"شريان الحياة" يتوقف عن الضخ في مسقط.. والسكان يرزحون بين سندان انقطاع المياه ومطرقة الارتفاع "الجنوني" لأسعار "التناكر"

المعشري: الهيئة مطالبة بسرعة حل الأزمة وتعويض السكان عن الأضرار

البوسعيدي: انقطاع المياه دليل على غياب التخطيط الاستراتيجي

الرواحي: ضرورة محاسبة المقصرين في أعمالهم وتنفيذ العقوبات

الرؤية- أحمد الجهوري

تصوير/ راشد الكندي

يرزح سكان محافظة مسقط تحت وطأة انقطاع مياه الشرب عن المنازل، في أسوأ أزمة تشهدها المحافظة منذ سنوات، وتتزايد المعاناة اليومية مع صعوبة الحصول على مصدر آخر للمياه، في ظل ما وصفوه بالارتفاع الجنوني لأسعار سيارات نقل المياه "التناكر"، حيث يتهمون أصحاب هذه السيارات باستغلال الأزمة لجني الأرباح، بعدما قفز سعر التانكر من حوالي 7 ريالات إلى ما يزيد عن 30 ريالا، ويرجح البعض مزيدًا من الارتفاع حال استمرار الأزمة.

وشكا السكان من هذه الارتفاعات المتكررة، والتي تتسبب في توقف كامل للحياة داخل المنزل، إذ تعتمد الأسر على المياه في إعداد الطعام وقضاء الحاجات المنزلية الأخرى، فضلا عن ري المزروعات وحدائق المنازل، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة واقتراب شهر رمضان وفترات الصيام. وطالب السكان الهيئة العامة للكهرباء والمياه بالتحرك السريع، واتخاذ التدابير العاجلة لوضع حد لهذه الانقطاعات المتكررة، وتخفيف الأعباء المالية من على كاهلهم بسبب ارتفاع سعر تانكر المياه.

وقال يحيى المعشري من ولاية بوشر إنّ منزله يعاني من انقطاع المياه منذ 4 أيام متصلة، دون قطرة ماء واحدة، ما يضطره إلى الذهاب يوميا لتعبئة المياه والانتظار في صفوف طويلة تمتد لساعات للحصول على فرصة تعبئة المياه. وأضاف: الوضع بات لا يحتمل، حيث نعاني من الانقطاع الدائم للمياه، بصورة تؤرق مضاجعنا، ومن غير المعقول أن تشهد البلاد هذه الأزمة بعد سنوات من التطور والنهضة وتسارع تنفيذ مشروعات البنى الأساسية.

وتابع أنّه مع تفاقم المشكلة يضطر الأهالي إلى اللجوء للأفلاج، للحصول على النذر اليسير من المياه، وهذا يضعهم في صدام مع وكلاء الأفلاج الذين أبدوا سخطهم على الكمية الكبيرة التي يحتاجها الأهالي لاستعمالاتهم الخاصة، علاوة عن كون الذهاب إلى الأفلاج يتسبب في مشقة لهم، نظرا لعدم وجود طرق ممهدة للوصول إلى الأفلاج. وأضاف: هناك جهود حثيثة من قبل شباب الولاية الذين سخروا جهدهم وأموالهم لمحاولة احتواء الأزمة، لكنّهم يتساءلون دائمًا عن الموعد الحقيقي لانتهاء الأزمة، خاصة في ظل غياب الأخبار الرسمية من المعنيين والمسؤولين. وحث المعشري المسؤولين على النزول إلى الشارع والوقوف على الأزمة عن كثب، وحل أزمة السكان بشكل عاجل.

وتساءل المعشري عن جهود الهيئة في هذا المضمار، والتوصيات التي خرجت بها الندوات والمؤتمرات التي تعقد داخل وخارج السلطنة، وتكلفت أموال كبيرة، وأين المقترحات والحلول التي ينبغي تقديمها لتلافي ما قد تواجهه السلطنة من مواسم جفاف وندرة المياه.

وعزا المعشري أخطاء الهيئة المتكررة إلى ضعف الرقابة على الشركات المنفذة للمشروعات، وغياب الاستراتيجيات الطويلة الأمد، والخطط الواضحة للنهوض بالخدمات المقدمة للمواطن، قائلا إنّ من المفارقات أن ترسل الهيئة رسائل عبر المحمول وتنشر إعلانات في الصحف تدعو فيه لترشيد الاستهلاك في وقت تنقطع في المياه أصلا. وطالب المعشري الجهات المعنية باتخاذ ما يلزم من إجراءات لتشديد الرقابة على هذا القطاع الحيوي.

وتحدث المعشري عن أنّ بعض الأشخاص الذين وصفهم بأنّهم "كبار القوم"، يحصلون على المياه من الصهاريج التابعة لجهات حكومية وسيادية، في وقت يكافح فيه المواطنون للحصول على تانكر مياه بسعر مرتفع.

