مواطنون: المعاقون من ضحايا الحوادث المرورية يعانون نفسيا من صعوبة الاندماج في المجتمع

 

ناشدوا الجهات المعنية تكثيف برامج التوعية بآثار الحوادث على المستوى الاجتماعي

 

 

 

 

العبري: ضحايا حوادث المرور ربما يزيدون عن ضحايا الحروب وإن اختلفت آلية القتل

 

الغافري: الحوادث تهدر ثروة الوطن من الشباب بتعطيل قدرتهم على المشاركة في بناء مجده

 

 

 

الرؤية - محمد قنات

 

 

أجمع عدد من المواطنين على ضرورة تكثيف برامج التوعية بمخاطر حوادث المرور وأثرها على الأسرة والمجتمع، وهو ما يظهر من خلال زيادة نسب الوفيّات والمعاقين من ضحايا الحوادث المرورية. وأشار عدد ممن استطلعتهم "الرؤية" إلى أنّ الآثار النفسية لمن تسببت الحوادث المرورية في إعاقته تكون بالغة الأثر وتحرمه لفترة طويلة من الاندماج في مجتمعه، وأشاروا إلى أهمية التعريف بنتائج الحوادث المرورية على المستوى الاقتصادي الذي تشهده شركات التأمين على وجه الخصوص، فضلا عن فقدان المعاق لقدرته على ممارسة مهنته التي اعتادها مما يضطره للبحث عن مهنة تناسب وضعه الجسدي الجديد، وهو ما تكون له آثار على مستوى المعيشة والرغبة في الحياة والاندماج بين أفراد أسرته ومجتمعه.

 

وقال خالد بن سليم العبري رئيس حملة بسنا حوادث إنّ ما نتابعه من أخبار حول مقتل الآلاف في الحروب والصراعات العسكرية في مختلف دول العالم لا يقل خطورة عن ضحايا حوادث المرور وإن اختلفت آلية القتل، لافتا إلى أنه في حال الحوادث المرورية تبقى نسبة كبيرة من الضحايا هي السبب الأول فيما تعرّضوا له من إعاقة بسبب إهمالهم وعدم تقيدهم بأنظمة المرور، وقد بلغ عدد الحوادث المرورية في عام 2013 نحو 7829 حادث سير ورغم أنّ النسبة تقل تدريجيًا من عام إلى عام إلا أنّها لا تزال تشكل خطرًا على المجتمع.

 

وأضاف العبري أنّ الإيمان بالقضاء والقدر من أسس الإسلام، لكن هناك العديد من الضوابط التي يكون فيها الإنسان مخيرًا وليس مسيّرًا ومنها ضرورة سعيه للحفاظ على سلامته، ويجب ألا نواصل تبرير الإهمال بالقول إنّ الأعمار بيد الله تعالى لكن يجب السؤال ماذا لو أمضى ضحية حوادث المرور حياته معاقا؟ إليس يتحمل جزءًا من المسؤولية؟ خصوصا وأن من أهم الآثار السلبية للحوادث المرورية تسببها في كثير من الإعاقات وما يتبعها من ضرر نفسي يلازم الضحية بقية حياته، فكم من شخص سليم أصبح طريح الفراش ليس بسبب مرض وإنما بسبب الانشغال أثناء القيادة سواء بالهاتف أو أي شيء آخر والأسوأ من ذلك أن ضرر عدم الالتزام بقواعد المرور والسلامة قد يتسبب بإلحاق الأذى بالآخرين.

وأكّد العبري أنّ الالتزام بقواعد المرور يكون بإدراك كل فرد لحجم مسؤوليته عن سلامته وسلامة الآخرين من أفراد أسرته أو أبناء مجتمعه، والاهتمام بالتوعية بشكل مكثف في المدرسة أو بيئة العمل كما أن للأسرة دورا في توعية أفرادها بأهمية الالتزام بقواعد وأنظمة المرور، وقد أصبح إدراج منهاج السلامة المرورية بالمناهج الدراسية أمرا بالغ الأهمية حيث إن التوعية في الصغر لها أثر إيجابي على المدى البعيد.

