مستهلكون: التمور العمانية تواجه منافسة غير عادلة من "المستوردة".. وضعف الدعم الحكومي أبرز الأسباب

عبري- ناصر العبري

قال مستهلكون إنّ التمور العمانية تواجه منافسة غير عادلة أمام "اكتساح" التمور المستوردة للأسواق المحليّة، مشيرين إلى أن أبرز أسباب تراجع تنافسيّة التمور العمانية يتمثل في ضعف الدعم الحكومي، وتراجع اهتمام المزارع العماني بالنخلة.

ودعا المستهلكون المزارعين العمانيين إلى الاهتمام بالنخلة كما كان عهدهم في السابق، والعمل على تجويد المنتجات وخفض الأسعار، كما طالبوا الجهات المعنيّة بالتدخل وتشجيع المنتجات الوطنيّة من خلال التوسّع في إقامة المعارض المتخصصة والمنافذ التسويقية.

وقال الدكتور هاشل بن سعد الغافري أستاذ مساعد بكليّة العلوم التطبيقية إنّالتمور العمانية تعاني بين قلة الإنتاج وضعف التسويق، على الرغم من أنّالإنسان العماني ارتبط بالنخلة ارتباطا وثيقا منذ زمن طويل في السهل والجبل والحضر والبادية، فمنها غذاؤه وسكنه وطعام أنعامه ومصدر رزقه طوال فصول السنة الأربعة.

وأضاف أنّالإنسان العماني اعتنى بالنخلة عناية كبيرة وتعهدها بالرعاية فبادلته بالإحسان إحسانا، ومنحته من فضل الله ونعمته أطايب ثمرها، ولا يكاد يخلو جزء من النخلة لم يستفد منه الإنسان العماني، لكن حين تغيرت الأحوال وبدأ يغير نظام حياته، ترك اهتمامه بالنخلة وقلت عنايته بها وترك أمر ذلك للوافد الذي لا يمتلك الخبرة الكافية للتعامل معها، فكان هذا سبباً مباشراً في ضياع هذا المحصول الاقتصادي المهم. وأضاف الغافري أنّ من بين أسباب تراجع جودة التمر العماني نقص المياه في الكثير من محافظات السلطنة، بسبب الإسراف في استخدام المياه الجوفية ومياه الأفلاج، مما أدى إلى استنزافها من ناحية، وضعف إدارة موارد المياه وتصريفها من ناحية أخرى، وفي المقابل من ذلك انتهجت دول أخرى استراتيجية منظمة في زراعة النخيل واستثمارها اقتصاديا، وحققت النجاح المطلوب. وتابع الغافري أنّه بعد أن كانت بلادنا مصدرة للتمور أصبحت مستوردة لها، مشيرًا إلى أنّ ضعف التخطيط وسوء إدارة الموارد والبطء في تنفيذ الخطط والإستراتيجيات، من أكبر العوامل التي تسببت في ضعف سوق التمور العماني، مستدلا على ذلك بأنّمصانع التمور التي تمّ إنشاؤها في ثمانينيات القرن الماضي لتقوم بدوم كبير في تغليف وتعبئة التمور وتسويقها لتشكل رافدًا اقتصاديًا يزيد من إيرادات السلطنة، إلا أنّالنتائج جاءت عكس التوقع بسبب ضعف الرؤية في إدارة تلك المصانع، رغم امتلاكها كل المقوّمات البشرية والمادية التي تساعدها على النجاح والتميز.

وأوضح أنّه عندما يذهب الزائر والمقيم إلى المحلات يجد أنواعاً شتى من التمور وبأشكال وأحجام مختلفة وأسعار تنافسية، لكن للأسف كلها تمور غير عمانيّة، وفي مقابل ذلك يلاحظ التمور العمانية على الأرفف أقل جودة شكلاً ومضموناً، وتعجز عن منافسة منتجات الدول الأخرى.

ويرى الغافري أنّإدخال اليد العمانية للتعامل مع النخلة مرة أخرى، هو أول خطوة على الطريق الصحيح، من خلال منح أراض زراعية للشباب ودعمهم للقيام بفسل النخيل وتسويق منتجاتها، علاوة على فتح مركز حكومي متخصص لتصنيع التمور وتسويقها وفق المواصفات والمعايير الدولية، إضافة إلى أهميّةإقامة معارض موسعة للتمور على المستوى المحلى عدة مرات في العام، لجذب الزائرين والمقيمين للمنتج العماني من التمور.

