المؤتمر الصحفي السنوي لوزارة النقل والاتصالات

حمد بن سالم العلوي

للمرة الثانية أحضر المؤتمر الصحفي السنوي لوزارة النقل والاتصالات، فهذه المرة عُقد هذا المؤتمر في واحدة من بواكير مطار مسقط الحديث بالسيب، فقد كان اللقاء في قاعة الهيئة العامة للطيران المدني، وكعادة معالي الدكتور يُجلس بجواره وكلاء الوزارة، وهي في الواقع تضم مجموعة وزارات في وزارة واحدة، فلا يهول معاليه تشعب الخدمات التي تقوم بها وزارته، لأنّ المسؤول القوي لا ترعبه تلك التشعبات، وإنما يُضفي عليها من فكره وإبداعه هيبة الحكمة، لا رهبة السلطة كما يفعل البعض، والقائد الناجح لا يغفل نجاح أركانه ليُكبر من شأن ذاته، وإنما يَكبرُ بهم ومعهم، ويجمعهم سوياً التقدير والاحترام المتبادل بينهم، فالحمل مشترك والنجاح للوطن، ومعالي الدكتور لا يجد غضاضة في أن يكون هو نفسه مذيع الحفل، إذن لا قيمة للصدارة أمام الموضوعية، ولا ضرورة لـ"البريستيج" والتكلف.

إنّ هذه المقدمة التي أوردتها، لا أريد التقرب بها زلفى لوزارة النقل والاتصالات، وأنا الذي كنت اكتفي بالصمت كعلامة للرضا عن أية جهة ما، ولكن هنا حتّم الواجب أن أوغل في الإطراء لوجود الفارق بالتميز، والمؤتمر السنوي لهذه الوزارة يُعد القليل النادر بين بقية الوزارات التي دأبت على عرض إنجازاتها سنويا بهذه الطريقة الشفافة، وهذا هو الواجب الذي يغيب عن أذهان الكثير من المسؤولين، حيث يفضل البعض الاستمتاع بهيبة السلطة، فتنسيه تلك الهيبة الواجب المقدس تجاه الوطن.

إنّ هذا السلوك الحميد في العمل، الذي دأب عليه معالي الدكتور الوزير، وذلك بعرض منجزات وزارته بمعاونة كبار المسؤولين في الوزارة على مختلف هيئاتها، وقد أسند إليها دور كبير في وضع البنية الأساسية لمتطلبات قيام الدولة الحديثة، فالطرق والموانئ والمطارات والاتصالات، كلها تُعد اليوم ضرورة مُلحة، بل هي تُعد من أهم شرايين الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، فأن يجمع كوكبة من جمهور الصحافة والإعلام، لإطلاعهم بما تمّ إنجازه أو مخطط لإنجازه في قادم الأيام، إنما يمثل فكراً متحضراً لا تقوم به إلا الدول العصرية، والدول التي تحترم شعوبها وتعمل على رفاهيتهم وتقدمهم.

إنّ ذلك يُعد اقتداءً بنهج حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس المُعظم - حفظه الله ورعاه -، حيث نجد أنّ جلالته يُخاطب الشعب العُماني في مجلس عُمان، وتارة أخرى يذهب بنفسه إلى المجتمع للتحدث معه مباشرة، وذلك من خلال جولات جلالته السامية على المحافظات والولايات، فيجلس مع المواطن وجهاً لوجه في حوار أبوي قلّ نظيره في هذا الزمان، وإن ما يفعله المسؤول القوي يتوافق ورغبة القائد المفدى، فقد صرح عن هذه الأمنية في حديث صحفي لجريدة أجنبية ذات مرة، فقال إنّه يتمنّى على المسؤول المكلّف، أن يتصرّف في مؤسسته وفق النظم والقوانين، ومن ذات نفسه دون أن ينتظر التعليمات والتوجيهات في كل مرة، وإذ يعجب المرء من سلوك بعض المسؤولين، عندما يظل في حيرة ينتظر التوجيهات والتعليمات حتى يقوم بواجبه المكلف به. إذن هناك فوارق واضحة بين المسؤول القوي والضعيف، ولا أقصد بالقوة البطش والفظاظة، وإنما القوي بالمعرفة والإدارة الحكيمة، فنرى بعض المسؤولين يقومون بدور الحارس الأمين على مؤسساتهم، وليس في ذلك غضاضة وهو المطلوب، ولكن يظل دوره ناقصاً في إدارة المؤسسة، أو الجهة التي أوكلت إليه، فيُدخل مؤسسته في بيات شتوي عميق، فلا يُقدم ولا يُؤخر شيئاً فيها، فتظل مؤسسته تراوح مكانها، ويُسلّمها عند خروجه منها، كيوم استلمها قبل سنوات طوال، وهناك المسؤول الضعيف، الذي يعتبر المؤسسة التي أوكلت إليه إدارتها ملكه الخاص، فيعبث في مقدراتها، ويُعطل إداراتها، ويحول كل شيء إلى إدارته المركزية المركزة، فحتى أعوانه وأركان مؤسسته يجعل منهم مجرد شكل مظهري بدون سلطة أو قرار، فتصبح تلك المؤسسة وكأنها مزرعته الخاصة، فهو الأمر الناهي فيها، فيتذمر المرؤوسون، ويظلوا يتمنُّون الفرج بخروجه من الوظيفة، ويضطر البعض إلى الاستقالة أو التقاعد، لأنّه يفقد قيمته ومكانته الوطنية، حينما يجد نفسه مجرد أداة تحرك بالتعليمات والأوامر.إنّ النجاح تصنعه العقول النيرة، والاختيار الموفق للإنسان القيادي في إدارة مؤسسات الدولة، وهناك كفاءات تنبئ عن ذاتها، وهي الأجدر بتولي المهام الصعبة، والأنجع في إدارة الدولة العصرية، حيث يصبح المكان غير مناسب في هذه المرحلة لفئة الولاءات، وإنما تشكل عبئاً ثقيلاً على تقدم الأوطان، وقد أثبتت الكفاءات نجاحها ونجاعتها، وذلك في إدارة الدولة باستخدام الملكات الذهنية في الإبداع، وتولي زمام المبادرة، كأدوات للنجاح والرقيِّ بالوطن، والحفاظ على تقدمه، وذلك في ظل ظروف مناخات سياسية وإقليمية خطرة، وعالم غريب يُقدم للشّر دون الخير، وهو عالم مُفعم بالدس، والمكائد الخبيثة..

حفظ الله عُمان، وحفظ الله سلطانها الهمام من كل سوء، وأنعم الله على هذا الشعب العُماني الوفيِّ بالرقيِّ والسَّعادة والهناء .. اللهم آمين يا رب العالمين.

safeway-78@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك