هل نحن بحاجة إلى وزارة لتطوير التعليم؟ (4-9)

السياسة هي فن إدارة موارد المجتمعات 

مرتضى بن حسن بن علي

مواجهة تحديات التعليم، وتحدِّي كل المشاكل التي نواجهها، هو تحدِّي الإدارة في جميع المجالات. والحقيقة التي ننساها أنَّ السياسة -أيَّة سياسة- هي في صميمها علم وفن إدارة موارد المجتمعات المختلفة بما فيها الموارد التعليمية والثقافية.

اعرف يقينا أنَّ تصوُّرات كلٍّ منا تظل مُتأثرة بموقفه وموقع نظره ومنهجه في الاجتهاد؛ وبالتالي فإني أقدِّر أنَّ بعضًا ممَّا أعرضه من تصوُّرات قد تختلف مع تصورات أخرى، ويطمئنني -في كل الأحوال- أنَّ اختلافَ التصورات مُفيد في البحث عن الحقيقة، وقد قيل سابقا: "من اجتهد وأصاب فله أجران، ومن اجتهد ولم يُصب فله أجر واحد".

ومن أجل الوصول إلى الأهداف التعليمية، ففي اعتقادي أنَّه من الضروري أن تُعطى لإدارة الوزارة المقترحة أصلح وأنضج العناصر المهيَّأة لتحمُّل المسؤولية، بما يُوفِّر درجة معقولة من الكفائة تحفظ للهدف حدًّا مأمونا من فرص النجاح. وفي تصوري أنَّ بعض الخطط والسياسات والإستراتيجيات التي ينبغي للوزارة المقترحة أن تقوم بها، هي الآتي:

1- إجراء دراسة كاملة وشاملة للكفاءة الداخلية للنظام التعليمي بعموميته؛ من خلال التركيز على جودة المقررات ونوعية الجهاز التعليمي والإداري والبيئة المدرسية، وأيضا من خلال تحليل مستوى نتائج الطلاب الخريجين وقدرات نضجهم وثقافتهم العامة، مع ما يحصل في العالم وسوق العمل المتغير وقدراتهم على التكيف مع التغيرات السريعة ومع الوظائف المستقبلية،واجراء مقارنات وتقيمات مع مستويات الطلاب في ذات المراحل في الدول المختلفة؛ للتعرُّف على أسباب الاختلافات والوصول إلى استنتاجات عن طبيعة المؤثرات والمستجدات المدرسية والتعليمية المؤثرة على الكفاءة الداخليه للنظام التعليمي العام وللتعليم الثانوي على وجه الخصوص، إضافة إلى تقويم التحصيل الدراسي عن طريق إجراء مقابلات مستمرة لعينة ممثلة للطلاب في كل مرحلة دراسية للتعرف على مدى ما استوعبوه، ومدى جاهزيتهم للانتقال إلى المرحلة التالية.. كلُّ ذلك سيساعد على دراسة المشاكل وتبيان مواقع الخلل وإيجاد حلول لها قبل استفحالها.

2- اعتبار تعليم الأطفال من عمر الثلاثة سنوات جزءًا أساسيا من التعليم العام؛ وذلك عن طريق توفير رياض الأطفال لكلِّ طفل في منطقته وفي جميع أنحاء عُمان، تضمن تعليم الطفل ثلاث سنوات كاملة قبل التحاقه بالمرحلة الابتدائية، تعليما يليق بالطفل وقدراته في تلك المرحلة المبكرة، وتوفير الطاقم التعليمي، والمتخرج في معاهد متخصصة تعلمه أصول التعامل مع الطفل الصغير وتدرسه موضوعي علم الاجتماع وعلم النفس، وتجري للراغب أن يكون مدرسا في الروضة وقبل التحاقه بالمعهد أو الكليةً، مقابلات شخصية للتعرف على مدى قدرته واستعداده للتعامل مع تلك البراعم الممتلئة بحب الفضول والرغبة في التعلم وتوجيه الاسئلة. والتعلم النوعي في الجيل المبكر، يمنح الطفل قدرة التزود بادوات أساسية للتعلم والابتكار لاحقا، ويعزز ثقافته ويدعم مهاراته وقدراته على الاعتماد على النفس، كما يوفر نقطة انطلاق لائقة له في المستقبل ويعلمه قيم الحوار الفعال وبناء علاقات إنسانية منذ ذلك العمر ويكسبه مهارات التفكير الضرورية له في المستقبل.

3- من أجل إيجاد البيئة المدرسية التي تحقق الاحتياجات التعليمية والتربوية والترفيهية، ومواكبة التغيرات المستجدة باستمرار في اتجاهات التعليم واحتياجاته، ويلبي متطلبات وتطلعات المستخدمين من البنين والبنات في مراحل التعليم المختلفة، من رياض الأطفال حتى المرحلة الثانوية؛ فمن الضروري أنْ يتجه التفكير الى التصاميم المختلفة والحديثة لمدارس المستقبل، والبدء التدريجي ببنائها، وتطوير الوضع القائم في الأبنية الحالية. والدول التي بدأت في هذا الطريق، لاحظت ورصدت أنَّ تلك المدارس الحديثةً تساهم في دعم التحصيل العلمي وتساعد الطلاب على تحقيق مراكز أحسن في التحصيل والاختبارات.

4- إجراءات مقابلات شخصية مع جميع الطلاب المنتهيين من الصف العاشر وقبل دخولهم لمرحلة الدبلوم العام لمعرفة الطلاب الذين يريدون استمرار دراستهم الجامعية مقابل هؤلاء الذين يريدون الدخول في المعاهد والكليات الفنية والمهنية أو الذين يريدون الالتحاق بسوق العمل مباشرة وحصر الدراسة في السنتين الأخيرتين، أي السنة الحادية عشرة والثانية عشرة، في مواضيع ومواد محددة، حسب الفرع الذي ينوي الطالب مواصلةً الدراسة فيه. فعلى سبيل المثال، فإنَّ الطالب الراغب مواصلة دراسته في العلوم الطبية والعلوم البيولوجية والزراعية، يذهب إلى الصفوف التي يتم التركيز فيها على مواد الكيمياء والفيزياء وعلم الأحياء والرياضيات واللغة الإنجليزية، وتركز الدراسة للطلاب الراغبين في الالتحاق بالكليات الهندسيةً والتقنيةً والفنيةً والمعاهد التدريبية، على مواد الرياضيات والرسم الهندسي واللغة الإنجليزية...وغيرها من المواد المتعلقة في مجال دراستهم. ونفس الشيء للطلاب في القسم الادبي والتجاري، يتم التركيز على المواد المناسبة في مجال دراستهم. أما الطلاب الراغبون بالالتحاق لسوق العمل مباشرة بعد الحصول على الدبلوم العام فيتعرضون لدروس نظرية وعمليةً في اللغه الانجليزية وبعض الجوانب من الرياضيات والحاسب الآلي وغرس مهارات الاتصال والتخاطب والتواصل وحل المشكلات والإبداع والمبادرة.

أيضا من المهم جدًّا إيجاد جسور تؤهل الطلاب المتخرجين من الكليات الفنية والمهنية والبيئية لاحقا، والراغبين بالحصول على شهادة البكالوريوس والماجستير فأكثر، إذا ما رغبوا في مواصلةً دراستهم الجامعية لاحقا.

appleorangeali@gmail. com

تعليق عبر الفيس بوك