تحذيرات من زيادة انتشار إدمان المخدرات بين الشباب ومطالب بحلول مبتكرة لمواجهة الآفة

عبد الله: للمخدرات أضرار جسيمة تبدأ بفقدان الشهية وقلة النشاط وضعف مقاومة الأمراض

العريمي: على الحكومة شن حملات مكثفة لمواجهة الظاهرة أمنيا وصحيا

العريمية: المدمنون يتعاطون المخدرات بدعوى محاولة نسيان المشاكل الحياتية

البلوشية: الحل يبدأ بعقد جلسات عمل ومحاضرات توعوية ونشر مطويات إرشادية بين الشباب

أصدقاء السوء وإهمال الأسرة وغياب الوازع الديني أهم أسباب تعاطي المخدرات

أشد الآثار النفسية على المدمن اضطراب الإدراك الحسي العام وفساد الحكم على الأمور

بعض الشباب يلجأون إلى شفط الغراء والبنزين لسهولة الحصول عليها ورخص ثمنها

الرؤية - حمد بن صالح العلوي

حذر مختصون من انتشار ظاهرة إدمان المخدرات بين الشباب على وجه خاص بحسب ما تؤكده الإحصاءات والدراسات الصحية والمجتمعية، وأكدوا على ضرورة البحث عن وسائل مبتكرة لمواجهة تلك الظاهرة التي تعد من أخطر المشاكل الأمنية والاجتماعية التي تهدد استقرار الأسر ومستقبل الأوطان، وأشاروا إلى أن نقطة البداية عادة ما تكون مع زيادة التوعية بأهمية الدور الأسري في تربية الأبناء وتعريفهم بمخاطر التدخين باعتباره بوابة الدخول إلى عالم الإدمان.

وقال الدكتور عادل محمد عبد الله رئيس قسم الصحة المدرسية بمحافظة جنوب الشرقية إن تجار ومروجي المخدرات يسعون بمختلف الطرق إلى إضعاف وإفساد الشباب المسلم عن طريق المخدرات والمؤثرات العقلية، فالإحصائيات والدراسات تشير إلى تزايد أعداد المدمنين خاصة بين الشباب وصغار السن، وأوضح أن المخدرات في نصوص القانون وعلوم الطب هي مجموعة متباينة من العقاقير، تختلف في تأثيراتها الاجتماعية والنفسية والجسدية ومنها ما يطلق عليه في مجال الطب والصيدلة المنومات والمهدئات، ويمكن تصنيف المواد المخدرة حسب تأثيرها على الجهاز العصبي إلى 4 فئات وهي مواد مخدرة مثل الأفيون والهيروين، المهبطات والتي تنقسم إلى مهدئات مثل الفاليوم ومنومات مثل السيكونال، ثم المنشطات ومثال ذلك الحبوب المصنعة وأخيراً الحشيش والذي يعتبر من المهبطات إذا أخذ بكمية قليلة، ويعتبر من المهلوسات إذا أخذ بكميات كبيرة. وبشكل عام فإنّ المخدرات هي مواد تزيد من نشاط الجسم عن الحد المعتاد عليه وتجعل الشخص غير طبيعي وعند زوال مفعول المخدر يصاب الشخص بالقلق والتوتر والاكتئاب مما يضطره إلى تعاطي جرعة أخرى ومع تكرار التعاطي يصل الشخص إلى الإدمان.

