في واقع الشباب، وإحساساً بالمسؤولية تجاههم، وقناعةً بالدور الذي ينبغي منهم القيام به تجاه هذه الفئة.

إنّ الكثير من الطموحات بدعم مشاركة الشباب في العملية البرلمانية قد تحقق نتيجة ماشهدته المرحلة الحالية لمجلس الشورى من مشاركة جادة للشباب في العملية الانتخابية كمترشحين، ومرشحين ولمسنا هذا الجانب من خلال الدفع بمجموعة من الشباب الطموح يتواجدون اليوم تحت قبلة البرلمان ممثلين عن تطلعاتهم، ومتبنين للكثير من الأفكار التي من شأنها أن تغير واقعهم للأفضل، ومع يقينٍ بالدور والتغيير الذي يمكن أن تحدثه هذه الفئة؛ فإنّ هناك كثيرا من المواضيع التي من المهم أن تطرح اليوم، وتوسع من دائرة الاهتمام بفكر الشباب ومن أبرزها، وجود برلمان للشباب يمثل أفكارهم، وكذلك الالتفات بعناية لعدد من المواضيع التي طالبوا بها مسبقاً كصندوق الزواج الذي طال انتظاره، هذا إضافة إلى دعم مجال تعليم الشباب بشكل أكبر من خلال تعزيز فرص تواجدهم في مؤسسات التعليم العالي لاستكمال دراستهم الجامعية، ووضع الخطط الاستراتيجية لنوعية التعليم الذي يساهم في توفير الفرص الوظيفية المناسبة لهم، ووضع حلول كفيلة بعملية توظيف الشباب؛ لأنّ الاستقرار الوظيفي للشباب عامل هام في تحقيق الاستقرار النفسي والاقتصادي والاجتماعي لشبابنا، وبالتالي التقليل من المشاكل الاجتماعيّة في المجتمع، ولا يغيب عن المشهد موضوع توجه الشباب العماني للابتكار والإجادة في الكثير من المجالات العلميّة والأدبيّة وهذا الأمر يحتاج إلى وقفة جادة من خلال إيجاد آلية مقننة لدعم وتبني مبتكرات الشباب للحفاظ على هوية تلك الابتكارات وعدم خروجها خارج محيط الوطن، ووجود المسابقات التي من شأنها أن تعزز روح التنافس في هذا المجال.

كثيرة هي الآمال والطموحات التي نُعولهَا على مثل هذه الجلسات الحوارية، وعلى الدراسات والمقترحات التي تتبناها لجنة الشباب والموارد البشرية بالمجلس في دعم الشباب العُماني الطموح، وعديدة هي المقترحات، التي نأمل أن تستشرف النور بالمتابعة الجادة؛ لتكونَ واقعاً ملموساً بمشاريع وطنية ينهل شبابنا من معينها ما يدفعهم للمساهمة في بناء عمان بالمستوى الذي يوازي الثقة الكبيرة التي وضعت فيهم.

Amal.shura@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك