شباب ينتقدون تحويل مقاطع الفيديو الهادفة إلى "تحديات ترفيهية" تقليدا للأفكار الغربية

الرُّؤية - عهود الهنائيَّة

نشرتْ فتاة أجنبية مقطع فيديو بعنوان "لا تحكم عليَّ" وضمَّنته ردًّا على تعليقات وردت إليها عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي حول ما وصفوه بـ"قبح ملامحها"، وسرعان ما تحول مقطع الفيديو إلى تحدٍّ ترفيهيٍّ بين شباب مختلف الدول العربية، خصوصا في دول الخليج العربي للتباهي بجمال المشاركين فيه، وهو ما جاء مناقضا للرسالة التي قصدتها الفتاة صاحبة مقطع الفيديو الأشهر على مواقع التواصل الاجتماعي حاليا، والتي دعت إلى الاهتمام بجوهر الإنسان وقياس شخصيته بمدى ثقافته وخبرته في الحياة، لا من خلال ملامح وهبه الله إياها ولا اجتهاد له فيها. وانتقد عددٌ من الشباب -الذين استطلعت "الرؤية" آراءهم- السخرية من محتوى مقاطع الفيديو الهادفة، وتحويلها إلى مادة للتسلية عبر "التحديات" المنتشرة عبر شبكة الإنترنت.. وقالوا إنَّ ذلك يكشف ما يتسم به الشخص من سطحية وجهل.

وقالتْ أسماء الغيثية إنَّ تحويل الرسائل الهادفة إلى وسيلة سخرية وترفيه تؤدي إلى فقدان المضمون وحجب الفائدة من الرسالة الأصلية؛ حيث إنَّ تحولها إلى رسالة سخرية يؤدي إلى إهمالها سريعًا من قبل المتلقي. ويعتقد أغلب الشباب أنَّ السخرية من الآخرين دليلٌ على الثقة بالنفس، وأنه يستصغر من قيمتهم ليزيد من قيمة نفسه. لكن الحقيقة عكس ذلك؛ حيث إنَّ حبَّ الشباب للتباهي ولو بالسخرية من الآخرين يكشفُ جهلَ الشاب، ويُؤثر سلبا في توجهات المجتمع. وأضافت بأنَّ غياب الوعي الثقافي لدى الشباب يفقده العقلانية في معالجة القضايا العامة والتجاوب معها.

وأشارتْ الغيثية إلى انتشار عدد من البرامج الساخرة ذات الهدف السامي على قناة اليوتيوب مثل برنامج "منا ومناك"، والتي ساهمتْ في حل القضايا التي يعاني منها المجتمع العماني، ولابد أن تتوجَّه جهود الشباب نحو الإصلاح، وما يُساهم في رقي المجتمع من خلال مثل هذه البرامج...وغيرها. وحذَّرتْ من أنَّ معظم الشباب العربي يسيرون على نهج تقليد المجتمع الغربي بهدف السخرية والتباهي فقط، مبتعدين كلَّ البُعد عن قيمة ومضمون تلك الرسائل الهادفة وطمس فائدتها العظيمة في غرس قيمة الجمال الداخلي للإنسان. وقالت إنَّ التقليد هو الشبح الذي يطارد المجتمع بكل فئاته. ودائما ما يرى المجتمع العربي المجتمعات الغربية كقدوة للتطور والوعي الفكري والثقافي، جاهلا خطورة ذلك على ثقافته العربية ومضمونها.

وحول ما يتعلَّق بتأثير الفيديوهات المنتشرة عبر الإنترنت والواتساب. قالت: إنَّ لكل وسيلة ايجابياتها وسلبياتها؛ فربما تكون هناك فيديوهات تساعد على زيادة الوعي الثقافي ورُقي المجتمع. وفي الجانب الآخر، هناك فيديوهات تهدِّد مصلحة المجتمع وتفكك أواصر المحبة بين أفراده. وأشارت إلى أنَّ قلة من الشباب يتأثرون بشكل إيجابي بمحتوى تلك الرسائل، ومعظمهم لا يأخذون هذه الرسائل بمحمل الجد للإفاده والاستفاده منها، وإنما على العكس تماماً فإنهم يقومون بتحويلها إلى سخرية وترفيه.

