السلطنة تحتفل باليوم العالمي للأراضي الرطبة تحت شعار "الأراضي الرطبة لمستقبلنا"

مسقط - الرؤية

احتفلت السلطنة مُمثلة بوزارة البيئة والشؤون المناخية صباح أمس بمناسبة اليوم العالمي للأراضي الرطبة والذي يوافق الثاني من فبراير من كل عام ويأتي تحت شعار "الأراضي الرطبة لمستقبلنا"، وذلك بإشراف المنظمة الدولية رامسار للأراضي الرطبة، وتحرص الوزارة على مشاركة مختلف دول العالم هذا اليوم من خلال إقامة الفعاليات والبرامج التعليمية والتوعوية، وحملات تنظيف واستزراع أشجار القرم، حيث نظمت الوزارة تحت رعاية المهندس سليمان الأخزمي مدير عام صون الطبيعة عدداً من الفعاليات بمحمية القرم الطبيعية، شارك فيها عدد من الجهات الحكومية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني من جمعيات وأندية وفرق تطوعية وطلاب المدارس، حيث بلغ عدد المشاركين 300 مشارك. ومن أهم هذه الفعاليات التي تمّت إقامتها محاضرة تعريفية عن أهمية الأراضي الرطبة، وافتتاح الممر الخشبي بطول 150 متراً والمؤدي إلى برج مشاهدة الطيور، وعرض صور لبيئات الأراضي الرطبة وفوائدها، والجهود التي تبذلها الوزارة للحفاظ عليها، كما تم إقامة حملة لإزالة الشجيرات والنباتات الدخيلة على النظام البيئي لبيئة أشجار القرم، وتنظيف شواطئ المحمية من المخلفات، وإقامة مسابقات توعوية بيئية لطلاب المدارس.

اتفاقية رامسار

وتعتبر اتفاقية "رامسار" للأراضي أو المناطق الرطبة أقدم اتفاقية عالمية في مجال البيئة، وهي بمثابة إطار للتعاون الدولي والقومي للحفاظ والاستعمال العقلاني للأراضي الرطبة ومصادرها، حيث عقدت عام 1971م بمدينة "رامسار" الإيرانية، ودخلت حيز التنفيذ في الحادي والعشرين من ديسمبر سنة 1975م، وتعتبر الاتفاقية الدولية الوحيدة في مجال البيئة التي تعالج نظام بيئي خاص. وتضم الاتفاقية حتى اليوم 2227 منطقة رامسار بمساحة تقدر بحوالي أكثر من 214 مليون هكتار في 169 دولة حول العالم، ولا يزال العدد في ازدياد مُستمر، وعلى الدول المشاركة أن تُعلن على الأقل عن منطقة رامسار واحدة لإدراجها في قائمة رامسار وأن تتأكد من صيانة الصفة البيئية لكل موقع، وذلك من خلال صونها في إطار تخطيط نظم استخدامات الأراضي الوطنية، وتشجيع عمليات الصون والاستخدام الحكيم لموارد الأراضي الرطبة، وإنشاء المحميات الطبيعية، وتشجيع برامج التدريب والبحوث العلمية ذات العلاقة بإدارة الأراضي الرطبة، والتشاور مع الدول وتبادل الخبرات في مجال تنفيذ أهداف الاتفاقية وخاصة فيما يتعلق بالمناطق المشتركة بين الدول مثل أحواض الأنهار والمحميات عابرة الحدود والمشروعات الإقليمية ذات الصلة بالأراضي الرطبة. وتهدف هذه الاتفاقية إلى تشجيع المحافظة والاستعمال العقلاني للأراضي الرطبة عن طريق إجراءات يتم اتخاذها على المستوى الوطني أو القومي وعن طريق التعاون الدولي من أجل الوصول إلى التنمية المستدامة في كل العالم. ويدخل تحت رعاية هذه الاتفاقية العديد من أنواع الأراضي والمناطق الرطبة وهي المستنقعات والسبخات، البحيرات والوديان، المروج الرطبة والمَخَثاتْ (Tourbière)، الواحات، مصبات الأنهار، منطق الدلتا وخطوط المد، الامتدادات البحرية القريبة من السواحل، أشجار القرم (Mangroves) والشعاب المرجانية، ويدخل كذلك المناطق الرطبة الاصطناعية مثل أحواض تربية الأسماك، الحقول الرطبة لزراعة الأرز، خزانات المياه والملاحات. وتقوم المناطق الرطبة بتقديم خدمات بيئية أساسية، فهي عبارة عن معدل للنظام الهيدرولوجي، ومصدر للتنوع البيولوجي في كل المستويات في داخل الأنواع (المستوى الوراثي ومستوى النظام البيئي). والمناطق الرطبة عبارة عن نوافذ مفتوحة على التفاعلات التي تحدث بين التنوع الثقافي والتنوع البيولوجي، وتعتبر مصدراً اقتصادياً وعلمياً، أما تناقصها أو اختفائها التدريجي، فإنّه يشكل اعتداء صارخاً على البيئة، تكون أضراره في بعض الأحيان غير قابلة للتصليح. وتعتبر الأراضي الرطبة أهمية بيئية لذلك أولتها السلطنة أهمية خاصة حيث تمّ تصنيف مُعظم مواقع الأراضي الرطبة كمواقع محمية مقترحة وتمّ الإعلان عن تسعة أخوار بالإضافة إلى محمية جزر الديمانيات الطبيعية ومحمية السلاحف برأس الحد ومحمية حديقة القرم الطبيعية وتدرس الوزارة حالياً الإعلان عن عدد من المحميات الطبيعية.