وأشار الدكتور عادل عبدالله إلى أن للمخدرات أضرارا جسيمة على كافة أعضاء وأجهزة جسم الإنسان، منها على سبيل المثال: فقدان الشهية للطعام مما يؤدي إلى النحافة والهزال، والضعف العام، المصحوب باصفرار الوجه، أو اسوداده لدى المتعاطي، كما تسبب قلة النشاط والحيوية، وضعف المقاومة للمرض الذي يؤدي إلى دوار وصداع مزمن، مصحوباً باحمرار في العينين، ويحدث اختلال في التوازن، والتآزر العصبي في الأذنين والأمر الثاني تهيج موضعي للأغشية المخاطية، والشعب الهوائية، وذلك نتيجة تكوّن مواد كربونية، وترسبها في الشعب الهوائية، حيث ينتج عنها التهابات رئوية مزمنة، قد تصل إلى سهولة الإصابة بالتدرن الرئوي والأمر الثالث: اضطراب في الجهاز الهضمي: والذي ينتج عنه سوء الهضم، وكثرة الغازات، والشعور بالانتفاخ، والامتلاء والتخمة، والتي عادة ما تنتهي إلى حالات من الإسهال أو الإمساك خاصة عند تناول مخدر الأفيون، كذلك تسبب التهاب المعدة المزمن وتعجز المعدة عن القيام بوظيفتها وهضم الطعام كما يسبب التهاب في غدة البنكرياس وتوقفها عن عملها في هضم الطعام وتزويد الجسم بهرمون الأنسولين والذي يقوم بتنظيم مستوى السكر في الدم أما الأمر الرابع: إتلاف الكبد وتليفه: حيث يحلل المخدر (الأفيون مثلاً) خلايا الكبد، ويحدث بها تليف، وزيادة في نسبة السكر، مما يسبب التهابا وتضخما في الكبد ويوقف عمله بسبب السموم التي تعجز الكبد عن تخليص الجسم منها والخامس والسادس التهاب في المخ واضطرابات في القلب: فالتهاب في المخ تحطيم وتآكل ملايين الخلايا العصبية، التي تكوّن المخ، مما يؤدي إلى فقدان الذاكرة، والهلاوس السمعية والبصرية والفكرية أما اضطرابات في القلب: ومرض القلب الحولي، والذبحة الصدرية، وارتفاع في ضغط الدم، وانفجار الشرايين، ويسبب فقر الدم الشديد نتيجة لتكسر كرات الدم الحمراء، وقلة التغذية، وتسمم نخاع العظام الذي يصنع كرات الدم الحمراء.

أضرار نفسية وجسدية

وعن الأضرار النفسية لتناول المخدرات والمؤثرات العقلية، قال الدكتور عادل محمد عبد الله إن أشد ما يكون من آثار نفسية على المدمن عند تناوله للمخدرات والمؤثرات العقلية والتي منها: اضطراب في الإدراك الحسي العام : وخاصة إذا ما تعلق الأمر بحواس السمع والبصر، حيث يحدث تخريف عام في المدركات، إضافة إلى الخلل في إدراك الزمن بالاتجاه نحون البطء واختلال إدراك المسافات بالاتجاه نحو الطول، واختلال إدراك الحجم نحو التضخم واختلال في التفكير العام وصعوبة وبطء فيه: وبالتالي يؤدي إلى فساد الحكم على الأمور والأشياء التي يحدث معها بعض أو حتى كثير من التصرفات الغريبة، إضافة إلى الهذيان والهلوسة وآثار نفسية: مثل القلق والتوتر المستمر، والشعور بعدم الاستقرار، والشعور بالانقباض والهبوط، مع عصبية وحِدّة في المزاج، وإهمال النفس والمظهر وعدم القدرة على العمل أو الاستمرار فيه. واختلالاً في الاتزان: والذي يُحدث بدوره بعض التشنجات، والصعوبات في النطق والتعبير عما يدور في ذهن المتعاطي، بالإضافة إلى صعوبة المشي واضطراب في الوجدان: حيث ينقلب المتعاطي عن حالة المرح والنشوة والشعور بالرضى والراحة (بعد تعاطي المخدر) ويتبع هذا ضعف في المستوى الذهني وذلك لتضارب الأفكار لديه، فهو بعد التعاطي يشعر بالسعادة والنشوة والعيش في جو خيالي وغياب عن الوجود وزيادة النشاط والحيوية، ولكن سرعان ما يتغير الشعور بالسعادة والنشوة إلى ندم، وواقع مؤلم، وفتور وإرهاق، مصحوبين بخمول واكتئاب وحدوث العصبية الزائدة، والحساسية الشديدة، والتوتر الانفعالي الدائم والذي ينتج عنه بالضرورة، ضعف القدرة على التواؤم والتكيف الاجتماعي.