 

 

في العجلة الندامة

 

ومن جانبه قال سليمان بن سعيد بن خلفان الغافري إنّ الحوادث المرورية تهدر ثروة الوطن من خيرة شبابه، وهي سبب رئيس في انتشار الإعاقات بين الكثير من مالكي السيارات بعد سنوات من قيادة السيارة بإهمال، حيث إنّ كل سائق متهوّر لا يقدر عاقبة الأمور يجلس خلف مقود السيارة وكأنّه مستعد للطيران ليتسابق مع الريح متناسيا أنّه بإهماله قد يهدر أرواح آخرين. فهل فكر هذا السائق في مصير الناس لو حدث أدنى خلل للسيارة خصوصا مع هذه السرعة الجنونية؟ وبالطبع فإنّ النتيجة معروفة وهي الموت أو الإعاقة، لذلك هناك عدد كبير جدًا من ضحايا السرعة على الطرق، ورغم ذلك لا يعتبر أحد ولا يكف عن المغامرة بنفسه وأرواح الأبرياء الأخرين. كما أنّ هناك من يبرر لمثل هذه الحوادث بقوله إنّه القضاء والقدر، على الرغم من أنّ الله سبحانه وتعالى ميّز الإنسان بالعقل حتى يفصل بين الصواب والخطأ، ولابد لكل سائق أن يتذكر قول أصحاب التجارب المرة: لا تسرع فالموت أسرع، ولا تتخط الشارة الحمراء وتتوقع غير المتوقع، ولأنّ تصل متأخرًا قليلا عن موعدك مهما كان هذا الموعد خير ألف مرة من ألا تصل أبدا وفي التأني السلامة وفي العجلة الندامة.

 

 

تحديات مجتمعية

 

وقال سالم عبدالله المنظري إنّ زيادة نسبة الوفيات والإصابات الناجمة عن حوادث الطرق تمثل تحديات بالغة الأثر علی الأسرة والمجتمع، وتوجد إحصائيات رسميّة وموثّقة بعدد المصابين والوفيّات من الجهات المعنيّة جراء تلك الحوداث تبعث على القلق، فلهذه الحوادث آثار اجتماعية ونفسيّة واقتصاديّة تنتج عن إهمال تربية الأبناء وعدم السيطرة عليهم وعدم التمكّن من ردعهم بسبب عجز رب الأسرة نتيجة إصابته وتتمثل الآثار النفسية في الصدمة النفسيّة علی المصاب وأسرته ومن يشاهدون آثار الحوداث، ويظل المصاب أو المعاق يستعيد ذكريات الحوداث لسنوات ويعاني باقي عمره من القلق والاكتئاب والشعور بالذنب وفقدان الأمل وكل تلك الآثار كفيلة بأن تؤدي إلی ضعف القدرة علی إقامة علاقات اجتماعية جيدة مع الغير .
وأضاف المنظري أنّ حضرة صاحب الجلالة حفظه الله ورعاه تطرق في إحدی جولاته السامية إلی هذه المسألة وقال إنّ استخدام السيّارات بطرق غير سليمة أحد أسباب الحوادث وأنه أمر مزعج ما نشاهده من حوادث مع إيمان جلالته بأن الموت بيد الله لكن الذي يبقی علی قيد الحياه ويكون مصابا يبقی عالة علی مجتمعه، حيث تواجه المعاق كثير من المصاعب التي تتمثل في صعوبة التنقل والعمل وقلة فرص الزواج، لكن بعض المعاقين توجد لديهم عزيمة وطاقات تمكنهم من التغلب علی تلك الصعوبات .

ولتقليل نسبة الوفيّات والإعاقات التى تنجم عن الحوادث قال المنظري: لابد للجهود التوعوية أن تكون حاضرة وبقوة في هذا الشأن من خلال المؤسسات الحكومية وأن يخصص نشطاء المجتمع جزء من نشاطهم للتعريف بأسباب الحوادث كما تفضل بذلك مولانا صاحب الجلالة أعزّه الله، كما أن للأسرة دورا كبيرا في القيام بواجباتها لرفع معنويات المصاب والاهتمام به وتثفيف الأبناء وتوعيتهم من مخاطر السرعة الزائدة وما قد تنتج عنها من وفيّات وإصابات .

