استعراض الآثار الاجتماعية والثقافية للرحلات السياحية البحرية على مطرح في المؤتمر الجغرافي العالمي بموسكو

مسقط - الرُّؤية

قدَّمت مانويلا جوتبيرليت طالبة دكتوراة في قسم الجغرافيا في جامعة آخن في ألمانيا ومديرة العلاقات العامة في الجامعة الألمانية للتكنولوجيا في عمان، عرضا مرئيا عن تأثير سياحة الرحلات البحرية على المجتمعات المحلية حول ميناء السلطان قابوس، والذي يتمتع بمناظر طبيعية خلابة؛ وذلك خلال المؤتمر العالمي السنوي للاتحاد الدولي الجغرافي، والذي عُقد في العاصمة الروسية، بحضور أكثر من 1500 مشارك من حول العالم، واستمر لمدة أسبوع في جامعة لومونوسوف موسكو.

وناقش العرض المرئي -الذي قدَّمته مانويلا، والذي حمل عنوان "أتشعر أنك في بلدك؟ سلوكيات سياح الرحلات البحرية من حيث الملابس وردود فعل المجتمع"- الآثار الاجتماعية والثقافية لجموع السياح الغفيرة القادمين من خلال الرحلات البحرية على سوق مطرح التقليدي في مسقط. وقدمت مانويلا نتائجها خلال حلقة نقاش حول السياحة والترفيه والتغيير العالمي والأبعاد الثقافية.

وأشارت إلى أنَّ عددَ السياح القادمين عن طريق الرحلات البحرية السياحية خاصة من الميناء الذي تم تخصيصه حديثا للسفن السياحية الضخمة في مسقط، قد ارتفع في السنوات العشر الأخيرة. ونتيجة لذلك، فإن حجم السياحة له آثار على المواقع المحيطة التي يزورها السياح وخاصة سوق مطرح وفقا للباحثة. وقالت مانويلا والتي كانت تعمل كمرشدة سياحية للسياح المتحدثين الألمانية أو الفرنسية عندما كانت سياحة الرحلات البحرية الضخمة في بداياتها قبل عشرة أعوام، "نمت سياحة الرحلات البحرية منذ عام 2004م، عندما وصلت أول سفينة سياحية ضخمة. اليوم أغلب السفن السياحية تحمل أكثر من 2000 سائح إضافة لطاقم السفينة.

وأضافت: "يظهر بحثي بأن البائعين في المحلات التجارية المحلية في مطرح، والذين يتعاملون بشكل مباشر مع سياح الرحلات البحرية، لديهم ردود أفعال سلبية تجاه ملابس بعض السياح خاصة السائحات الإناث".

ووفقا للإحصاءات الرسمية، فإن أكثر من 100 سفينة سياحة تحمل أكثر من 125.000 سائح وصلت الى مسقط العام الماضي، مقارنة بالسفن السياحية التي زارت السلطنة عام 2005 والتي بلغ عددها 25 سفينة. ونتيجة لذلك، أصبح سوق مطرح، القريب من الميناء أحد اهم المناطق السياحية التي يزورها السياح. وقالت مانويلا والتي يركز بحثها على سياح الرحلات البحرية المتحدثين الألمانية "العديد من سياح الرحلات البحرية يأتون من أوروبا، خاصة من ألمانيا". "وفقا للنتائج التي أظهرها البحث، يقول مجتمع الأعمال التجارية المحلية في مطرح بأن استخدام السراويل القصيرة والملابس الكاشفة، خاصة من قبل النساء، قد ازداد منذ وصول السفن السياحية".

وخلال هذا البحث قامت مانويلا بمقابلة 45 بائعا ومالكا للمحال التجارية، إضافة إلى غيرهم من الأطراف ذات العلاقة من المجتمع المحلي. وقالت: "في أوروبا ملابس المرأة الصيفية كاشفة وقصيرة. ولكن في عُمان ومنطقة الخليج، تعتبر الملابس الكاشفة أمراً غير مقبول، ويجب أن يتم إعلام السياح بشكل رسمي حول الملابس المناسبة".

ومن ناحية أخرى، فإنَّ أغلبية أصحاب مختلف المصالح التجارية من المجتمع المحلي، مثل منظمي الرحلات السياحية، ووكلاء الشحن والمرشدين السياحيين هم من الذكور ويعتبر العديد منهم أن إخبار سائحة اجنبية بأن تغطي نفسها بالشكل اللائق هو من الأمور غير المقبولة ثقافيا.

ولإيجاد المزيد من الوعي حول السلوك المناسب من حيث الملابس لسياح الرحلات البحرية والذين عادة ما يقضون 10 ساعات تقريبا خلال توقفهم في سلطنة عُمان، تقترح الباحثة تحسينات في المواد الارشادية المقدمة قبل الرحلة، إضافة إلى المعلومات المقدمة خلال الرحلة، لإعطاء إرشادات واضحة من خلال الصور على اللافتات. وأكدت الباحثة "سيكون من الرائع أن يتم تقديم خدمة تأجير العبايات على متن السفينة السياحية. أعتقد بأن هذه ستكون تجربة ممتعة للعديد من السياح.إضافة لذلك، يمكن تقديم ورش عمل ثقافية توعوية لموظفي القطاع السياحي مثل موظفي السفن السياحية والمرشدين السياحيين العاملين على السفينة بالإضافة إلى وكالات الرحلات السياحية المحلية، ووكلاء الشحن والمرشدين السياحيين المحليين".

ومن ناحية أخرى، قالت الباحثة: "العديد من السياح يتجاهلون أي إرشادات. "وبعض السياح الباحثين عن الترفيه لا يودون أن يتعلموا ويتصرفون بإهمال. وهؤلاء السياح يرغبون في التمتع بحرياتهم بعيدا عن حياتهم الروتينية في بلادهم، بصرف النظر عن أية حساسيات ثقافية في البلد المستضيف".

وفي الاستبيان الذي قامتْ به الباحثة مع السياح المتحدثين باللغة الألمانية، أجابت الغالبية العظمى (98%) من السياح والذين أغلبهم من الإناث بأنه تم إعلامهم بالملابس المناسبة قبل وصول الرحلة إلى مسقط. وقالت مانويلا: "أعتقد أنه من المهم أن يتم فرض بعض القواعد العامة قبل توقف الرحلة البحرية في مسقط. وإلا فإن الزوار غير المحتشمين في ملابسهم قد يتسببون في إهانة المجتمع المحلي، والذي يخشون هذه التهديدات على قيمهم ومعتقداتهم، وقد يسهم ذلك في التأثير سلبا على نهجهم الترحيبي والودي تجاه الزوار.

وقامت مانويلا ببحثها الميداني خلال الفترة من العام 2012م وحتى العام 2014م في مطرح؛ حيث قامت بتحليل الآثار الاجتماعية والثقافية للرحلات السياحية البحرية الضخمة على سوق مطرح التقليدي وتجربة السواح.

وسيتم نشر نتائج بحثها "الآثار الاجتماعية الاقتصادية لسياحة الرحلات البحرية الضخمة في سوق مطرح" في مجلة الجغرافيا العالمية (Fennia) الفنلندية خلال الأشهر المقبلة.

تعليق عبر الفيس بوك