المنتج الوطني

فيما قال سالم بن راشد الإسماعيلي إنّالمزارعين العمانيين يحرصون على جودة منتجاتهم وتميزها عن باقي المنتجات المستوردة، إذ تتميز هذه المنتجات الوطنية بمذاقها الفريد، مشيرًا إلى أنّالتمور العمانية تعد رافدًا اقتصاديا مهمًا للمزارع العماني لكون الرطب والتمر لا تخلو منهما موائد البيت العماني؛ وعلىهذا الأساس يجب حماية المنتج العماني على مختلف الأصعدة الحكومية والأهلية، وألا يخالط المنتج المحلي المنتجات المشابهة له أو القريبة منه. وأضاف أنّالمنتج المحلي يعتبر إرثا ورمزًا لكل عماني، وفيه تجانس مع صحة الفرد والبيئة، ما يستدعي التنبيه إلى عدم الانجرار وراء رخص ثمن التمور المستوردة، وأن يولي الجميع الاهتمام الكافي بالمنتج الوطني، وتشجيع المزارعين على زيادة الإنتاج المحلي من التمور.

وقال محمد بن سليمان الكلباني إنّالتمور العمانية تمتاز بالجودة العالية، وتتمتع برواج في السوق المحلي، وخير دليل على ذلك مهرجان التمور الذي أقيم في ولاية نزوى. وأضاف أنّقطاع صناعة التمور يعد من القطاعات الواعدة في السلطنة، فقد تفضّل مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- فأصدر أوامر سامية بزراعة مليون نخلة، لكن في المقابل يتعيّن على القطاع الخاص الاستثمار في التمور، لما له دور مهم وكبير في الصناعات الغذائية.

وقال حمدان بن محمد بن علي العبري: "يجب الاهتمام بالسوق المحلي أولا، ودعم التجار وتشجعيهم بمختلف الطرق التي تساعدهم على الاستمرار في مواصلة هذه التجارة، وكذلك دعم المزارعين وتسويق بضاعتهم، وفتح منافذ لبيع التمور، على أن تقوم الدولة بإعادة بيعهللمواطن بسعر أقل، وهو ما يعد تشجيعًا للمزارع وتجار التمور لمواصلة هذا العمل، وفي حالة نجاح هذه الاستراتيجيّة لن يكون هناك داعيًا للاستيراد من الخارج.

وقال هلال بن عبدالله بن سيف العبري إنّ التمور المستوردة تغرق السوق المحلي،مطالبا الجهات المعنية بالتدخل لضبط السوق، وتفادي المنافسة غير العادلة بين المنتج الوطني والمستورد، إذ تباع التمور المستوردة بسعر أقل وبكميّات كبيرة.

وقال إبراهيم بن عليالكلباني إنّالمواطن العماني مرتبط بعلاقة وثيقة مع النخلة، ويوليها جل اهتمامه إذ تمثل مصدررزق مستداملكثير من المزارعين، كما تجود النخلة عليه بثمار وفيرة. وأضاف أنّ السلطنة تزخر بالعديد من أنواع التمور ذات الجودة العالية مقارنة بالمستورد. وتابع أنّنوعية النخلة تختلف من ولاية إلى أخرى من حيث الزراعة والإنتاج. وأوضح أنّجميع محافظات السلطنة منتجة للتمور، وهو ما يثير الدهشة من استيراد التجار للتمور من الدول الأخرى، مطالبًا الجهات المعنيّة بالتدخل والحد من استيراد التمور، ودعم المنتج الوطني والمزارع العماني، من خلال فتح أسواق ومافذ تسويقيّة جديدة وتشجيع الشباب على تنمية المشروعات الزراعية. وأضاف الكلباني: "من خلال ما رأيته في البيئة المحيطة أرى أن هناك عدة أسباب لكثرة التمور المستوردة من الدول المجاورة في السوق العماني، أول قلة التشجيع الحكومي للمزارعين لزيادة إنتاج التمور، من خلال متابعة مشكلاته الزراعية والتواصل المستمر معه، كما أنّقلةدعمه بالتسهيلات الزراعية الأخرى بشكل عام يتسبب أيضا في ضعف الإنتاج". وتابع أنّ عدم وجود أسواق مخصصة لبيع التمور بالمواصفات الجيدة يشكل عائقًا أمام تسويق تمور المزارع العماني، وفي المقابل الدول المجاورةتنشئ أسواقا خاصة للتمور بمواصفات ممتازة وخدمات راقية. وأوضح أنّهناك سببا مؤثرا جدًا في هذه المشكلة وهو ارتفاع سعر التمور العمانيّة بشكل غير طبيعي،والذي يؤدي إلى ابتعاد المستهلكين عنه والاكتفاءبالتمور المستوردةالتيتلبي الحاجة وذات جودة لا بأس بها.

وناشد الكلباني الجهات المعنية بزيادة الدعم الحكوميللمزارعين بشكل عام وتلبيةاحتياجاتهم، ومحاولة وضع حد لارتفاع سعر التمر العماني بشكل مبالغ فيه، كما دعاالمزارعين إلى تأسيس جمعيّات ولقاءات مكثفة للتكاتف والتعاون مع المؤسسات الحكومية ذات الصلة والاختصاص بالموضوع بما يسهم في الترويج للمنتج الوطني ودعمه في السوق المحلي، حتى يعود للمنافسة الإقليميّة مجددًا.

تعليق عبر الفيس بوك