هاجر العمرية: رمضان يمثل فرصة للراحة النفسية وضبط الذات

الرؤية - مالك الهدابي

أكدت الداعية هاجر بنت محمد بن سلطان العمرية أن رمضان يمثل للمسلم فرصة للراحة النفسية وضبط الذات، حيث إن الإنسان حين يصوم لا يمتنع عن الطعام والشراب فقط بل يمتنع عن شهوات وسلوكيات قد تفسد صيامه، فيستطيع أن ينمي قدرته في ذاته، ويخضع كل الميول تحت السيطرة، وكل ذلك يتم بقوة الإيمان .

وقالت : يحاول الصائم في رمضان التركيز على العبادات والسلوكيات الجيدة مما ينعكس إيجابا على المجتمع ككل حيث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " الصيام جنة فإذا صام أحدكم فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم إني صائم " رواه البخاري .

وأضافت : هناك دراسات عديدة أثبتت انخفاض نسبة الجريمة بشكل واضح في البلاد الإسلامية خلال شهر رمضان، لأن الصيام يزيد من قوة الإنسان وقدرته على التغلب على الميول للشر .

كما أن الصيام يغير من الشعور من إنسان ممتلئ البطن ملبيا لجميع حاجاته، إلى إنسان يشعر بألم الجوع ويحس بالضعف، فانخفاض نسبة السكر في الدم يسبب نوعا من الكسل والسكينة مع الإحساس بالنشاط الديني الروحي ويأتي بذلك الخشوع والاتجاه الصحيح إلى الله ثم يعزز إيمان الإنسان ويقوي عقيدته .

وتابعت : كما أن انخفاض نسبة السكر في الدم يؤدي إلى الفتور والصداع والدوخة وقد تصل إلى ارتعاش أطراف اليدين عند البعض، كما يؤدي إلى العصبية، فجاء الطب النبوي ينصحنا بقول ( إني صائم إني صائم ) إذا ما تعرض الصائم للسب والإيذاء، وهذا هدف مميز من أهداف الصيام ألا وهو التحكم في النفس البشرية وميولها إلى العصبية .

وتستطرد العمرية : وفي هذا الصدد يقول الدكتور ألكسيس كاريك الحائز على جائزة نوبل في الطب في كتابه الذي يعتبره الأطباء حجة في الطب ( الإنسان ذلك المجهول ) ما نصه : إن كثرة وجبات الطعام وانتظامها ووفرتها تعطل وظيفة التكيف على قلة الطعام، ولذلك كان الناس يلتزمون الصوم والحرمان من الطعام إذ يحدث أول الأمر الشعور بالجوع ويحدث أحيانا التهيج العصبي، ثم يعقب ذلك الشعور بالضعف بيد أنه يحدث إلى ذلك الشعور بالضعف، وهناك ظواهر خفية تحدث في أجسامنا إذ إن سكر الكبد سيتحرك ويتحرك معه الدهن المخزون تحت الجلد وبروتينات العضل والغدد وخلايا الكبد وتضحي جميع الأعضاء بمادتها الخاصة لتحافظ على سلامة القلب، فالصوم ينظف ويبدل أنسجتنا .

وقالت العمرية : إن نهار الصائم ضبط للنفس وكبح للشهوات، تطمئن نفسه وتسكن روحه، فكيف بليله؟

يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه .

حيث إن الليل عند الصائمين القائمين له مذاق خاص، وقال تعالى :" إن المتقين في جنات وعيون، آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين، كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون، وبالأسحار هم يستغفرون " الذاريات .

ولقد خلق الله تعالى النهار لنعمل فيه والليل لنسكن ونهجع فيه، فالنوم راحة لجهازنا العصبي ولو حرمنا أنفسنا من النوم لعدة أيام فإنّ عمل الدماغ يضطرب أما النوم فيعمل على ترميم ما اهترأ من جسم الإنسان، وتزداد الهرمونات التي تنشط النمو والترميم أثناء الليل وتزداد في النهار هرمونات منشطة من أجل العمل والحركة . فكيف نوفق بين ضرورة النوم والراحة في الليل وبين قيام الليل والحرص على الذكر والقيام في السحر للحصول على راحة نفسية؟ .

وقالت هاجر العمرية : هناك دراسة أجراها الأطباء النفسيون تتمحور حول حرمان مرضى الاكتئاب من النوم ليلة كاملة والسماح لهم بالنوم في الليلة التالية فكانت النتيجة عجيبة حيث أنهم لاحظوا أن حدة الاكتئاب قلت ومزاج المريض تحسن، ثم أجريت دراسات أخرى فوجد أنه ليس من الضروري حرمان المريض من النوم ليلة كاملة بل حرمانه في النصف الثاني من الليل ليحصل المريض على القدر نفسه من التحسن .

فكيف ستكون النتيجة إذا كان الحرمان مصاحبا للذكر والقيام والدعاء؟ والنتيجة فورية يحصل عليها من يقوم الليل وهي اعتدال وتحسن المزاج وصحة نفسية عميقة، وكأن القائم على قمة جبل من السعادة والراحة .

حيث يقول الباحث الإسلامي الدكتور علي منصور كيالي :

للذكر والاستغفار خاصة في وقت السحر العجب، فبالاستغفار يحل الإنسان مشاكله في هذه الحياة لأن له خواص هامة جداً يقول الله تعالى :( وبالأسحار هم يستغفرون ) سورة الذاريات الآية 18

ومن هذه الفوائد : لا يتعذب الإنسان في حياته أبدا لا جسميا ولا نفسيا، وبالاستغفار تنفتح كل أبواب الخير ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا، يرسل السماء عليكم مدرارا، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ) نوح الآية 10

كما أن الاستغفار يزيد الإنسان قوة ذاتية لقوله تعالى ( يا قومي استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ) هود الآية 52.

وكذلك يكفل الاستغفار الحياة السعيدة الممتعة ( وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعاً حسناً إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله ) هود الآية 3

واختتمت العمرية بالقول : إنّ الصوم تربية للمسلم ودرس في الصبر على الملذات وشفاء للعقل من سموم الأفكار والجسم من العديد من الأمراض وراحة للنفس، فالمسلم يحاول في هذا الشهر الكريم تقوية علاقته مع الله ومحاسبة نفسه يتنازل عن الكبر والحسد ثم يحاول التصالح مع من حوله وزيادة علاقته بهم .

 

 

تعليق عبر الفيس بوك