 

الدمج في المجتمع

 

وقالت أبرار محمود البلوشي إنّ ذوي الإعاقة يعانون بسبب الحوادث من أضرار جسيمة تتعدى الآثار الجسدية فيكون الضرر النفسي أشد وقعاً عليهم ودائماً يكون المعاق في موضع حيرة وتساؤلات: هل أصبح عبئاً على أسرته وهل توقفت حياته؟ ومن هنا يأتي دور الأسرة والمقربين في انتشاله من حالة التخبّط السلبي ومد يد العون لاحتوائه حتى يستطيع الاعتماد على نفسه ومحاولة التأقلم مع وضعه الجديد، وبدءاً من العناية والجلسات العلاجيّة سواء الفيزيائية أو النفسية ومعاونته في أموره اليومية حتى يَصِل لمرحلة الاعتماد على نفسه، كما يجب على الأسرة أن تدمجه في مجتمعه مجدداً، كما أنّ المعاق حديثا يشعر وكأنّه فرد آخر لا ينتمي لهذا المكان أو هؤلاء الأفراد؛ وعلى المقربين منه دعمه ودمجه مجددًا وسطهم بإشعاره أنّ إعاقته لا تؤثر في أهميّة دوره في المجتمع.

 

 

وقال جمال سالم الذهلي إنّه لابد أنّ يركز الإعلام على توعية الأفراد بنتائج الحوادث بشكل أكبر من التركيز على مسببات الحوادث وأنّ مثل هذه التوعية تلفت انتباه قائدي المركبات وتقودهم للتفكير على المدى البعيد بشأن الضرر البالغ الذي قد يلحق بفرد أو عائلة جراء لحظة غفلة أو استهتار أثناء القيادة، وأنّ لمس الجانب الإنساني في التوعية بالأضرار سيكون له الوقع الأعمق في نفس الشباب خاصة إذا ما قدمت نماذج من واقعهم لمتضرري الحوادث فالمُصاب بإعاقة حديثاً يجد صعوبة بالغة في التأقلم مع وضعه الجديد.

 

 

تأثيرات نفسية حادة

 

وقال مطلوب بن حافظ السالمي إنّه قد تنتج عن الحوادث بعض التأثيرات النفسية مثل الخوف من ركوب السيارة أو كره المتسبب في الحادث وفي بعض الأحيان لا يستبعد الإصابة ببعض الأمراض النفسية خاصة للنساء والأطفال مثل أمراض الفوبيا، ولا يخفى على أحد حجم الخسائر المالية للأفراد وشركات التأمين بسبب الحوادث وعندما ينظر الإنسان حوله في الورش والجراجات يستطيع أن يدرك حجم هذه الخسائر التي تخلفها تلك الحوادث.

 

وأضاف السالمي أنّ المعاق ليس عبئا على المجتمع إلا إذا تمّ إهمال تأهيله وعدم رعايته بشكل صحيح وإن كان يختلف حجم فائدته المجتمعية بمدى إعاقته، وتوجد وسائل للاستفادة منه بشكل أو بآخر، إلا في حالات الشلل التام. وتابع أنّ المصاعب التي يواجهها المعاق أكثرها قسوة التأثيرات النفسية لأنّها أبلغ وقعًا من التأثيرات الجسدية، حيث إنّ محدودية حركته التي تقيده عما كان عليه طبيعيا وبالتالي يتغير نمط حياته واهتماماته لذلك لابد لمن حوله التكيف وفقا ذلك، وقد يواجه مصاعب اقتصادية في كونه لا يستطيع ممارسة أي مهنة وإنما يصبح مداه محدودا وقد لا تتوفر له مهنة تتوافق مع قدراته .ولفت إلى أنّ التوعية هي السلاح الوحيد للحد من الحوادث المرورية.

تعليق عبر الفيس بوك