تربويون وأولياء أمور: تكامل دور الأسرة والمدرسة في التربية والتعليم يثري مستقبل الأبناء

انتقدوا إهمال بعض الأسر للمتابعة التربوية لأبنائهم واعتمادهم في ذلك على المدرسة كليا

 

 

< السديري: الأسرة المحطة الأولى في مشوار حياة الأبناء.. ودورها أساسي في تشكيل شخصياتهم

< الخروصي: المدرسة تحمل على عاتقها مسؤولية كبيرة في تعليم الطلاب وتزويدهم بالمعارف

< الصبحي: المدرسة والأسرة عنصران متلازمان في أي عملية تربوية وتعليمية ناجحة

< الحضرمي: أولياء الأمور أول مدرسة صغيرة تمد الأبناء بالخبرات والحكمة والتوجيه السليم

< المعولي: نتائج التحصيل الدراسي للطالب مؤشر مهم على مدى التعاون بين الأسرة والمدرسة

 

 

 

قال عددٌ من التربويين وأولياء الأمور إنَّ دور الأسرة والمدرسة في تربية وتعليم الأبناء دور تكاملي لا تعارض فيه، ولا يُمكن الاستغناء عن دور أي من الجانبين لحساب الآخر. وأكَّد عددٌ مِمَّن استطلعت "الرؤية" آراءهم على أنَّ تربية الأبناء على القيم الفاضلة وتنمية مهاراتهم الحياتية غير مرتبطة ببلوغهم سن الدراسة، وإنما هي مسؤولية أسرية بالدرجة الأولى في السنوات التي تسبق بلوغ الأبناء السابعة من العمر، وعندها يبدأ دور المدرسة مُكمِّلا لهذه الجهود التربوية والعمل على صقلها وتنميتها من خلال المعلمين المختصين والمؤهلين.. وانتقدوا إهمال بعض الأسر للمتابعة التربوية لأبنائهم، معتمدين في ذلك على المدرسة كليًّا، وهو خطأ يقع فيه بعض أولياء الأمور المشغولين بطبيعة عملهم، وحذَّروا من أثر ذلك سلبيًّا على مستقبل الأجيال الجديدة المنتظر منها أن تكون أحد أهم عوامل بناء الوطن.

وقال سعيد السديري إنَّ دَوْر الأسرة في تعليم أبنائها وتنشئتهم التنشئة الصالحة منذ الصغر بالغ الأهمية لكون الأسرة هي المحطة الأولى في مشوار حياتهم، كما أنَّ دورها أساسي في تشكيل شخصياتهم وتكاملها، وعن طريقها يكتسب الأبناء العادات والتقاليد والاتجاهات والقيم السائدة في بيئتهم الاجتماعية التي يعيشون فيها، ونستطيع أن نقول إنَّ العلاقة بين الأسرة والمدرسة علاقة تكاملية؛ أي أنَّ كلًّا منهما يُكمل الآخر، فكما أنَّ الأسرة هي اللبنة الأولى وتتولى متابعة الأبناء وتحصيلهم الدراسي وتوفير الجو المناسب للمذاكرة، فإنَّ المدرسة تتناول التلاميذ بالتربية والتعليم بالشكل الذي يتلاءم مع قدراتهم ومهاراتهم.

 

 

الرُّؤية - خالد الرواحي

وأضاف السديري بأنَّ من أهم التحديات التي قد تواجه الأسرة بعد المدرسة وجود وقت فراغ كبير غير مستغل لدى الأبناء، ويجب على الأسرة في هذه الحالة أن تجد ما يشغل وقت فراغ أبنائها، ويعود بالنفع عليهم من خلال الاستفادة من المراكز الصيفية المختلفة الثقافية منها والرياضية والعمل على إلحاق الأبناء ببعض الدورات المهمة التي قد تكسبهم الخبرة كدورات في الحاسب الآلي أو اللغة الإنجليزية...وغيرها؛ لأنَّه في الوقت الحالي هناك الكثير من الملهيات التي قد تصرف الأبناء عن التعليم أو الاهتمام باكتساب بعض المعارف أو المهارات، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإنَّ الألعاب الرقمية على اختلاف أنواعها والتليفزيون والهواتف النقالة تهدر وقت طلاب المدارس، وكما هو معلوم فإنَّ برامج التواصل الاجتماعي المختلفة باتت الشغل الشاغل لدى بعض الأبناء، ولا شك أنَّ الملهيات والمغريات إذا لم توجد لها ضوابط قد تلهي الطالب عن الدراسة وتؤثر على تحصيله الدراسي؛ لذا يجب على الأسرة أن تكون حازمة في هذا الأمر وكذا هي الحال بالنسبة للمدرسة.

