مكتب حفظ البيئة يجري دراسات ميدانية لرصد التنوع الإحيائي في محمية رأس الشجر

قريات - العمانية

قال الدكتور الشيخ عبدالمجيد بن صالح الدرمكي مساعد مدير عام مكتب حفظ البيئة إن المكتب يرسل مراقبيه في محمية رأس الشجر بجزءيها الجبلي والساحل -في دوريات لعدة أيام مع اتصالهم الدائم بمركز المحمية لتسجيل مشاهدات الحيوانات البرية، والإبلاغ عن حوادث الصيد والاعتداءات على الحيوانات، ومنحهم الصلاحيات بعدم السماح لأي غرباء بدخول المحمية إلا بتصريح من المكتب .

وأشار الدكتور الدرمكي إلى أن المكتب يجري دراسات ميدانية بين الحين والآخر، تهدف إلى دراسة التنوع الأحيائي في المحمية وتراقب أوضاعه الراهنة عن طريق أخصائيين في مجال الحياة البرية، ونتيجة لتلك الدراسات فقد لوحظ ان أعداد بعض الكائنات الحية في المحمية تزايدت بشكل ملحوظ، كما شوهدت بالكاميرات الفخيّة التي ينصبها المكتب في أماكن متفرقة في المحميّة، العديد من الكائنات الحية الأخرى التي تعيش على أرض المحمية مكونة بذلك محيطًا حيويًا قادرًا على احتضان تلك الكائنات وتوفير الغذاء اللازم لها بعيدًا عن المخاطر التي قد تواجهها وتهدد بقاءها في مواطنها الطبيعية. وتمّ مؤخرا زراعة 100 شتلة من أشجار الغاف البري، وأشجار السمر والسدر في إحدى بقاع المحميّة المناسبة للزراعة، وحدد المكتب حدود المحمية مما أدى إلى تقليل عمليات الصيد الجائر التي كانت تواجهها المحمية.

وتأسست محمية رأس الشجر عام 1985م تحت مظلة مكتب حفظ البيئة بديوان البلاط السلطاني، وتقع في القرى الشرقية لولاية قريات بمحافظة مسقط، تحدها من جهة الجنوب الشرقي ولاية صور بمحافظة جنوب الشرقية وتبلغ مساحتها حوالي7ر93 كيلومتر مربع، وتنفرد المحمية بغطاء شجري واسع وكثيف، خاصة أشجار السمر لذلك أطلق عليها "رأس الشجر" .

وتعد محمية "رأس الشجر" من المناطق المهمة لما تزخر به من تنوع أحيائي إلى جانب العديد من المكونات الطبيعية والحيوانية والنباتية والجيولوجية، وتضم عددًا من الحيوانات الثديية أبرزها الغزال العربي الذي يعيش في الجزء الساحلي للمحمية والوعل العربي الذي يتواجد في المناطق الجبلية الوعرة في المحمية.

وتعيش بالمحميّة حيوانات الثعلب الأحمر والوشق العربي، إضافة إلى كونها ملاذًا آمنا لعدد من الطيور المهاجرة والمستوطنة كطيور الهدهد والشقراق الهندي، وطائر الجشنة، والوروار، والنسر المصري، والصفرد، والبوم، والقطا، والحمام البري والصقر، والكروان، والنورس. ويعد الغزال العربي من أبرز الحيوانات التي تزخر بها المحمية، ويمكن مشاهدة هذه الغزلان بسهولة في قرى (فنس، وبمة) بمحمية رأس الشجر، وأهم ما يميّز الغزال العربي لونه البني الداكن، ويمتاز بالخفة والرشاقة، ولدى الذكر قرون سميكة ومقوسة، وتكون أقل سمكا وأكثر استقامة لدى الأنثى، ويتغذى على أشجار السمر والغاف.

ويعيش في محمية رأس الشجر "الوعل العربي" ويمتد انتشاره على طول جبال الحجر الغربي والشرقي إضافة إلى جبل قهوان الواقع بين ولايات صور وجعلان بني بو علي والكامل والوافي بمحافظة جنوب الشرقية، ويتميز الذكر من الوعل العربي بأن قرونه معقوفة أي منحنية وله خط أسود مائل على ظهره، أما الأنثى فقرونها صغيرة، ويصبح شعر الوعل خلال الشتاء خشن الملمس ويشكل ما يشبه الأطواق على أرجله، ويتغذى على ثمار الأشجار والحشائش الصغيرة .

وتتميز المحميّة بوجود عدد من النباتات البرية ذات الفوائد الكبيرة للإنسان والحيوان والطبيعة، كأشجار السمر، والسدر، والشوع التي تعتبر مصدرًا غذائيا لنحل العسل، وللحيوانات آكلة العشب في المحمية. وتتواجد في المحمية نباتات القفص والقطف والشكاع واللثب، والعسبق، ونباتات الشحص والطلح، والسرح، والسيداف، والضجع التي يستخدمها الأهالي حتى اليوم في الاستخدامات الطبية.

وتزخر المحمية بموقع سياحي وبيئي فريد يجمع بين البحر والجبل، وتوجد بها منازل أثرية ما زالت موجودة حتى الآن على حالها، كما أنّ هناك مناطق جذب سياحي تقع حول المحمية، ككهف مجلس الجن، ووادي شاب، ومنتزه هوية نجم والعديد من الكهوف ككهف محافر.

ودلت الاكتشافات الأخيرة لوزارة التراث والثقافة على العديد من الآثار التي تعود لآلاف السنين في أكثر من موقع على أرض المحمية، كما تشتهر المحمية بوجود العديد من الأودية التي تتردد عليها الوعول والغزلان العربية وغيرها من حيوانات المحمية للارتواء من فيضها كوادي العجمه ووادي السوقه ووادي الحرش وغيرها، كما تشتهر المحمية أيضًا بوجود عدد من العيون أشهرها عين الغيل.

ويعد المجتمع المحلي في محمية رأس الشجر من المجتمعات النشطة، والواعية لأهمية الحفاظ على المحمية، ويمارس الأغلبية من سكانه مهنة الرعي، إلى جانب حرفة المشغولات اليدوية المستمدة خاماتها من البيئة المحيطة كمنتجات السعف التي تتميز بألوانها وأشكالها الأنيقة والمصنوعة من سعف النخيل ومخلفاته الطبيعية، كما يقومون بجمع أوراق الزعتر الجبلي الذي ينمو في جبال المحمية ؛ ومن ثم يجففونه ويبيعونه في الأسواق المحلية، ويستخرجون كذلك عسل السمر والسدر الطبيعي من خلايا النحل التي تجد بيئة المحمية مكاناً آمنا لنموها.

والعسل المستخرج من المحمية من أجود وأنقى أنواع العسل العماني، كما يستخرج الأهالي نبات الكمأة المعروف لديهم بأسماء (شحم الدنيا أو الفقع ) وهو منتج غذائي مهم بالنسبة لهم، حيث يبدأ موسمه في شهر فبراير من كل عام ويستمر حتى أواخر شهر مارس من العام التالي .

تعليق عبر الفيس بوك