رأس مدركة.. عروس السياحة الطبيعية تجذب مختلف فئات السائحين إلى الوسطى

فرصة للاستمتاع بالهدوء.. ولوحة من التداخلات الصخرية مع مياه بحر العرب

الرُّؤية - يوسف علي

تَحْظَى المقوِّمات السياحية في محافظة الوسطى بالعديد من عوامل التميُّز التي تجذب الكثير من مُحبِّي السياحة الطبيعية؛ حيث يستمتع السواح بالشواطئ والرمال والبوادي والصحاري الواسعة والسيوح الممتدة، على الرَّغم من قلة العمران في المحافظة. وفي رحلة جديدة قام بها عدد من الشباب إلى واحدة من أكثر مناطق محافظة الوسطى جاذبية وهي رأس مدركة الواقعة على بحر العرب في جنوب شرق ولاية الدقم، أجْمَع الزوار على أن رأس مدركة وجهة مهمة لمختلف فئات السائحين للتمتُّع بأجوائها وطبيعتها الجذابة وما تضمه من مواقع جميلة وأخاذة، خصوصا وأنَّ القرية الساحلية يراها زوارها وهم يدخلون إليها من ناحية الجبل؛ لذلك تبدأ المتعة قبل الدخول إلى القرية نفسها، وقد رسمتْ لوحة بديعة تجسِّد تداخل المياه باليابسة والمنازل المطلة على البحر في لوحة جمالية ساحرة.

ومن الأماكن التي يقصدها السائح قبل وصوله القرية منطقة رأس مركز -وهو قادم من مركز الولاية صاي، وبعد قرية ظهر، وعلى مسافة 5 كيلومترات يتجه يساراً ولمسافة 14 كيلومترا- ليطل على المنظر الجميل عند وصوله للرأس؛ وذلك لتداخل ألسنة الجبال بقدرة إلهية مع مياه البحر؛ حيث بإمكانه الوقوف على تلك الألسنة ليجد المياه قريبة منه وكأنه في وسط البحر.

ويكثُر قدوم السائحين لهذا الرأس، خاصة في فصل الصيف؛ للتمتع بالجو الخريفي الذي يغطيه لفترات طويلة. وباعتبار رأس مركز منتجعا سياحيا طبيعيا، فإنه بحاجة ماسة لمرافق تخدم السائحين وطريق معبد يسهل وصولهم؛ كون الطريق الحالي المؤدي إليه طريق ترابي تقوم الجهات المعنية بتهيئته بصورة مستمرة.

وتتَّجه المنطقة بقوة للاقتصاد والسياحة العالمية، وتقع بعيدًا عن مركز الولاية بمسافة 75 كيلومترا، والوصول للقرية يرتبط بأكثر من طريق؛ أهمها: الطريق المؤدي من محافظة مسقط مرورا بولاية المضيبي في محافظة شمال الشرقية ومنها لولاية محوت بمحافظة الوسطى ومنها لولاية الدقم ولمسافة حوالي 600 كيلو متر حتى مركز الولاية بمنطقة وادي صاي، وهذا الطريق يسهِّل عملية الوصول للقرية لجميع القادمين من محافظتي مسقط ومسندم ومحافظات الباطنة والشرقية. أما القادمون من محافظة البريمي ومحافظتي الظاهرة والداخلية، فبإمكانهم سلك الطريق المؤدي من منطقة فرق بولاية نزوى في الطريق المؤدي لمحافظة ظفار، وعند الوصول لولاية هيماء بمحافظة الوسطى يتَّجه شمالها في الطريق المؤدي لولاية الدقم ولمسافة 160 كيلومترا، وقبل الوصول للمنطقة وادي صاي بمسافة 17 كيلومترا يتجه جنوباً أي يمين تقاطع الجازر-الدقم ولمسافة 58 كيلومترا للوصول لقرية رأس مدركة، وللسائحين القادمين من محافظة ظفار يسلك الطريق من المحافظة إلى محافظة مسقط، وعند الوصول لولاية هيماء يسلك الطريق السابق نفسه للوصول للقرية. أما الطريق الآخر من ولاية ثمريت عن طريق منطقة مرمول بولاية الجازر ومرورا بمناطق ريما والكحل ثم الاتجاه شمالا لوية الدقم عبر قرى هيتام وديثاب وثلين وجويرة وصولا لقرية ظهر ومنها لمسافة 25 كيلومترا للقرية البديعة رأس مدركة، ولكن الطريق الأخير لا يستخدم كثيراً للوصول للقرية بحكم طوله، وكذلك كثرة التعرجات به؛ مما قد يُؤخِّر الوصول إليها، خاصة للسائحين الذين يزورون تلك المناطق للمرة الأولى.

