انخفاض أسعار النفط والتباطؤ الاقتصادي العالمي.. يلقيان بظلال قاتمة على سوق الاكتتابات العامة بـ"دول التعاون" في 2015

دبي - العمانية

عانى الربع الأخير من عام 2015 من تباطؤ أداء سوق الاكتتاب العام الأولي على غرار الربع الثالث من نفس العام مما يدل على أن عام2015 كان عامًا متقلبًا لسوق الاكتتاب العام الأولي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية؛ إذ ظهرت خلال النصف الثاني من عام 2015 آثار الشكوك والنظرة السلبية للسوق، وذلك على خلفية التقلبات في أسعار النفط والاضطراب السياسي والاقتصادي الحالي على الساحة الإقليمية والعالمية وفقا لقسم أسواق المال وخدمات الاستشارات المحاسبية لدى "بي دبليو سي الشرق الأوسط".

وذكر التقرير الصادر عن "مؤسسة بي دبليو سي الشرق الأوسط" أنّ المملكة العربية السعودية استقبلت الاكتتاب الوحيد للربع الأخير من عام 2015 من خلال شركة الأندلس العقارية التي جمعت 101 مليون دولار أمريكي من الصفقة وقد تخطت الطلبات المقدمة حد الاكتتاب والذي نال استقبالاً حسناً من جانب المستثمرين كونه أول طرح من القطاع العقاري في السوق السعودية على مدار خمس سنوات.

ولم يشهد الربع الثالث من العام نفسه (2015) أي اكتتابات في حين أثبت الربع الثاني أنّه الربع الأقوى من حيث عدد الاكتتابات بواقع أربعة اكتتابات والتي حققت عائدات قيمتها 2ر1 مليار دولار أمريكي.

وبالنظر إلى أداء سوق الاكتتابات في الربع الأخير من العام الحالي مقارنة بالربع نفسه من العام السابق فقد كان عدد الاكتتابات والعائدات المحققة في العام الماضي أعلى بكثير وصلت الى 3ر7 مليار دولار أمريكي من إجمالي خمسة اكتتابات مدفوعاً بشكل رئيسي من اكتتاب البنك الأهلي التجاري الذي اعتُبر أكبر اكتتاب في دول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2014.

ونظرا لعدم طرح أي اكتتابات خلال الربع الثالث فقد بلغ مجموع الأموال التي تحققت في النصف الثاني من عام 2015 ما قيمته 101 مليون دولار أمريكي وذلك من طرح وحيد على عكس النصف الأول الذي حقق 3ر1 مليار دولار أمريكي من خمسة اكتتابات مدفوعا بالأداء القوي للربع الثاني من العام.

ومن حيث الأداء في النصف الثاني من عام 2015 مقارنة بالعام السابق فقد شهد النصف الثاني من عام 2014 ما مجموعه سبعة اكتتابات بإجمالي عائدات 9ر8 مليار دولار أمريكي مما بين أن أداء سوق الاكتتاب خلال الربع الأخير لعام 2015 كان مخيبا للآمال على جميع الأصعدة.

وبلغ إجمالي العائدات في عام 2015 نحو 4ر1 مليار دولار أمريكي من ست صفقات مقابل 8ر10 مليار دولار أمريكي جُمعت من 16 صفقة في عام 2014 و702 مليون دولار أمريكي من تسع صفقات في عام 2013، و7ر1 مليار دولار أمريكي من تسع صفقات في عام 2012، و789 مليون دولار أمريكي من تسع صفقات في عام 2011 وملياري دولار أمريكي من 12 صفقة في عام 2010 مما يثبت أنه رغم أن عام 2015 كان الأقل من حيث عدد الاكتتابات على مدار السنوات الخمس الماضية إلا أن القيمة الإجمالية للاكتتابات قد ارتفعت.

كما أنّه وفي نفس الفترة، باستثناء عام 2014، كان متوسط قيمة الطرح في عام 2015 هو الأعلى وكان طرح شركة السعودية للخدمات الأرضية في يونيو الماضي هو الطرح الأكبر خلال 2015 محققا عائدات بقيمة 752 مليون دولار أمريكي.

وعلى صعيد دول مجلس التعاون الخليجي، هيمنت المملكة العربية السعودية على سوق الاكتتابات الأوليّة في 2015 من حيث عدد الاكتتابات التي بلغت ستة اكتتابات بما يمثل 67 بالمائة من إجمالي عائدات بقيمة 1ر1 مليار دولار أمريكي، بنسبة إجمالية تبلغ 77 بالمائة كان الاكتتابان الآخران لشركة العنقاء للطاقة بسلطنة عمان وشركة أوراسكوم للإنشاء المحدودة ببورصة ناسداك دبي الإمارات العربية المتحدة.

وقال ستيفن دريك رئيس قسم الاستشارات المالية وأسواق رأس المال في الشرق الأوسط لدى "بي دبليو سي" أنه على مدار 2015 هيمن التقلب في أسعار النفط وعدم الاستقرار السياسي في المنطقة والتباطؤ الاقتصادي العالمي الذي لوحظ آثاره على سوق الاكتتابات في منطقة الخليج من خلال انخفاض أعمال التقييم والنظرة السلبية لدى المستثمرين وزاد ذلك في النصف الثاني من العام بطرح وحيد خلال الستة أشهر.

وأضاف أنه اعتاد على مدار السنوات السابقة رؤية العديد من الاكتتابات الناجحة ونشاط سوق المال خلال الربع الأخير ولكن الشكوك المتواصلة قد دفعت المستثمرين لتوخي مزيد من الحذر تجاه الأسهم كإحدى فئات الاستثمار ما أدى إلى فقدان ثقة المستثمرين في السوق وبالتالي تأجيل أي خطط بالدخول إلى السوق.