ومن جانبه، قال عبدالمجيد الجابري إنَّ تحويل فكرة الفيديو الهادفة إلى فيديو ترفيهي زادت من نسبة مشاهدة الفيديو الاصلي وقد تساهم في زيادة نسبة متابعية وانتشاره بسرعه اكثر بين اوساط الشباب، لذلك أرى أن فيديو "لا تحكم عليَّ" ساهم في زيادة مشاهدات الفيديو الأصلي بعدما تم تحويل الفكرة إلى الأسلوب الترفيهي. وقد تكون الاسباب التي تجعل شبابنا يتجه الى اسلوب السخرية وترك ما هو مفيد هو حب الشهرة، وأرجع السبب الرئيسي لتصوير الشباب فيديوهات فكرتها هادفة لكن بطريقة السخرية والترفيه؛ لأنَّ في معظم وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع السخرية والترفيه هي المقاطع الي لها نصيب كبير من الانتشار، ومن الممكن أن نوظف هذه التحديات فيما يفيد الشباب؛ مثلا أن نبتكر تحديا يفيد الشباب في ترسيخ فكرة عن طريق الترفيه والسخرية؛ وبذلك يمارسون حقهم في السخرية ولكن تترسخ الفكرة الإيجابية في عقولهم.

وردًّا على سؤال: هل الشباب على وعي بهذه الرسالة، أم يكتفون بممارسة تقليد للمجتمع الغربي؟ قال إنَّ أغلب الشباب يُقلدون المقاطع رغبة في تقليد الغرب دون وعي بغرض انتشار المقطع. كما أنَّ هذه المقاطع تؤثر فيهم وبشكل كبير خصوصا المقاطع الترفيهية التي لها رسالة هادفة. وأضاف: شخصيًّا أدعم انتشار هذه الفيديوهات بين الشباب؛ لأنها تساهم في نشر الفكرة بشكل كبير بالطريقة الترفيهية.

وقالت أميرة السنانيَّة إنَّ الفراغَ يؤدِّي إلى استغلال الشباب لطاقاتهم في وجهات سلبية وغير نافعة، ومن ضمن هذه الوجهات الاستغلال المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي وتقليد كل جديد يعرض عليها. ومن ذلك: تقليد تحدِّي الثلج، مرورا بتحدِّي تشارلي، وانتهاء بتحدي "لا تحكم عليَّ"، الذي انتشر مؤخرا من الدول الغربية إلى الدول العربية، فأصبحوا يطبقون التحدي لهدف التباهي بالجمال والترفيه فقط، وليس كرسالة هادفة كما فعلت تلك الفتاة الأجنبية في مقطع فيديو عُرض لها على اليوتيوب توضح خلاله رسالتها الهادفة بأن الجمال لا يكمُن في المظهر الخارجي وإنما الجمال في طهارة القلب والاخلاق الحميدة وطيب التعامل مع الآخرين...وغيرها.

وأضافت السنانية بأنَّ الشباب يتجهون إلى السخرية وترك الرسالة الهادفة وراء ذلك التقليد؛ بهدف التسلية والترفيه عن النفس. ومن الصعب توصيل هذه الرسائل الهادفة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي إذا صاحبها تقليد من الدول الغربية؛ لأن مجتمعنا العربي سيقوم بالتقليد وتتحول الرسالة الهادفة إلى مجرد ترفيه وتسلية، لكن لا ننكر أن وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورا كبيرا في تلقين فئة الشباب بما هو مفيد، لذا أدعم فكرة عرض الرسائل الهادفة للشباب عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي لأنهم الفئة الأكثر استخداما لها مقارنة بباقي الفئات العمرية.

تعليق عبر الفيس بوك