 

تكامل لا تعارض

وأكَّد هلال بن أحمد الخروصي إخصائي اجتماعي بمدرسة عبدالله بن الحارث، أنَّ الأسرة هي الدعامة والركيزة الأساسية التي يستند إليها الأبناء؛ فهم بذلك يعكسون شخصية الأسرة للمحافضة علي القيم المتمسكة بالعادات والقيم الأخلاقية النبيلة، خاصة في السنوات الأولى كي يتطبَّع سلوكهم وأخلاقهم علي القيم الفاضلة، وتنشئتهم التنشئة الصالحة؛ فدور الأسرة والمدرسة مُكمِّلان لبعضهم البعض، فلا توجد ازدواجية أو تناقض بين الجانبين؛ فالمدرسة على عاتقها دور كبير في تعليم الطلاب وتزويدهم بمعارف وخبرات وتعويدهم علي قيم وأخلاق الدين الحنيف ودور الأسرة مُكِّمل في المحيط الأسري والمجتمع الذي يعيش فيه الأبناء.

وأشار الخروصي إلى أنَّ التحديات كثيرة؛ ومنها كون الأبناء في هذه المرحلة يتسع فكرهم ويختلطون بالمجتمع الجديد الذي لم يتعودوا عليه من قبل في هذه الفترة، ويعيشون في صراعات أفكار جديدة قد يتأثر بسلوكيات أفكار دخيلة، وهنا يأتي دور المتابعة والنصح والإرشاد من قبل الأسرة والتنشئة الصالحة في المراحل الأولى هي خير زاد لهم. كما أن الملهيات موجودة والمحبطين في المجتمع كُثر، والرفاق هم من يؤثرون في نفوس الناشئة، فضلا عن إهمال الأسرة وعدم احتوائها لأبنائها، والتعرف علي ميولهم وأفكارهم؛ فهذا من شأنه أنْ يجعل الأبناء يعيشون في دوَّامة نهايتها النفور من التعليم واللجوء إلى العمل بأي وظيفة بعيدا عن ميولهم ورغباتهم، وهو ما ينعكس لاحقا على الأداء في الوظيفته؛ فتجده لا يُحقِّق الإضافة المطلوبة منه أو أن نسبة الإنجاز لديه ضئيلة إن لم تكن معدومة. فالتنشئة الصالحة من المواضيع التي يجب علينا جمعيا أن نوليها عناية واهتماما خاصا؛ لأنَّ المجتمع العماني كغيره يواكب الانفتاح والتطور في شتى المجالات فيجب ان يكون فيها الابناء مستعدين لخوض غمار الحياه بما فيها من ملهيات وتطور وتطويعها بالشكل الإيجابي؛ بحيث لا يتأثرون بالتيارات التي تجرفهم بعيدا عن بر الأمان.

 

دور في بناء الوطن

وأشاد يعقوب بن محمد الصبحي بالدور العظيم والأساسي الذي تقوم به الأسرة في تنشئة الطفل؛ فهي تعدُّ حجرَ الأساس واللبنة الأولى في تشكيل الشخصية التي تكون أشبه بعجينة خبازها هو من يستطيع تشكيلها وخبزها كيفما يشاء، وهكذا هي الأسرة إذا اهتمَّت بالابن منذ ولادته ووضعت خطة مدروسة بعناية وتمعُّن فسيكون لهم فضل عظيم في إبراز شخصية فذة تسعى للتطوير العلمي والعملي وتخدم المجتمع، وسيكون لهم دور عظيم في قيادة أوطانهم إلى أعلى المراتب، في حين إذا لم تدرك الأسرة أهمية تنشئة الأبناء التنشئة القويمة الصحيحة، كما علمنا ديننا الحنيف، فسوف يصنعون ابنا فاشلا تعصف به الحياة عصفا، وهو غير قادر على مجابهتها ومواجهتها، والأخطر من ذلك إذا نشأ بلا أخلاق وبعيدا عن تعاليم ديننا الإسلامي، فسيكون بمثابة القنبلة الموقوتة التي ستدمِّر كلَّ شيء حولها؛ لذلك فإنَّ الأسرة هي الأداة الأساسية التي يجب أن تستخدم بشكل سليم لإعداد أبناء يُشار إليهم بالبنان ويصبحون سندًا لأسرتهم، ودينهم ووطنهم يفخرون ويفاخرون بهم.

وأضاف الصبحي بأنَّه لا يختلف اثنان على أنَّ المدرسة والأسرة عنصران متلازمان ومترابطان برباط وثيق لا يمكن تفكيكه إذا أردنا أن نوجد عملية تعليمية ناجحة، لكن وللأسف الشديد أغلب الأسر لا تعي دورها الفاعل في العملية التعليمية؛ فتلقي كل الثقل على كاهل المدرسة والمعلم، وكل ما تقوم بفعله الانتقاد وإلقاء اللوم وهي في سُبات عميق مُتناسية أهم عنصر في نجاح الطالب في مجال التعليم وهو متابعة الأسرة للطالب من حيث التحضير للدروس، والقيام بالواجبات، ومراجعة الدروس السابقة، وفي الصيف إلحاقهم بالمعاهد لأخذ دورات إضافية تثريهم بالعلم النافع، وتسهل عليهم فهم دروسهم وتصقل شخصيتهم؛ لذلك يجب على الجهات المختصة إيجاد استراتيجية توضح لجميع الأسر التي تظن أن لا دور لها في متابعة الطالب ولا يربطها أي شيء بالمدرسة ومدى أهمية دورها في الجانب التعليمي من أجل إنشاء جيل واعد طالب للعلم من المهد إلى اللحد؛ فمن أجل العمل بهذه التوصية العظيمة يجب على الجهتين العمل والتعاون، وبإذن الله سنصل إلى تنشئة جيل محب للعلم والتعليم.

وأضاف الصبحي بأنَّ التحديات التي ستواجهها الأسر بعد الدبلوم العام إنما هي محصورة على تلك الأسر التي لم تفهم ولم تعِ أنَّ لها دورًا عظيمًا من أجل رقي مستوى أولادهم؛ وذلك بمتابعتهم في فترة دراستهم وإيجاد حلول مناسبة لتحفيزهم للتعلم والحصول على درجات عليا، ولكن وللأسف الشديد تناست تلك الأسر أنها مكلفة بذلك الإعداد الذي يحتاج إلى جهد عظيم وجبار لكي تكون النتائج مبهجة ومفرحة ليتفاجأ أرباب الأسرة أن ولدهم فشل في دراسته، والآن سيضعون حلولًا مكلفة ومتعبة، مكلفة لأنهم سيبحثون له عن جامعة أو كلية خاصة، ومتعبة لأن هذا الطالب سيعاني الأمرَّين لأنه لم يعتد على المتابعة وحب المذاكرة والبذل، ولكن هذا ما جنيتم من حصاد بسبب الإهمال والغفلة عن متابعة الأولاد منذ بدء التعليم الابتدائي. وكما أسلفنا لا يوجد لديهم حل إلا إلحاقه بإحدى الجامعات أو الكليات الخاصة أو ابتعاثه لدورات تكثيفية في المعاهد، وبعدها يقوم بخطوة الإعداد للتعليم العالي.

واختتم الصبحي بقوله إنَّ هناك ملهيات كثيرة قد تبعد الطالب عن التعليم ومنها التليفون، وقيادة السيارة، والألعاب بجميع أشكالها وألوانها؛ حيث يظنُّ وليُّ الأمر أن توفير هذه الأشياء هي من باب عدم حرمان الطالب وعدم التقصير في تحقيق رغباته، لكنه نسي أن هذه أسلحة خطيرة ستجعله يحيد عن درب العلم والتعليم متجهة به إلى عالم المتعة والمرح، وهذا جلي وواضح للعيان؛ حيث نرى طلابنا في سيارات أهلهم أو أنهم يقضون أغلب وقتهم في التليفون يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة بلا حسيب أو رقيب.

 

لبنة البناء الأولى

وقال عبدالرحمن بن عبدالله الحضرمي: إنَّ الأسرة هي الخلية الأولى في المجتمع، بل هي اللبنة الأساسية التي يقوم عليها المجتمع كل. ولا تتكون الأسرة الصالحة إلا باتباع المنهج الرباني الذي منح كل فرد الغجابة الشافية والمعرفة الوافية وتقع المسؤولية الكبرى في تربية الأبناء على الأم فهي المنبت الرئيسي والبذرة الطيبة، إن صلحت أنبتت فروعاً وأزهاراً مثمرة، والأم مدرسة إن أعددتها أعدت شعباً طيب الأعراق، ولا نستطيع أن نغفل أو ننكر دور الأب في احتضان هذه المدرسة التعليمية الصغيرة بحبه وخبرته وحكمته وتوجيهه التوجيه السليم الذي يبني ولا يهدم، فيضمن الحياة الكريمة لأبنائه؛ فهو شمس الحياة ومبعث الاستقرار لهذه الأسرة العلاقة بين المدرسة والبيت علاقة تكاملية تبادلية؛ فالبيت هو مورد التلاميذ للمدرسة والمدرسة هي التي تتناول هؤلاء التلاميذ بالتربية والتعليم، بالشكل الذي يتلاءم مع قدراتهم ومهاراتهم وبالشكل الذي يتطلبه المجتمع.

وأضاف الحضرمي بأنَّ هناك تحديات وصعوبات كثيرة تواجه أولياء الأمور في تربيتهم لأبنائهم؛ ومنها على سبيل المثال لا الحصر: انخفاض المستوى التعليمي لبعض الأسر ومعاناة بعض الأسر من مشكل نفيسة واجتماعية واقتصادية تشغلها عن متابعة الأبناء في البيت وانشغال الوالدين عن متابعة الآبناء في البيت أو المدرسة وغلبة الطابع المادي على تفكيرالأبناء؛ فمطالبهم المادية الكثيرة والمتعددة ورغبتهم في العيش بمستوى أقرانهم قد تثقل كاهل الأب، وتكون لها النتيجة العكسية من نفور الأبناء عن التعليم، وتضييع حلم الأب في أن يرى أولاده الذين بذل لهم الغالي والنفيس في إحدى الجامعات يُكملون مسيرة التعليم، ولا ننسى الدور السلبي لبعض وسائل الإعلام التي تلقي مسؤولية تربية الأبناء على عاتق المدرسة؛ فالغزو الفكري والثقافي فيما يشاهده ويستمع إليه الأبناء عبر وسائل الإعلام له أثر كبير يتحتم علينا الانتباه له.

 

التربية قبل سن الدراسة

وقال أحمد المعولي إنَّ الأسرة هي مصدر التربية والمعرفة ينهل منها أبناؤها؛ لأنَّها اللبنة الأولى في تنشئة الطفل ويتلقى القيم والعادات في سنينه الأولى دون مناقشة، لتحدد عناصر شخصيته فيما بعد؛ فيتلقى الطفل علومه الأولى من والديه منذ نعومة أظفاره، فتنشئة الطفل ليست محصورة كما هو مفهوم لدى البعض في بلوغه سن الدراسة، بل هي مرحلة تأسيسة فإذا كان أساس البناء قويا ومتماسكا ستكون الأعمدة التي تحمل الثقل بنفس القوة والمتانه؛ فالعملية تحكمها قوة القاعدة، ووعود الشجرة اذا أردناه يانعا مثمرا فلابد أن يسقى الماء في غرسه.

وأضاف المعولي بأنَّ نتائج التحصيل الدراسي للطالب غالبا ما تكون مؤشراً مهمًّا عن طبيعة البيئة المؤثرة في تحصيله الدراسي وأقصد هنا البيت، فاستقرار الأسرة وتكافلها من العوامل المؤثرة في تعليم الأبناء؛ لأنها تنقل قيمها التربوية من حياة ابنها الفرد إلى حياته مع الجماعة في المدرسة. ومن التحديات‏ التي تُؤثر على مستوى الأبناء في التعليم المناخ الأسري، خاصة اذا كان قائما على الإيجابية بين الطالب وأسرته؛ فالرعاية والتوجيه والإرشاد الأسري كلها عوامل وجودها يؤدي إلى التفوق العلمي وإلى تنمية الطموحات المبكرة والنشاطات الإبداعية لدى الطالب الابن؛ فالسبيل لمواجهة هذه التحديات هو توفر الجو الملائم للطالب سواء في البيت أو حتى في مدرسته، والتي قد يهمل أو يغفل هذا الجانب، أو لا يعطى تلك الأهمية؛ فالغرفة الصفية التي يتلقى بها التلميذ مختلف العلوم ويكتسب المهارف والأداب الجديدة حريٌّ بها أن تكون مهيَّأة وملائمة لجو التعلم والذي يعد من أهم دوافع التعلم؛ فالدراسات التربوية والنفسية تؤكد أن البيئة الاجتماعية والظرف النفسية التي يعيشها الطالب تحتل مكانة بارزة في العملية التعليمية.

تعليق عبر الفيس بوك