الخطابة البيئية ما بين مسقط و دبي

خلفان العاصمي

للعام الرابع على التوالي يسعفني الحظ أن أكون بالقرب من النسخة المحلية لمسابقة الخطابة البيئية لطلبة الجامعات والكليات في السلطنة والتي تشرف على تنظيمها جمعية البيئة العمانية - التي انشئت في شهر مارس من عام 2004م- على يد مجموعة من المهتمين بالشأن البيئي وتسعى لنشر الوعي حول أهميّة المحافظة على البيئة في مختلف شؤون الحياة - بالتعاون مع مجموعة عمل الإمارات للبيئة- إحدى مؤسسات المجتمع المدني بدولة الإمارات العربية المتحدة- والتي تتبنى فكرة نشر التعليم والتدريب من أجل تحقيق تنمية بيئية مستدامة وفق خطط وبرامج متنوعة أبرزها النسخة الإقليمية لهذه المسابقة التي اطلقتها منذ أكثر من عشر سنوات وتتركز فكرتها حول ترسيخ قيمة الحفاظ على البيئة بمكوّناتها المختلفة واستثمار طاقات الشباب وقدراتهم المعرفيّة والعلمية من إجل إيجاد بدائل فاعلة لبعض الممارسات السلبية التي تؤثر في الكيان البيئي، وتعميق قدرات المشاركين في مهارات الخطابة والتحدث وتطوير أساليب وأدوات العرض لديهم من خلال استخدام مهارات الحوار والمناقشة والإقناع واستخدام التقنيات المناسبة من أجل توضيح الفكرة التي سيتحدثون عنها وفق المحور الذي تم تحديده للتنافس عليه. حيث يتم في كل دورة من دورات المسابقة اختيار أربعة مواضيع مختلفة ولكنها مرتبطة بشكل مباشر بالبيئة سواء من حيث الاستدامة أو التشريعات البيئية أو علاقة البيئة بالتنمية وكذلك عملية الاستهلاك وارتباطها بزيادة عدد السكان.

في هذا المقال سأذكر المواضيع التي تم الاشتغال عليها في مسابقة العام الحالي لتقريب الصورة أكثر للقارئ وهي "الاستدامة مسؤوليتنا، إنّها لم تعد خياراً لنا"؛ "من العالمية إلى المحلية، التشريعات البيئية والتكامل الاقتصادي"، "الزيادة السكانية أم الاستهلاك المفرط، اين يجب أن نركز؟"، "البيئة والتنمية، صراع أم توافق؟"، فبعد أن تتم عملية اختيار المواضيع وتكون متوافقة مع المواضيع المطروحة في النسخة الإقليمية يتم إبلاغ مؤسسات التعليم العالي الراغبة في المشاركة من خلال ما يعرف بسفراء المسابقة وهم مجموعة من المتطوعين يتم تدريبهم وتأهيلهم من أجل مساعدة الطلبة المشاركين ونقل الخبرات اللازمة لهم وتوضيح فكرة المسابقة وآلية عملها وعناصر تقييمها، حيث تتنافس في كل موضوع من هذه المواضيع مجموعة من الفرق بلغ عددها في هذه النسخة عشرة فرق تمثل مؤسسات تعليمية مختلفة، وتقوم هذه الفرق بعرض فكرتها أمام لجنة التحكيم والتي تتكون من مختصين في مجالات الخطابة والحوار والشؤون البيئية والتنمية المستدامة، ويخصص لكل فريق عشر دقائق كنوع من التحدي مع الوقت من أجل توصيل كل ما يريده وفق العناصر الخاصة بعملية التقييم والتي تركز على مدى خدمة الموضوع للبيئة ووضوح الفكرة وتسلسلها وإمكانية الاستدامة وقابلية الفكرة للتطوير وغيرها من العناصر الأخرى.

شهدت المسابقة في نسختها المحلية حتى العام الحالي مشاركة ما يقارب الـ 500 طالب وطالبة يمثلون معظم مؤسسات التعليم العالي في السلطنة حيث سجل هذا العام رقما قياسيا من حيث أعداد المشاركين الذي وصل لـ 160 طالب وطالبة يمثلون 23 مؤسسة تعليم عال في السلطنة، وتهدف جمعية البيئة العمانية لتنظيم النسخة العمانية من المسابقة من أجل تهيئة الطلاب للمشاركة في المنافسة الإقليمية وذلك من خلال معايشتهم لتفاصيل المسابقة في مراحلها المختلفة ووجود لجنة تحكيم مؤلفة من عدد من الخبرات في مجالات البيئة والخطابة ومن ثمّ تقوم الجمعية بدعم الحاصلين على المركز الأول في كل محور من المحاور الأربعة من خلال تدريبهم وتأهيلهم للتنافس الإقليمي وتتكفل الجمعية بتكاليف مشاركتهم وذلك بناء على الإمكانيات المادية المتاحة للجمعية بينما تبقى الفرق الحاصلة على المراكز الأخرى حائرة ما بين رغبتها في المشاركة ووجود العائق المادي من أجل ذلك، إذ تتطلب عملية المشاركة إلى تأهيل وتدريب جيد وإلمام بالمعارف اللازمة وامتلاك للقدرات الجيدة من أجل المنافسة، وكذلك عملية التسجيل في مركز المسابقة الإقليمية، بالإضافة لتكاليف النقل والإقامة وغيرها حيث إن كل فريق يتكون ما بين 3 لـ 5 أشخاص مع المدرب المتطوّع، من هنا نجد أنّ على المؤسسات التعليميّة التي يمثلها هؤلاء المشاركين دور مهم في دعمهم ورعايتهم وتوفير كل ما يضمن لهم المشاركة الإيجابيّة، فبعد مشاركتهم في النسخة المحليّة أصبحت لديهم القدرة والمعرفة بأساسيات المسابقة إلا أنّهم بحاجة إلى مزيد من الإعداد وبالتالي مشاركتهم بأسماء مؤسساتهم التعليمية هو أحد الحوافز التي من خلالها يجب أن تسعى هذه المؤسسات له، فتحقيق الإنجاز على المستوى الإقليمي لن ينسب للمشارك نفسه بل لمؤسسته التعليميّة ولوطنه بالتأكيد.

تعليق عبر الفيس بوك