وأشار إلى أنه لا تزال التوقعات لعام 2016 غير مؤكدة وحتى يبدأ السوق في التعافي من العوامل التي ذكرتها سابقا فإنه سيكون من الصعب على المستثمرين والمصدرين استعادة الثقة والعودة إلى السوق. ورغم العديد من المقومات الأساسية الصلبة التي تتمتع بها المنطقة، فإنه يأمل في أن تتعافى الأسواق خلال عام 2016 لا سيما والكثير من الشركات تعد نفسها حاليا في انتظار الوقت المناسب للاكتتاب العام.

من جانب آخر شهد سوق الاكتتاب العالمي في عام 2015 إصدارات قوية إلى الحد المعقول وذلك على الرغم من الاضطراب المتزايد (إلى جانب أمور أخرى تتعلق بالشكوك إزاء الصين والخوف من ارتفاع معدل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي) وصفقات الاندماج والاستحواذ المهمة ونشاط التعاملات في السوق الخاصة، كما تأثر سوق الاكتتاب العام الأولي بالاكتتابات الكبيرة الناتجة عن الخصخصة وخاصة خلال الربع الأخير.

وبالمقارنة مع عام 2014 الذي شهد نشاطا كبيرا، فقد انخفض إجمالي الأموال المحققة بنسبة 26 بالمائة من 5ر272 مليار دولار أمريكي ليصل إلى 7ر200 مليار دولار أمريكي في عام 2015، كما انخفض عدد الاكتتابات بنسبة 1 بالمائة فقط من 154ر1 إلى 144ر1 اكتتابا في ذات العام، ورغم ذلك فقد بلغت الإصدارات العالمية في عام 2015 سواء من حيث قيمة العائدات أو عدد الاكتتابات ثاني أعلى مستوى لها منذ عام2010.

وبلغت العائدات المحققة من سوق الاكتتاب العالمي 69 مليار دولار أمريكي من 305 صفقات في الربع الأخير من عام 2015، مقارنة مع 2ر75 مليار دولار أمريكي من 342 صفقة شهدها نفس الربع من العام الماضي و5ر77 مليار دولار أمريكي من 327 صفقة في الربع الأخير من عام 2013.

وواصل نشاط سوق الديون في دول مجلس التعاون الخليجي هدوءه خلال الربع الأخير من عام 2015 استمرارا لنفس الأداء الذي خيّم على الربع السابق ومؤكدا على الحالة المتكررة التي شوهدت في أسواق الأسهم، حيث بدأت خلال النصف الثاني رؤية آثار الانخفاض المتواصل في أسعار النفط، والارتفاع المتوقع في سعر الفائدة بالولايات المتحدة الامريكية والقيود على السيولة النقدية في المنطقة التي بدأت بالظهور في سوق الديون مع توقع المستثمرين لمراكزهم وغلقها قبل نهاية نوفمبر.

وكان إصدار مملكة البحرين الممثلة بوزارة المالية واحدا من الإصدارات التي سيطرت على هذا الربع من خلال سندات مدتها خمس سنوات بسعر 875ر5 بالمائة وبقيمة 700 مليون دولار أمريكي، وسندات لمدة عشر سنوات بسعر 000ر7 بالمائة وبقيمة 800 مليون دولار أمريكي، كما أصدر البنك الوطني العماني سندات دائمة بقيمة 300 مليون دولار أمريكي بقسيمة فائدة قدرها 875ر7 بالمائة .

وعلى صعيد الصكوك، استقبلت "ناسداك دبي" طرح شركة "ماجد الفطيم" صكوكا لمدة عشر سنوات بقيمة 500 مليون دولار أمريكي بقسيمة أرباح قدرها 5ر3 بالمائة إلى جانب حكومة سلطنة عمان الممثلة في وزارة المالية التي أصدرت أول صكوك سيادية مدتها خمس سنوات بقيمة 649 مليون دولار أمريكي بقسيمة أرباح قدرها 5ر3 بالمائة .

وقال ستيف دريك رئيس قسم أسواق المال لدى "بي دبليو سي في الشرق الأوسط" : "لقد رأينا خلال هذا الربع تضاؤل حجم النشاط على مستوى أسواق السندات والصكوك مما يبرهن على أن المنطقة لا يمكن أن تظل في مأمن من العوامل الخارجية، ويبدو أن السندات الدائمة قد باتت مطلبا للمستثمرين لاسيما في عام 2015 الذي شاهدنا فيه صفقات عديدة من البنوك والشركات على حد سواء".

وأضاف أنه يتوقع أن يشهد عام 2016 بعض التحسّن في سوق الديون وخاصة الإصدارات السيادية، رهنا باستمرار تراجع أسعار النفط مما سيؤدي إلى اتساع فجوة العجز وسيكون لزاما على حكومات الدول الخليجية جمع التمويل وطرق باب سوق الديون هو أحد السبل للقيام بذلك، إلا أن ما يثير القلق هو الزيادة المحتملة في المعروض مما قد يؤدي بدوره إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض .

وفيما يتعلق بارتفاع معدل الفائدة الأمريكية قال "اننا لا نزال على أعتاب عام 2016 ولم نر بعد ما سيتركه هذا الارتفاع من أثر على السوق والإصدارات في المنطقة. ونظرا لربط أسعار صرف العملات الخليجية بالدولار الأمريكي فقد شاهدنا بعض الدول ترفع أسعار الفائدة بما يعني أن الاقتراض من البنوك قد يصبح أكثر كلفة، وبالتالي فإن جمع التمويل عن طريق إصدار سندات أو صكوك سوف يكون خيارا أكثر جاذبية ".

تعليق عبر الفيس بوك