وطالب المعشري الجهات المعنية بتوحيد جهود توفير المياه، من خلال السدود والآبار والأفلاج ومحطات تحلية المياه، ووضع استراتيجية جادة لمواجهة الأزمة، وتفادي تكرارها في المستقبل، وألا يقتصر الأمر على لجان إدارية تجتمع مرات ومرات دون فائدة، علاوة على تشديد العقوبة بحق المخالفين ومحاسبة المقصرين في أعمالهم، وإلزام المقاولين في مشروعات المياه بسرعة التنفيذ وفق جدول زمني معلن سلفا.

وحث المعشري الهيئة العامة للكهرباء والمياه بتعويض السكان عمّا تكبدوه من أضرار ومبالغ مالية لتوفير المياه مع انقطاع الخدمة.

وأشار المعشري إلى أنّه بات من الملاحظ في ولاية بوشر كثرة ناقلات المياه سعة (650) جالون، في شوارع الولاية، ما يعكس مدى تفاقم الأزمة ونقص المياه في البيوت. وتابع أنّه على الرغم من أنّ الهيئة تدفع لأصحاب الناقلات 25 ريالا عن النقلة الواحدة (لسعة 650 جالونا) إلا أنهم يرفعون السعر على السكان.

حالات الطوارئ

فيما قال أحمد بن هلال بن سالم البوسعيدي إنّ عبارات التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة، تتكرر في وسائل الإعلام وعلى لسان المسؤولين، لكنها لم تتحق حتى الآن على أرض الواقع، إذ لا تزال هذه العبارات تتكرر داخل أروقة المؤتمرات والندوات، دون دليل على تحقيقها.

واعتبر أن أزمة انقطاع المياه في محافظة مسقط خير دليل على غياب التخطيط الاستراتيجي أو الالتزام بأحد بنود التنمية المستدامة، علاوة على افتقار المسؤولين والجهات المعنيّة لمفهوم حالات الطوارئ وإدارة الأزمات، والتي ينبغي أن تكون إحدى مهامهم. واستنكر البوسعيدي أنّه بعد مرور أكثر من 44 عاما على النهضة المباركة نشوب أزمة انقطاع مياه، رغم أنه مورد حيوي مهم في حياة كل إنسان.

وشكا البوسعيدي من الانقطاع المستمر للمياه، فضلا عن انقطاع في الكهرباء لكن بصورة أقل، وتتفاقم الأزمة مع ارتفاع أسعار تناكر المياه، التي ارتفعت بصورة جنونية، استغلالا لحاجة السكان.

ووجّه البوسعيدي اللوم إلى الجهات المعنية في تأخرها لإصدار بيان رسمي واضح وعاجل، لإظهار حقيقة المشكلة، وإعلان توقيتات الحل، وطمأنة السكان حول خدمات المياه، معربًا عن أمله في أن تواصل هذه الجهات عملها في خدمة المشتركين ومحاسبة كل المقصرين في أداء واجبهم تجاه الوطن والمواطن.

خيبة أمل

وقال فيصل بن عامر الرواحي إنّه لا يخفى على أحد ما يتسببه انقطاع المياه من معاناة لكثير من المواطنين والوافدين على حد سواء؛ حيث إنّ عدم مبالاة بعض الشركات سواء الحكومية أو الخاصة بسرعة تنفيذ الأعمال الخدميّة المهمة التي تتعاقد معها الحكومة في الوقت المحدد لها، يتسبب في أضرار كبيرة للسكان، فلا يعقل أن يتأخر مشروع خدمي ضخم مثل محطة الغبرة لأكثر من 8 أشهر، وما هذا إلا دليل على التقصير وعدم المبالاة.

وتساءل الرواحي عن الإجراءات المتخذة ضد المخالفين والمقصرين في أعمالهم، خاصة تأخر مشروع محطة التحلية الجديد بالغبرة والذي كان من المفترض أن يتم الانتهاء منه شهر يناير الماضي.

واستنكر الرواحي ما زعم أنّه حصول بعض كبار المسؤولين في الدولة على المياه من خلال الناقلات الحكومية التي ينبغي أن تتاح لكافة المواطنين، مطالبًا الجهات المعنيّة بتحقيق المساواة في توزيع المياه.

وتابع الرواحي أنّ هناك خيبة أمل كبيرة لدى قطاع عريض من المواطنين لعدم اعتراف الهيئة العامة للكهرباء والمياه بالخطأ الواقع منها الذي أدى لهذه الأزمة، وغياب الإدارة الحقيقية لهذه الأزمة، مطالبا بتحرك الناقلات الكبيرة والضخمة التابعة للجيش السلطاني العماني والجهات العسكرية الأخرى لحل الأزمة وتوفير المياه للسكان، بجانب استخدام آبار المياه الجوفية، وإن تطلب الأمر شراء ناقلات ضخمة بل وتوصيل المياه إلى السكان عبر الطائرات.

تعليق عبر الفيس بوك