مهلوسات رخيصة الثمن

وأكد الدكتور عادل عبد الله أن بعض الشباب قد يتجهون إلى عمليات شفط الغراء أو البنزين وذلك لسهولة الحصول عليها ورخصها وما لها من آثار على الجهاز العصبي. حيث يعاني متعاطو المذيبات الطيارة، شعوراً بالدوار، والاسترخاء، والهلوسات البصرية، والدوران والغثيان والقيء وأحياناً يشعر بالنعاس. وقد يحدث مضاعفات للتعاطي، كالوفاة الفجائية نتيجة لتقلص الأذين بالقلب وتوقف نبض القلب، أو هبوط التنفس، كما يأتي الانتحار كأحد المضاعفات وحوادث السيارات وتلف المخ أو الكبد أو الكليتين نتيجة للاستنشاق المتواصل ويعطب المخ مما قد يؤدي إلى التخريف هذا وقد يؤدي تعاطي المذيبات الطيارة إلى وفاة بعض الأطفال الصغار، الذين لا تتحمل أجسامهم المواد الطيارة. وتأثير هذه المواد يبدأ عندما تصل إلى المخ، وتذوب في الألياف العصبية للمخ. مما يؤدي إلى خلل في مسار التيارات العصبية الكهربائية التي تسري بداخلها ويترتب على ذلك نشوة مميزة للمتعاطي كالشعور بالدوار والاسترخاء، وكذلك كثرة الحركة والكلام وعدم الاستقرار وفقدان الوعي، والقلق والتوتر والشعور بالتمرد النفسي والاضطهاد، ونفاذ الصبر والتشكك في الآخرين مما يؤدي به إثارة الشغب وارتكاب أعمال العنف دون سبب. بالإضافة إلى كثرة حك الأنف لجفاف الغشاء المخاطي ورائحة كريهة من الفم وتبدو الشفاه متشققة أحياناً فيقوم بترطيبهاً باللسان وتقرحات وخدوش بجسمه خاصة بالذراعين والصدر نتيجة حك الجلد بشدة ولشعور وهمي بلدغ الحشرات وتساع حدقة العين والتأثر بالأضواء العاكسة وعدم الميل إلى الطعام واضطرابات في الجهاز الهضمي وارتفاع ضغط الدم وزيادة ضربات القلب والآلام في الصدرو زيادة كبيرة في إفراز العرق والبلادة - التفكير البدائي - ضعف الذاكرة - صعوبة التفكير وعدم الثبات، الضحك أو البكاء بدون سبب وميول انتحارية عند التوقف عن التعاطي. رعشة في اليدين. عدم القدرة على النوم مع إرهاق وتوتر شديد نتيجة وجود المادة المنبه في جسمه.

وحول الأسباب المؤدية إلى تعاطي المخدرات، يقول الدكتور عادل عبد الله إن في أغلب الأحوال لا تخرج أسباب تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية عن واحد من ثلاث، أولها تأثير الأصدقاء وتأثير الأسرة وضعف الوازع الديني. أما عن تأثير الأصدقاء والأصحاب فإنّ لهم دور كبير في التأثير على اتجاه الفرد نحو تعاطي المخدرات، وحتى يبقى الشاب عضواً في الجماعة فيجب عليه أن يسايرهم في عاداتهم واتجاهاتهم، ونجده يبدأ في تعاطي المخدرات مع أفراد الجماعة، وفي البداية يجد الشاب صعوبة في إتقان تعاطي المخدرات (حتى ولو حاول ذلك). ومن أجل أن يظل مقبولا بين الأصدقاء، ولا يفقد الاتصال بهم كما أن ظاهرة التجمع والشلل بين الشباب من الظواهر السائدة في المجتمعات العربية، وهذا ما يلاحظ في تجمع الشباب في الشوارع والأندية، والرحلات الأسبوعية، والتجمع الدوري في بيوت أحد الأصدقاء والسهرات في ليالي الجمع وفي العطلات الرسمية، وهذه التجمعات كثيراً ما تؤثر على سلوك الأفراد سواء بالإيجاب أو بالسلب. إن التناقض الذي يعيشه الشاب في المجتمع قد يخلق لديه الصراع عند تكوينه للاتجاه نحو تعاطي المخدرات فهو يجد نفسه بين مشاعر وقيم رافضة وأخرى مشجعة وعندما يلجأ إلى الأصدقاء الذين لهم ثقافة تشجع المتعاطي فإنّ تورطه في مشاكل التعاطي والإدمان على المخدرات تكون واردة.

