طبقات الحوار في السيناريو السينمائي(1)

هيثم سليمان *

يُعرف الحوار في السيناريو السينمائي بأنه الكلام الذي يدور بين شخصيات بالنص؛ سواء كان ذلك الحوار بين شخصيتين مختلفتين أو حوارا مزدوجا لشخصية واحدة فقط (حوارا ذهنيا).. ويأتي الحوار ليكمل جمالية النص ككل، بل ويوضح مسار الأحداث في كثير من الأحيان. وحينما نتحدَّث عن الحوار، فإننا بالتالي نتحدث عن قالب يمكننا أن نسميه "خذ واعطِ" حيث تتبادل الشخصيات بالنص عبارات منتقاة حسب سير الأحداث وحاجتها للتواجد بالنص؛ مما يعني وجود تفاعل درامي -سلبا كان أو إيجابا أو جامدا بين تلك الشخصيات- وهو ما يدفعنا نحو النقطة الأهم في موضوعنا؛ ألا وهي الطبقات المختلفة للحوار داخل النص السينمائي.

ويُمكن أن نصنِّف طبقات الحوار في السيناريو السينمائي إلى ثلاثة طبقات غالبا ما يصفها أو يسميها نقاد السيناريو أو السينما بشكل عام. وسوف أخصِّص مقالا مستقلا لكل طبقة من تلك الطبقات الثلاث، ونبدأها في المقال القادم بإذن الله.

هذه الطبقات الثلاث هي السطحي والعميق والديناميكي.. ويمكن أن يكون الحوار سطحيا أو عميقا أو ديناميكا بين الطبقتين تبعا لعدة عوامل مسببة، ودعوني أطرحها هنا في شكل أسئلة استيعابية؛ أولها: نوعية الفيلم الذي يعكف الكاتب على كتابته، وهل هو فيلم دراما واقعية أم خيال علمي أم اثارة...إلخ؟. وثانيها: طبيعة توزيع الأدوار في النص حسب الشخصيات بقصة الفيلم كأن تكون الشخصية منطوية قليلة الكلام، أو أن تكون على النقيض ثرثارة مرحة، أو أن تكون فلسفية أديبة أو قروية بسيطة أو غير متعلمة مثلا؟ فطبيعة الشخصية بالقصة يمكن أن تحدد مسار الحوار الذي ستتبعه كميته وطريقته أيضا. أما ثالثها: فنية؛ تتعلق بأداء الكاتب في النص نفسه؛ مثلا: هل كاتب النص متمكن من أدواته في كتابة السيناريو؟ هل هنالك معالجة جيدة للفكرة؟ هل هنالك قصور في الفكرة أو أنهائها؟ هل كاتب النص يعطي النص من روحه مؤمن بأهمية ما يكتب، وما الذي يريد أن يقدمه للجمهور من وراء النص؟ وهنالك عوامل أخرى لايتسع المجال لذكرها؛ بينها المهم وبينها دون ذلك تسهم في تمحور طبقة الحوار بالنص في مسار غالب؛ سواءً كان هذا المسار سطحيا أو عميقا أو ديناميكا.

وتكمُن أهمية معرفة الكاتب لطبقة الحوار التي يتبعها نصه -سواءا اتبعها عن علم ودراية وبقصد ما أو لاشعوريا لأسباب فنية- في إدراك مكامن الضعف والقوة في الحوار وتساعده على التنقيح السليم لعدة عناصر داخل النص منها الخطوط الدرامية والإمكانيات التي رسمها لكل شخصية مسبقا لحظة صنعه لتلك الشخصية في نصه في أول ظهور لها. بل وتذهب أبعد من ذلك في مساعدته على ترتيب المشاهد أيضا.

وأختم المقال بالشروط الثلاثة الأولى المهمة لكتابة حوار جيد للسيناريو، وسأكمل البقية تباعا في المقالات القادمة بمشيئة الله:

- أولا: يجب أن يعبر الحوار عن الشخصية صاحبة الحديث ويحدد من هي.

- ثانيا: يجب أن يتميز الحوار بمفردات منتقاة بعناية وتكون مختصة بالشخصية الفلانية متصلة بالسيناريو ككل.

- ثالثا: يجب أن يعكس الحوار الجو العام والخاص للشخصية بمعنى نواحيها السلوكية الظاهرة بشكل عام وانفعالاتها الداخلية بشكل خاص بما يتناسب ووصف الشخصية وسير الأحداث كما رسمه الكاتب. لنا لقاء مع تتمة للحديث لأتحدث فيه عن الحوار السطحي كأولى الطبقات في حوا رالسيناريو السينمائي.ماهو وما هي سلبياته وغيرها من النقاط.

((للاطلاع على كافة مقالات عمود رؤية سينمائية.. يرجى زيارة المدونة: Scriptcut.blogspot.com)).

 

* سيناريست سينمائي وتلفزيوني

Instagram: @haithamxx

تعليق عبر الفيس بوك