الوتر الحساس

عيسى بن علي الرواحي

لا يخلو أيُّ وطنٍ من قضايا وهموم وتحديات يواجهها بين الفينة والأخرى، لكنها تختلف من وطن إلى آخر بين تنوعها وتعددها وتجددها، كما أنّه تتباين سياسات الحكومات في طرق مواجهة قضاياها والتغلب عليها، وتتعدد كذلك الآمال والرؤى التي يتطلع إليها الوطن والمواطن لتحقيق حياة أفضل وعيش رغيد.

وليست الكتابة فيما يهم الوطن أو المواطن مجرد هواية أو شَغْلٍ لأوراق الصحف والمواقع الإلكترونية، وإنما هي أمانة ومسؤولية على عاتق أصحابها، خاصة وأنّ الكتابة ذات أثر كبير وصدى واسع وأكثر انتشارًا وأدوم بقاءً، ومما ينبغي التأكيد عليه أن اﻷرواح بكلمة الحق تُقدم فداءً للوطن، ولا يتعارض حبُّ الوطن كما يظن كثيرون مع نقد السياسات الحكومية وإبداء الملاحظات الجوهرية والمُطالبة بالحقوق ورفع التظلمات ورفض الظلم وقول الحق، بل تلك هدايا ثمينة يُقدمها الكاتب المخلص والناقد البنَّاء والناصح الأمين للوطن.

وانطلاقاً من أمانة الكلمة، والإحساس بمسؤولية الكتابة ودورها الإيجابي الملموس على مختلف الأصعدة، وأملاً في أن تكون كلمتنا دعوة خالصة إلى الله، صادقة في حب الوطن، ملامسة شعور المواطن، ومع استمرار فعاليات معرض مسقط الدولي للكتاب؛ فإنني أضع بين يدي القارئ الكريم كتاب (الوتر الحَّساس) الذي ضمنته مجموعة من القضايا التي تعني الوطن والمواطن، ففيه من المواضيع التي تتناول بعض الظواهر الاجتماعية والسلوكية داخل المجتمع أملاً في القضاء عليها، وفيه من المواضيع التي تُعتبر بمثابة رسائل توجه إلى جهاتٍ معينة بالحكومة رجاء تنفيذها، وفيه من المواضيع التي تشيد بسلوكات محددة أو فئات مُعينة داخل الوطن العزيز رغبة في تعزيزها واقتفاء سيرها.

يقع الكتاب الذي نشرته روائع نور الاستقامة في 176 صفحة ويضم بين دفتيه أربعين موضوعاً نشرتها سابقاً بجريدة الرؤية العمانية بين عامي ( 1434 ـ 1437هـ ـــ 2013-2015م) ويتصدر هذه المواضيع كلمة تقديم لسعادة عبد الله بن حمود الندابي عضو مجلس الشورى مُمثل ولاية سمائل وقصيدة شعرية للأستاذ عيسى بن محمد الرواحي.

ونظرًا لكون كثير من المواضيع المنشورة تحكي واقع القضية وقت نشرها؛ فقد كان من الأهمية بمكان أن يتم تدوين تأريخ النشر بالجريدة، وهذا ما سيلاحظه القارئ الكريم نهاية كل موضوع. ومما لابد أن أشير إليه أن جميع ما تمّ تدوينه إنما يُعبر عن وجهة نظر كاتبه التي يحق للقارئ الكريم قبولها أو رفضها، لكنني سعيت جهدي واستفرغت وسعي أن تكون كلماتي مبنية على أسس علمية مستندة على أدلة حقيقية بعيدة عن كل ما يُؤثر على مصداقيتها أو محاكاتها لأرض الواقع.

ولا ريب أنّ كل عمل بشري يعتريه النقص والعجز والقصور، كما أنّ من صفات البشر السهو والخطأ والنسيان، معتذرًا إلى القارئ الكريم عن كل هفوة زلّ بها القلم، آملاً أن يعيش جوا وطنيا وحسا اجتماعيا وشعورا نبيلا وهو يقلب صفحات هذا الكتاب، شاكرا كل صاحب فضل أسهم في إخراج ونشر هذا العمل، وقبل ذلك وافر الشكر وعظيم الامتنان إلى أسرة تحرير جريدة الرؤية الغراء على تكرمهم بنشر ما أفاض به الوجدان وخطه القلم وعلى رأسهم الأستاذ العزيز المُكرم حاتم بن حمد الطائي رئيس التحرير، وكلمة الشكر موصولة إلى كل من أخذ بأيدينا نصحا وتوجيها وإرشادا، سائلا الله تعالى أن يجعل أقلامنا سَّيالة في كل قضايا الحق والخير والفضيلة، وكل ما يسمو بالوطن والمواطن إلى الرفعة والرقي والرخاء والازدهار، وأن يكون ما خطته أقلامنا شاهدًا لنا لا علينا، وفي ميزان حسناتنا في حياتنا وبعد مماتنا، والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.

issa808@moe.om

تعليق عبر الفيس بوك