وجاء انضمام السلطنة إلى الاتفاقية بموجب المرسوم السلطاني السامي رقم (64 /2012) بشأن الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية وخاصة بوصفها مآلف للطيور المائية، من خلال موقع مبدئي واحد وهو محمية القرم الطبيعية والتي تقع في قلب العاصمة مسقط، كأكبر مناطق غابات المنغروف الطبيعية على طول الساحل الشرقي لشبه الجزيرة العربية بمساحة إجمالية تصل إلى 172 هكتاراً من غابات أشجار القرم الطبيعية من نوع أفيسينا مارينا، وهو النوع الوحيد الموجود، والذي يستطيع التأقلم مع الوضع المناخي للبيئة العمانية، بينما تبلغ المساحة الإجمالية التي تغطيها أشجار القرم بالسلطنة ما يُقارب ألف هكتار، وتمثل المستنقعات المالحة للأراضي الرطبة الساحلية قيمة إيكولوجية في الصحراء العربية القاحلة وبحر عُمان، وتعتبر ذات أهمية كبيرة في حفظ التوازن البيئي ومأوى للعديد من صغار الأسماك واللافقاريات البحرية، كما تقوم بدور الحماية الطبيعية من العواصف المدارية والأعاصير، ويدعم الموقع 40 نوعاً من صغار الأسماك و27 نوعا من القشريات،و48 نوعاً من الرخويات وكذلك تعتبر منطقة جذب لأكثر من 194 نوعاً من الطيور المهاجرة، من أهمها خطاف البحر، النوارس، البلشون ومالك الحزين.

كما تسعى السلطنة لإضافة موقع ثانٍ للأراضي الرطبة في الاتفاقية الدولية، حيث تقوم وزارة البيئة والشؤون المناخية في الوقت الراهن بإجراءات تسجيل محمية الأراضي الرطبة بمحافظة الوسطى في قائمة رامسار للأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية، والتي تتميز بالتنوع الأحيائي مثل الشعاب المرجانية والأعشاب البحرية وتعتبر موطناً للآلاف من الطيور المائية. وتقع على الساحل الجنوبي الشرقي للسلطنة ضمن ولاية محوت، وهي منطقة شبه مسطحة حيث يقل فيها متوسط الارتفاع عن 20م ويزداد الانخفاض في الداخل ولكنه لا يزيد عن 40م، وتم تسجيل أكثر من 140 نوعاً من الطيور في المسطحات الغرينية في المحمية، والتي تُعد أحد أهم الأماكن الشتوية لطيور الشواطئ في عمان، ويعتبر بر الحكمان منذ منتصف الثمانينات مركزا لدراسة وحصر عدد من الطيور المائية في السلطنة، والتي يقوم بها متطوعون من أنحاء العالم، وقد استخلص من هذه المعلومات أنّ هذه المنطقة بمسطحاتها الغرينية الواسعة وبكميات الملح الموجودة فيها ذات أهمية كبرى في علم هجرة الطيور، وباعتبارها المأوى الشتوي الذي يلجأ إليه الآلاف من طيور النورس والخرشنة والنحام، كما أنّ للمنطقة أهمية كبيرة ليس باعتبارها مأوى لأنواع الطيور الشتوية المهاجرة فحسب، ولكن أيضاً باعتبارها موطناً لتزاوج هذه الأنواع، وأنّ أهم مواقع تعشيش طيور النورس والخرشنة والزقزاق هي الجزر الصغيرة المحيطة بالساحل وجزيرة محوت وجزيرة عَب، وتعتبر هذه المنطقة الهامة للطيور هي إحدى أهم المناطق في الشرق الأوسط، وقد زارها الكثيرون من مراقبي الطيور والمهتمين من مختلف المنظمات البيئية الدولية. كما سعت وزارة البيئة والشؤون المناخية منذ عام 2001م، إلى إعادة بعض المواقع المتدهورة وتأهيل مواقع جديدة وذلك من خلال تنفيذ مشروع استزراع أشجار القرم وتأهيل الأخوار حيث تمّ استزراع ما يزيد على 622 ألف شتلة موزعة على مختلف محافظات السلطنة، وذلك منذ بداية المشروع وحتى العام الحالي، هذا بالإضافة إلى إجراء البحوث والدراسات وتطبيق التشريعات والقوانين الصادرة في هذا الشأن. كما أنّ النهج الذي انتهجته السلطنة في مجال التخطيط البيئي ساهم في بقاء الموارد الطبيعية بشكل عام والأراضي الرطبة بشكل خاص على طبيعتها ولم تتأثر بمقومات التنمية الشاملة بمختلف أوجهها، كما أنّ السلطنة تحرص على مشاركة دول العالم في تعزيز الجهود الرامية إلى حماية البيئة من خلال عضويتها في مختلف المنظمات الإقليمية والدولية وكذلك توقيعها على معظم الاتفاقيات المعنية بحماية البيئة والموارد الطبيعية.

تعليق عبر الفيس بوك