ومن يقصد رأس مدركة يستمتع ببساطة المنازل المنتشرة في ربوعها وغزارة الكنز الطبيعي في مقوماتها الجميلة المميزة الأخاذة والمقومات السياحية الرائعة التي رسمتها الطبيعة متمثلة في التشكيلات الجبلية والصخرية التي تضمها مياه بحر العرب من جهة، والرمال الذهبية الناعمة من جهة أخرى؛ لتشكِّل المناظر الخلابة الساحرة، التي تسحر كل من يزور قرية رأس مدركة.

ومن الأماكن التي يقصدها زوار القرية شاطئ رأس مدركة الذي يمتد لمسافة طويلة مع وجود الرمال الناعمة التي يجد السائح فيها فرصة للاستجمام وممارسة رياضة ركوب الأمواج في بعض أوقات السنة لارتفاع نسبة الأمواج مما يساعد على ممارسة تلك الرياضة، وكذلك صيد الأسماك في ذلك المكان بالتحديد لوفرة الأسماك بمختلف الأنواع؛ حيث يجد السائح فرصة لتناولها على وجبة الغداء وبصورة مستمرة، وتكثر في الشاطئ الطيور البحرية وبعض الكائنات البحرية الأخرى مثل سرطانات البحر، وقد ساهم وجود الطريق المعبد في زيادة أعداد السائحين لذلك المكان خلال العامين الماضيين، وكذلك استقطب الشاطئ الكثير من الملتقيات الطلابية والأندية العلمية لطلبة مدارس السلطنة وطلاب جامعة السلطان قابوس، لاسيما لإجراء البحوث العلمية بالقرية لما تتمتع به القرية من تضاريس متنوعة تساعد على ذلك. ومن هذا المنطلق والأماكن الغنية بالقرية، تأتي مطالبة الجهات المعنية -وفي مقدمتها وزارة السياحة- بتكثيف الجهود على تطوير وتهيئة تلك الأماكن بالمرافق الخدمية الضرورية التي يحتاج إليها السائح والزائر للمنطقة؛ كون طبيعة السلطنة ترسم الكثير من المعالم الجميلة لأنها غنية بالتضاريس والتكوينات الجيولوجية المختلفة التي تجعلها متنفساً ومقصداً سياحيا داخلياً للمواطن والمقيم بأرض السلطنة، وهذه الجهود بالتأكيد هي سياسة وضعتها الوزارة بالحسبان.

وتبرُز طبيعة أهل رأس مدركة وتميزهم بصفات الكرم وبساطتهم وتعاونهم مع الضيف وحفاوتهم في استقبال الضيوف والترحيب بهم والإصرار على استضافتهم.

ويشتغل معظم سكان رأس مدركة بمهنة صيد السمك؛ حيث إنَّ القرية تتميَّز بأغنى المياه في السلطنة لوجود أجود أنواع الأسماك التي توفر للمواطنين دخلا مناسبا من هذه المهنة المتوارثة، والمواطن في القرية حريص على اصطحاب أبنائه عند الذهاب لرحلة الصيد، خاصة خلال الإجازات الصيفية، وهو دليل على حرصه الدائم على إكسابهم المهنة وتناقلها من جيل لآخر بهدف المحافظة عليها، كما تحرص حكومة السلطنة على إحياء المهنة والمحافظة عليها؛ لذلك قامت بتهيئة الطريق المؤدي للشاطئ حتى يسهل تنقل الصيادين من وإلى أماكن الصيد، وكذلك سمحت بإصدار التصاريح بإنشاء مصانع وبرادات تجميع الأسماك التي أخذت في السنوات الأخيرة في الزيادة حيث توجد بالقرية ثلاثة مصانع للأسماك تصدر الأسماك لمختلف الأسواق في الدول المجاورة وهي خطوة إيجابية لتمكين الصيادين من إيجاد منافذ تسويقية قريبة منهم دون عناء في نقل الأسماك في سياراتهم الصغيرة إلى الأسواق المختلفة بالسلطنة.

وبحسب موقع "هوية عمان"، فإنَّ رأس مدركة شاطئ يتهافت عليه هواة ما يمكن تسميته بـ"سياحة المخيمات" وهو شاطئ يأتي إليه السواح بسياراتهم من البلدان الخليجية المجاورة مرورا بولاية عبري لقضاء بضعة أيام في هذا الطقس الرائع بين إخوانهم من أبناء عمان في تلك المحافظة التي تتخذ شكل المثلث الذي يواجه رأسه مياه بحر العرب. يبعد شاطئ رأس مدركة حوالي 80 كيلومترا عن وسط الولاية. إضافة إلى أن بعض المناطق تتمتع بمناظرا طبيعية وتكوينات جيولوجية نادرة مما يجعل منها لوحة فنية رسمتها أصابع ماهره قادرة على تجسيد الأحلام. وهناك منطقة 'الاشتان' وهي مساحة منخفضة واسعة تنتشر بها الأشجار الخضراء وتحيطها جبال صخرية من مختلف الجهات.

تعليق عبر الفيس بوك