"الوثائق والمحفوظات"تكرم الدفعة الأولى من رواة التاريخ الشفهي.. الإثنين المقبل

باعتبارهم مصادر علمية ترفد الذاكرةالوطنية-

مسقط - الرؤية-

تحتفل هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنيّة الإثنين القادم بتكريم الدفعة الأولى من رواة التاريخ الشفوي، الذين بادروا بتسجيل روايتهم الشفويّة عبر المقابلات الشخصيّة التي أجراها فريق عمل المشروع بالهيئة، لعدد من أصحاب الفكر والتجربة الذين عاصروا أجيالا متعاقبة، وشهدوا أحداثًا كثيرة، كما أنتجوا فكرا وبحثا رفدوا به مكتبة البحث العلمي، كما أنّ لديهم مخزونًا من التاريخ الشفوي الذي يعد مادة علمية مهمه جدا، وعليه قام الفريق بتسجيل المقابلات التي تم إجراؤها مع هذه الشخصيات، كما أنّه سيتم التواصل مع شخصيات أخرى حسب جدول زمني محدد، لتكون جزءًا من الذاكرة الوطنية، ولتكون الرواية الشفويّة مكمّلة للوثيقة المكتوبة، حيث سيرعى الحفل معالي الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصي رئيس الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون.

جهود دؤوبة

وتسعى الهيئة إلى توثيق وحفظ التاريخ الشفوي الذي يمثل جزءًا من الذاكرة الوطنية إلى جانب الوثيقة المكتوبة، حيث تمّ تشكل فريق عمل متخصص ومدرب في مجال التاريخ الشفوي ومجهّز بكل الأدوات الفنيّة والتقنيّة التي يحتاجها العمل، لإنجاز المهمة الموكلة إليهم لحفظ جانب من الإرث والمخزون العلمي والثقافي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي والفكري والأدبي الذي تختزنه الذاكرة البشريّة وهي عرضة للفقدان بالعديد من المسببات أهمها الوفاه أو المرض أو التقدم في السن وما يصاحبه من ضعف الذاكرة، والتي يحتفظ بها العديد من أبناء هذا الوطن ممن كان لهم دور مهم في الحياة بمختلف مجالاتها، أو من الذين عاصروا التطوّر الذي تعيشه البلاد تحت ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد- حفظه الله- ويأتي اهتمام الهيئة بهذا المشروع إيمانا بأهميّة توثيق تاريخ عمان التليد من خلال حفظ الرواية الشفويّة، ويمثل التاريخ الشفوي (المروي) إضافة جديدة ومركز إشعاع مهم للمعرفة البحثيّة، ويعد من الركائز الأساسيّة في توجّه الهيئة لتكوين بيئة داعمة للبحث العلمي وقادرة على الإسهام الفاعل في حفظ ذاكرة الوطن، ولضمان بقائها كرصيد تاريخي حي للبلاد، من خلال إجراء المقابلات التوثيقية مع صناع الحدث أو المشاركين فيه أو مع أصحاب الفكرة والتجربة اليومية.

أهميّة التاريخ الشفوي

وتعد الرواية الشفوية مصدرًا آخر لا يقل أهميّة عن مصادر كتابة التاريخ عند المؤرخين، وإحدى طرق اكتشاف المعارف والحصول على العلوم، حيث إنّها تحتوي على معلومات وأحداث وقراءات استقوها من خلال مصادر شفوية، فينقلونها عبر كتاباتهم، بعد أنْ يقوموا بتمحيصها وتحليلها، وهو ما سلكه المؤرخون الذين تتميز أقلامهم بالموضوعية والنزاهة على سبيل الاختصار لا للحصر كأن يقول: حدثنا فلان عن فلان، وذكر فلان، وقال لي فلان وغيرها.

وقد وجدت الرواية الشفوية مكانتها البارزة في التراث الإسلامي، حيث إن جذور الرواية الشفوية تعود إلى رجال الحديث النبوي الشريف الذين كانت لهم رؤيتهم الواضحة، والتي تقوم على ضوابط معينة كحال الرواة ومعتقداتهم والقبول والرد والعدالة وغيرها من الأسس التي تبنى عليها مصداقية الرواية الشفوية.

فالهدف من اعتماد الهيئة لمشروع التاريخ الشفوي (المروي) هو تحقيق غايات سامية، وأهداف نبيلة تتمثل في حفظ الذاكرة الوطنية الشفوية، ومن أهمها سرعة الوصول إلى الأشخاص الذين يمتلكون المعلومات والمعارف الشفوية التي تضيف رصيداً آخر للرصيد الوطني من الذاكرة المحفوظة.

آلية العمل في المشروع

ستنتج عن العمل في مشروع التاريخ الشفوي وثائق وملفات، تستدعي أنْ يكون تصنيفها وفق نظام إدارة الوثائق الذي تضطلع به الهيئة، ولكي يتم التعامل بكل سهولة ويسر مع المواد العلمية والتسجيلات والمقابلات، وكذلك سهولة الرجوع إليها من قبل العاملين بالمشروع أو حتى الباحثين مستقبلا، فالمشروع بحاجة إلى مراعاة عدة قواعد أهمها، تصنيف المقابلات بما يتلاءم مع المضمون والمحتوى اجتماعياً، وثقافياً، وسياسياً، واقتصادياً، وعسكريا، وإداريا، وفنيا، وغيرها، وتفريغ المعلومات ( المقابلات) من الصيغ الرقمية إلى مادة كتابية مطبوعة، وكذلك مراجعة المادة المفرغة وتقييمها ( لغوياً وعلمياً) من قبل لجنة مختصة، أو باحثين مؤهلين للتعامل مع نصوص المقابلات والحوارات الشفوية، أيضا التأكد من سلامة الأجهزة المستخدمة في المقابلات، والتأكد من نقل المقابلات من أجهزة المتعاونين إلى أجهزة الهيئة، لضمان سريتها وعدم تسربها إلى خارج الهيئة، وتهيئة الأماكن (المكاتب) المناسبة لإدخال البيانات وإجراء عمليات التفريغ، وإعداد جداول مدد استبقاء للمقابلات لضمان إتاحتها للجمهور بعد خضوعها لمراحل التدقيق والتحليل وفق قانون الوثائق والمحفوظات الوطنية في سلطنة عمان، ومن القواعد أيضا عدم عرض المادة العلمية المستخلصة من المقابلات إلا بعد التأكد من سلامتها وجودتها وبُعدها عن كل ما يثير بواعث الخلاف، أو يسيء إلى الآخرين، سواء كانوا أفرادا أو جماعات، أو الإساءة إلى العادات والتقاليد، أو جانب من الجوانب الحياتية.

مزايا الرواية

للرواية الشفوية مميزاتها التي تجعل منها مصدرا إضافيا مهما في البحوث العلمية، من خلال ما يتوفر فيها من عناصر، وأهمها، أولا: المعلومات التي يتحصل عليها الباحث من الرواية الشفوية والتي تغطي جوانب واسعة ببحثه، عدا أنها تزوده في بعض الأوقات بمعلومات أخرى لم تخطر على باله؛ كونها تدخل ضمن موضوع بحثه، ثانيا: تكشف للباحث على جوانب من الصفات الشخصيّة للأفراد فيمكنه بعدها من إبداء الرأي في مصداقية أحاديثهم. وثالثا: يشعر الأفراد المقابلين بمكانتهم، وبدورهم الذي قاموا به من خلال تلك الأحداث التي يتكلمون عنها.

تعليق عبر الفيس بوك