وعن تأثير الأسرة، يقول الدكتور عادل عبد الله إن الأسرة تقوم بدور رئيسي في عملية التطبع الاجتماعي للشباب فهي الجماعة التي يرتبط بها بأوثق العلاقات وهي التي تقوم بتشكيل سلوك الفرد منذ مرحلة الطفولة، ويمتد هذا التأثير حتى يشمل كل الجوانب الشخصية، وتدل معظم الدراسات بما لا يدع مجالاً للشك على أن الشباب الذين يعيشون في أسرة مفككة يعانون من المشكلات العاطفية والاجتماعية بدرجة أكبر من الذين يعيشون في أسر سوية، ومن أهم العوامل المؤدية إلى تفكك الأسرة الطلاق أو وفاة أحد الوالدين أو عمل الأم أو غياب الأب المتواصل عن المنزل، كما أن إدمان الأب على المخدرات له تأثير ملحوظ على تفكك الأسرة نتيجة ما تعانيه أسرة المدمن من الشقاق والخلافات لسوء العلاقة بين أفراد عائلة المدمن وبقية أفراد الأسرة. ويعتقد بعض الباحثين أن هناك صفات مميزة للأسرة التي يترعرع فيها متعاطو المخدرات ومن أهم الصفات التي تتميز بها هذه الأسرة هي: عدم الاستقرار في العلاقات الزوجية وارتفاع نسبة الهجر ويعتبر الطلاق من العوامل المسببة للتصدع الأسري وجنوح الأحداث لأن الطلاق معناه بالنسبة للحدث الحرمان من عطف أحد الوالدين أو كليهما والحرمان من الرقابة والتوجيه والإرشاد السليم، أما عن عامل الضعف الديني فإن موقف الإسلام من تحريم الخمر والمخدرات صريح وواضح فمن المبادئ الأساسية في الإسلام الابتعاد عن كل ما هو ضار بصحة الإنسان، وأن تعاطي المخدرات يؤدي إلى مضار جسيمة ونفسية واجتماعية للمتعاطي ويقول الله تعالى: ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة).

أخطر المشاكل المجتمعية

ومن جانبه، قال ماجد بن خميس العريمي إن ظاهرة المخدرات باتت منتشرة بين الشباب والكبار وتعد من أخطر أنواع المشاكل الاجتماعية والأمنية ويجب أن تواجه بمختلف الوسائل والإرشادات والأساليب الاجتماعية المختلفة ولابد للمختصين من تثقيف المجتمع بكل شرائحه حول مدى خطورة المخدرات حيث إنّ من ضمن هذه التأثيرات على المتعاطي أن يستنزف ماله في شراء ما يدمر به عقله وجسمه والنتيجة السقوط في الهاوية إضافة إلى أن المتعاطي يتصف بعدم المسؤولية والهروب من الواقع.

وعن دور المسؤولين في الدولة قال العريمي يجب عليهم البحث عن طرق مبتكرة لمواجهة الظاهرة وشن حملة مكثفة على متعاطي المخدرات بمشاركة الجهة الأمنية والجهة الصحية للقضاء كليا على هذه الظاهرة الخطيرة التي بدأت تنتشر بصورة كبيرة في مجتمعنا.

وقالت هاجر بنت حمد العريمية إنّ انتشار ظاهرة إدمان المخدرات ترجع في أحد أسبابها إلى محاولة تقليد الممثلين في المسلسلات، كما أن بعض الشباب يتعاطون المخدرات بدعوى محاولة تناسي مشاكل الحياة رغم أنهم يعرضون حياتهم ذاتها للخطر. وأضافت أن البعض يرجعون إدمان المخدرات إلى تقصير الأسرة في دورها التربوي إلى جانب التقصير في مجال التوعية الإعلامية حول خطر المخدرات والإدمان بصفة عامة مؤكدة أن مواجهة الظاهرة الخطيرة مسؤولية الجميع لكن نقطة الانطلاق يجب أن تكون من الأسرة من خلال تربية الأبناء وتوعيتهم.

وأوضحت فاطمة بنت محمد البلوشية أن الحل يبدأ بتنفيذ جلسات عمل ومحاضرات ونشر مطويات تتضمن المشاكل التى قد تؤثر على الشباب والعمل على تنفيذ أفلام توعوية ونقل تجارب أشخاص خاضوا التجربة ونجوا من الإدمان.

تعليق عبر الفيس بوك