رحلة بدون تذكرة عودة

إبراهيم الخروصي

مُنذ أيام وقع بين يدي كتاب لشاب إسباني اسمه بابلو اولوندريز، يحكي فيه عن مغامرته بالسفر إلى عدة بلدان بمبلغ محدود جدًّا لا يتجاوز ٢٥٠٠ يورو، ولمدة ثمانية أشهر، وهذا من المستحيلات بالمبلغ الذي أدَّخره لذلك. كان لدى هذا الشاب رغبة جامحة للسفر واكتشاف أماكن جديدة، علاوة على أمر آخر في غاية الأهمية وهو اختبار قدراته والتوغل في دواخل نفسه البشرية بشكل أكثر عمقا، كل ذلك لم يكن ليتحقق في بلده ووسط عائلته وأصدقائه، لذلك بعد أن أنهى دراسته الجامعية أعد خطته وحزم حقائبه. الطريف في الأمر أنَّ عُمان كانت هي وجهته الأخيرة بعد ماليزيا وتايلند، الكتاب يحوي العديد من التفاصيل والأحداث الملهمة، وكيف أنه كان يعمل في كل بلد يزوره على توفير احتياجاته الرئيسية التي لا تتجاوز السكن والأكل فقط، خلال هذه التجربة اكتشف بابلو قدرته على التخلص من رغباته الاستهلاكية واكتفاءه بالحاجات الأساسية التي تبقيه على قيد الحياة مُستمتعا بالحوارات اليومية مع السكان الأصليين للبلدان التي قام بزيارتها، مُتعرِّفا على عادات الشعوب، دافعه الأول أن يتعلم شيئا جديدا كل يوم.

العديد من الناس يتملَّكهم الخوف من التغيير (فوبيا)، وهو عامل أساسي لعدم التقدم في سلم النجاح بشكل عام، وقد قام علماء النفس بإيعاز هذا النوع من الفوبيا إلى عدة أسباب؛ منها: الخوف من المجهول أي أنك لا تملك المعلومات الكافية أو ليس لديك توقعات واضحة عن التغيير الذي من المفترض أن تقدم عليه، كذلك الخوف من الفشل والذي قد يكون له تأثير مباشر على الصورة المثالية للشخص؛ لذلك في العادة نتجنب أي تغيير بسبب مخاوفنا من آلام الفشل على الرغم بأن الفشل هو الطريق الوحيد للنجاح. ومن المثير للدهشة أن الخوف من النجاح سبب مهم يمنعنا من التغيير، فإن الصورة النمطية للناجحين بأنهم لا يملكون أصدقاء أو أنهم يفتقرون للقيم والمبادئ يدفعنا لتجنب النجاح.. الخوف من الخسارات المترتبة على التغيير كفقدان الأصدقاء أو الدخل الثابت أو المنصب الحالي، كذلك فإنَّ الإنسان بطبيعته روتيني ونمطي؛ لذلك يخشى الابتعاد عن منطقة الراحة والانطلاق إلى أماكن مجهولة بالنسبة له.

الخوف من التغيير يعدُّ أكبر عائق يمنع الإنسان من تطوير حياته الشخصية والعملية؛ لذلك فإنه من الضرورة أن يستكشف الإنسان نفسه الكامنة وقدراته، إضافة إلى العوائق التي تحول دونه والتغيير، ومن المعروف أن التقدم والتطور من سنن الحياة والبحيرة الراكدة دائما ما تكون بيئة سيئة للحياة، أن تضع خططا وأهدافا طويلة وقصيرة المدى والعمل على تنفيذها بدون تأجيل أو مماطلة هي العامل الرئيسي الذي يشترك فيه اغلب عظماء البشرية.

Ibrahim.alkharousi@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك