خبيرة بالبنك الدولي: مراجعة سياسات الإنفاق العام تسهم في تحفيز التنويع الاقتصادي وتنمية القطاع الخاص

أكدت أهمية مراجعة دعم الطاقة لتحرير الموارد العامة

-تراجع أسعار النفط يحد من تأثيرات رفع دعم الوقود على التضخم وقطاع الأعمال

مسقط - العمانية

أوضحت لبنى عبد اللطيف الخبيرة المُقيمة لدى البنك الدولي بوزارة المالية أنّ قيام الوزارة بالتعاون مع البنك بتحديث عمليات إعداد وتنفيذ الموازنة يأتي بهدف رفع كفاءة الإنفاق العام وتقليل المخاطر الاحتمالية المالية إضافة إلى تأكيد الاستدامة المالية.

وقالت في تصريح لوكالة الأنباء العمانية إنّ مراجعة سياسات الإنفاق العام تعتبر أمرًا هامًا يؤدي إلى إعطاء أهمية كبيرة للسياسات التي من شأنها رفع رفاه الأسر العمانية إضافة إلى حفز التنويع الاقتصادي وتنمية القطاع الخاص وتوفير الفرص الوظيفية، مشيرة إلى أن مراجعة دعم الطاقة ورفع الدعم عن المحروقات يشكلان أهمية كبيرة.

وأضافت أن البعض يرى أن فلسفة اقتصاد الرفاه، هي التي توفر الإطار المفاهيمي للإعانة للطاقة، ولكن الخبرات أثبتت أن مساندة التعليم والصحة والتنوع الاقتصادي يُسهم في رفع رفاه المجتمع بشكل أعلى.

وأشارت إلى أن دعم الطاقة بشكل واسع له آثار اقتصادية واجتماعية غير مرغوب فيها كما أن هذه السياسة تؤدي على المديين المتوسط والطويل إلى تفاقم الاختلالات المالية ومزاحمة أولوية الإنفاق العام وتشويه تخصيص الموارد عن طريق تشجيع الاستهلاك المفرط، وتشجيع الصناعات كثيفة رأس المال، وتسريع استنفاد الموارد الطبيعية.

وقالت إن الدراسات التي أجريت من قبل البنك الدولي (2012، 2014) ، تشير إلى أن دعم الطاقة سياسة تحتاج إلى مراجعة وأن الفائدة من رفعها هو جيد بالنسبة للمجتمع ككل.

وأضافت الخبيرة المقيمة لدى البنك الدولي بوزارة المالية أن دراسات البنك الدولي تشير إلى أن دعم الطاقة في منطقة الشرق الأوسط سجل 237 مليار دولار أي ما يعادل (25ر91 مليار ريال عماني) ووصل إلى 48 بالمائة من إجمالي ذلك الدعم على مستوى العالم وأن دول المنطقة دفعت ما يوازي 6ر8 بالمائة من ناتجها المحلي في ذلك الشأن وهو ما يشكل 22 بالمائة من إيرادات هذه الدول، وهي نسب تفوق بمراحل المتوسطات العالمية وتتراوح حول 7ر0بالمائة و1ر2بالمائة على التوالي.

وقالت إن الحقائق تشير إلى أن الدول المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط هي التي تحملت النصيب الأكبر من هذه التكلفة، مما أثر على قدراتها على الاستدامة المالية وحملها مخاطر مالية كبيرة، حيث يقدر سعر النفط التعادلي لعام 2015 من قبل صندوق النقد الدولي بأكثر من 100 دولار للبرميل في السلطنة والبحرين.

وأوضحت أن الإعانات تشوه أسعار السوق وبالتالي تؤثر على سلامة تخصيص الموارد. كما أنها تشجع التهريب الذي يمكن أن يؤدي إلى نقص في المنتجات المدعومة. فمن الموثق عالمياً أن الإعانات تؤدي إلى الإفراط في الاستهلاك، وتحويل الموارد بعيدا عن الاستخدامات البديلة، وبالتالي مزاحمة الإنفاق العام على التعليم والصحة والبنية الأساسية..كما أنها تؤدي إلى انخفاض كفاءة الطاقة، وتدفع إلى تكنولوجيا كثيفة رأس المال مؤثرة بذلك على فرص النمو في التوظيف.

وأكدت أن إزالة الدعم تؤدي على المدى المتوسط والطويل إلى تأثير إيجابي على النمو والكفاءة بما يمتص تأثراتها المحتملة على التضخم في المدى القصير حيث إنّ ارتفاع أسعار الطاقة يشجع المزيد من الشركات على إيجاد فرص العمل للشباب ويشجع نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة. وعلاوة على ذلك، فإنّ الشركات ستتوجه إلى الاعتماد على تكنولوجيات أكثر كفاءة في مواجهة ارتفاع أسعار الطاقة.

وتشير البحوث التجريبية إلى وجود علاقة إيجابية ذات دلالة إحصائية بين أسعار الوقود ونمو دخل الفرد في كل من المدى القصير والطويل. ووفقاً لمحاكاة النموذج العام-التوازن لمصر (البنك الدولي 2014)، فإن الحد من إعانات الطاقة بنسبة 25 بالمائة من شأنه أن يؤدي إلى زيادة بنسبة 1 بالمائة في فرص العمل والأجور.

كما أن تجارب الدول تشير إلى أن الإعانات ليست آلية فعالة لتوزيع الدخل في المجتمع. فدعم الطاقة يستفيد منه الأغنياء وكبار المستهلكين بنسب تفوق بشكل ملحوظ الأقل دخلاً وصغار المنتجين، مما يعنى أنها تمثل دعمًا للأكثر قدرة. وبالتالي فان التوقف عن سياسة الدعم المفتوح للجميع والتحول إلى استخدام عوائد رفع دعم الطاقة في المتطلبات الاجتماعية يعد أكثر تأثيرًا على المجتمع، إضافة إلى ترشيد الاستهلاك من الطاقة ومنتجاتها بما يؤثر إيجابا على الحد من التلوث والازدحام، واستنزاف المياه.

وأكدت لبنى عبد اللطيف أن التوجه الذي قامت به الحكومة في السلطنة من مراجعة لدعم الطاقة واستحداث آليات تسعير تلقائية مهم لتحرير الموارد العامة لتوجيهها إلى تحقيق مكاسب أكبر للقطاعات العريضة من المجتمع العماني، خاصة وأنّ هذه المراجعة تأتي في وقت تراجعت فيه بشدة أسعار النفط مما يجعل من التأثيرات الاحتمالية لرفع دعم الطاقة محدودة على التضخم المحلي وعلى الدخل الحقيقي للقطاع العائلي وعلى قطاع الأعمال.

تعليق عبر الفيس بوك