عسل النحل العماني.. "شفاء من كل داء" وحرفة تقليدية حفظتها رعاية المؤسسات الحكومية

مسقط - العمانية

يحظى عسل النحل العماني بشهرة واسعة ضمن له إقبالا كبيرًا من المواطنين الذين يتهافتون على شرائه، إمّا لأغراض علاجية أو لاستخدامه ضمن الأطعمة وهو ما يجعل أسعاره مرتفعة جدا نظرًا لشحه وقلة توفره.

وكان العمانيون يمارسون مهنة تجميع العسل منذ القدم قبل أن يعرف كحرفة تعنى بها المؤسسات الحكومية المعنية بالزراعة ويدرب ويمد المهتمون بتجميع العسل من مزارعين ومربي ماشية ونحالين بأدوات معينة ويتم تأهيلهم وتدريبهم عمليا على النحالة بهدف إنتاج العسل لأغراض تجارية فضلا عن الاستخدام المحلي فقط. وللعسل أنواع أشهرها عسل (البرم) وهو أجود أصناف العسل وكذلك عسل السدر ويتم جني أو تجميع العسل على مدار العام إلا أن أجود أصنافه تلك التي يتم إنتاجها خلال الفترة من شهر مارس وحتى نهاية شهر مايو حيث يقوم النحل امتصاص رحيق الاشجار والأعشاب البرية لا سيما أشجار السمر التي تزهر خلال هذه الفترة ويكون لون العسل عادة أقرب للسواد بخلاف عسل السدر الذي يكون لونه بني فاتح. ولذباب العسل أنواع فهناك المحلي المعروف بأبي طوق أو طويق (الرستاقي) وهو الصغير حجما، وهناك نوع آخر يعرف محليا بالفارسي وهو الأكبر حجما مقارنة بالنوع الأول وتوفر خلية نوع النحل الفارسي كميات عسل أوفر مقارنة بخلية نظيره أبو طويق.

وتتم عملية البحث عن العسل عن طريق مراقبة النحل الذي يرد إلى الماء وخاصة في الصباح الباكر حيث يقوم العسال أو العسالة (النحالون) بمراقبة ذباب النحل حتى يصدر (يؤوب) إلى النكفة أو النفتة (خلية النحل) إما بالعين المجردة أو من خلال الاستعانة بالمنظار ثم يحاول بعد ذلك تحديد الاتجاه الذي يطير نحوه ذباب النحل لتبدأ مرحلة البحث عنه سواء في المرتفعات الجبلية كالكهوف أو في بعض الأشجار السيحية أو الجبلية أو في المزارع وبساتين النخل والأشجار الأخرى المختلفة. وبعد أن يتم العثور على خلية النحل يقدر العسال (النحال) بخبرته كمية العسل الموجود في الخلية على ضوء حجمها حيث يقوم بتجميعه إذا كانت الخلية كبيرة أما إذا كانت الخلية صغيرة فإنه ينتظر لوقت معين حتى تكون فيه كمية العسل مناسبة وبالتالي يقوم بجنى العسل.

ويشترك في البحث عن العسل كل من الرجال والنساء على حد سواء وأحيانا الفتيان إما في مجموعات أو كل على حدة وقد يتنقل البعض من مكان لآخر بحثا عن العسل لمسافات بعيدة أحيانا، فيما لا يتعدى البعض حدود منطقة سكناه بما فيها الأودية والسيوح والجبال او المناطق المجاورة لها على أبعد حد. وتتم عملية تجميع أو جنى العسل عندما يقوم العسال (النحال) بهدوء بإزالة ذباب النحل عن الجزء العلوي من الخلية حيث مخزون العسل ولوقاية نفسه من لسع النحل يقوم بارتداء ملابس تخفي جسده بما فيها الوجه الذي يغدو ملثما فيما يتم لف الأجزاء المكشوفة كاليدين بكيس أو قفاز. وبعد أن يقتطع العسال الجزء العلوي يثبت الخلية من جديد في المكان حتى يستفيد منها مرة أخرى أو أنه يقوم بنقل الخلية إلى مكان آخر قد يراه أكثر ملاءمة عن المكان السابق.

وفي عملية تعبئة العسل حيث يصفى العسل من الشوائب وتتم تعبئته في قناني زجاجية أو علب معدنية مخصصة لذلك حيث يتم استخدامه إما للأكل أو للتداوي ولأغراض أخرى. وتختلف أسعار العسل حسب جودته وحداثته أو قدمه وتوفره والطلب عليه حيث تبدأ حسب المتعارف عليه بحدود 60 ريالا عمانيا فصاعدا لتصل إلى أكثر من مائة ريال عماني. ويحرص العمانيون على تواجد العسل العماني على موائد الطعام لديهم، خاصة في أيام الأعياد التي يتناولون فيها اللحم بالعسل، أو في الوجبة المعروفة محليا (بالجولة) التي يعد العسل من مكوناتها الرئيسة، فضلا عن المأكولات الخاصة للمرضى التي يساعد فيها العسل على تسريع الشفاء وخاصة استخدام العسل الحولي (الذي مر عليه حول كامل) لأنه الأنفع علاجيا، ويسهم العسل في تحسن البنى الجسمية الضعيفة للأشخاص وتقويتها.

تعليق عبر الفيس بوك