أيَّها العرب.. لا تضيعوا في لعبة الأمم!

حَمَد العلوي

لقد أُشعلت بقاع العُرب ناراً.. تُرى لأجل من هكذا تفعلون؟! لا تقولوا طاعة للرحمن، والدم يفور من جماجم الأطفال.. لا تقولوا للدِّين الإسلامي؛ لأن قُلتُم ذلك فأنتم حتماً كاذبون، لأن القدس تناديكم كل يوم، ألا تسمعون نداء القدس الشريف، وهو يستغيثكم من جور بني صهيون؟! عجباً ما أصمَّ آذانكم عن السَّمع، وأبصاركم عن الرؤية كل هذا الزمان، أم شغلتكم حروبكم البينية، فأنساكم الشيطان طاعة الله عن أهم شأن؟! وهو تحرير فلسطين، وتخليص القدس العظيم من براثن الطغيان الأليم.

أرجو المعذرة على ما كتبت في الفقرة الأولى، فقد نسيت بل تناسيت أن عرب اليوم، هم ليسوا عربَ زمان، لقد أضحى المعقول غير معقول، والعدو صديقا حنونا، ولقد عُلِّمنا في المدارس -خطأ- أنَّ القتل بغير حق حرام، وأن الشهادة لمن حارب في سبيل الله، ذَوْد عن الشرف والأوطان، فهو مجرد كلام في كلام، وأن المصحف الشريف اُسِيء فهمه، وأنه يحتاج لتصحيح من إمام، يُفِّسره ويُفصِّله على هوى حكام العُربان بالقياس والمقام، لكي يُوضِّح لنا كأمة تابعة له، إن المسلم يكون مسلماً بحكم المذهب، وإن اليهود الذين يحتلون فلسطين، ويدنسون القدس، ليسوا أعداء للإسلام والدين، بل هم أصدقاء يا من كنتم عنهم غافلين، فعلاً أمرٌ عجيبٌ غريبٌ بهذه الغفلة، ونكران محبَّة بني صهيون الأحباب.

لقد أصبحتْ حروب العرب البينية، أَوْلَى من كل شيء بين الأصحاب، ويمكن إضافة ملحق خاص لإيران، هذه الجارة المسلمة لا يجوز إغفال أمرها، وذلك من باب البر بالجار، وأيضاً بسبب اعتمادها على ذاتها دون الغرب، ومخاصمة إسرائيل وإزعاجها لها دون داع من الأسباب، ولم يبق الكثير حتى تُنجز المهمة، فليبيا انتهت إلى تباب فحولت لمجهول المجهول، والعراق مشتعلة ورأسها سُلِّم للطائفية بلا حساب، وسوريا دُمِّرت، ومعول الهدم لم يرفع بعد، ولبنان يُراد إدخالها الدوامة من جديد، حتى يسهل بلعها، ولكن الرؤية غير واضحة، ربما بسبب حكمة وقوة "حزب الله"، ومصر تحت الخطر وعلى نار هادئة، واليمن تم إرجاعه إلى الوراء خمسين عاماً، أو أكثر.. والقادم للأسف أسوأ، والسعودية عندما تنتهي المهمة ستقسَّم إربا، والمشروع موجود في كواليس الأمريكان، فقط ننتظر الرئيس الذي ستختاره المخابرات الأمريكية.. لتنفيذ المهمة، وكله مسألة وقت وتُعلن دولة إسرائيل من النيل إلى الفرات.

... إنَّ المواضيع المرتبكة في المنطقة، قد جرَّت أصحاب المصالح إلى الساحة العربية، وأصبح العرب مثل الأيتام القُصّر على موائد اللأم العُسَّر، وكل واحد يبحث له عن وكيل شرعي.. يتولى أموره، بحيث يُهيئ له طرف في هذه الحديقة العامة، لكي يلعب بحريته، وضمن حدود معينة للعبته. هزُلت والله مطاياكم أيها العُرب المخذولون، فإمَّا أن تعلنوا الخيانة العظمى للوطن والأمة العربية والإسلامية، وإمَّا أن تعلنوا فشلكم في القيادة لبلادكم العربية، وإدارة مصالح الشعوب بغير معونة خارجية، وليس لكم والله من وجهة ثالثة تتجهون إليها، بعد هذا الذِّل والهوان، وقدرتكم على قتل الشعوب العربية، وذلك في غزواتكم العبثية؛ ليست شجاعة ولا حمية، حتى وإن شرَّع لكم علماء الشيطان شِرعة بسفك الدماء الزكية، فإنهم سيتبرؤون من كل ذلك، كما تبرأوا اليوم من مخافة الله في شرعه، وإذا أردتم فحص عقيدتهم، أوقفوا المال المُفسد عنهم، وسترون حقيقتهم وخبثهم.

إنَّ السؤال الذي يطرح نفسه اليوم، ألا من عقلاء في هذه الأمة يستطيعون قول كلمة "كفى" لهذا الظلم والاستهتار في حق الشعوب العربية؟! ولكن هذه الشعوب للأسف بعضها قد دُجِّن ورضخ إلى هذا القدر من الخنوع والذل، بل الأخطر من ذلك كله، أن هذا البعض من الناس للشعوب العربية، أصبحوا يتلقون المعلومة والمعرفة والتعليمات من وسائل الإعلام الموجهة، وكأن ليس لهم عقول يفكرون بها، فيميزون بين الغث والسمين، وقد أصبحوا أيضاً كالببغاوات محللين سياسيين وناقدين، بل ومنظرين ومسوقين لأخطاء الحكام، والساسة المأجورين، فأصبح الإعلام يحذرهم من الخصوم السياسيين، وذلك بعدما يُوسمهم بالكفر والفسق والضلالة، وإن المختلف معهم، عميل ليس لإسرائيل كما كان زمان، وإنما عميل لإيران، وهذا عميل سيئ فقط، أما إذا قيل عنه إنه عميل لـ"بشار" فهذا أسوأ درجة، وإذا كان عميلاً لا يُطاق، فهو عميل لـ"حزب" الله و"أنصار الله" و"حماس"، وهذا ليس له توبة، وإذا كان عميلا خطيرا جداً، فإنه ينسب إلى كل ما ذكر في القائمة.

فقد أصبح اليوم أي خصام بين شخص وشخص، لا بد أن يُطعَّم بالعمالة إلى الجهة الأبغض إلى هوى النفس، والإنسان يكتشف فجأة أنه في الموقع الخطأ، فالأعداء يحيطون به من كل حدب وصوب، رغم أنَّ هذا الكلام، وهذه المعتقدات والقناعات، كانت قبل سنوات قليلة مختلفة شديد الاختلاف، فعلى سبيل المثال، كان العراقي أخًا للعراقي، والسوري أخًا للسوري، واليمني أخًا لليمني...إلخ، ولكن اليوم أصبح العرب يفضلون أخوَّة إسرائيل على عدد كبير من العرب، فهل يُمكن أن نُسمِّي الوضعَ العربيَّ وضعاً طبيعيًّا، أم أننا نُمثِّل أمة فقدت رُشدها، وضاعت في لعبة الأمم من غير أن تدري، وتسير نحو الكارثة الحتمية، وليس لأحد من عزاء في أحد، فيما حصل لنا من سوء المتقلب، وسوء المصير؟! فذلك وربي بسبب الابتعاد عن الدين وطاعة الخالق الكريم، وأستغفر الله العظيم، وأتوب إليه من هذا المآل الأليم.

تعليق عبر الفيس بوك