المركز التخصصي وصناعة النجاح

حميد بن مسلم السعيدي

Hm.alsaidi2@gmail.com

التغيير هي حالة تحول من الحالة الواقعية إلى الحالةالتي نسعى إلى تحقيقها، وهذا التغيير الإيجابي الذييظهر في تلك الحالة تشعرك بالسعادة، لأنّه أدى إلى تحقيق النجاح، وهذه دلالة على أن التخطيط والعمل الذي تمّ خلال تلك الفترة كان ناجحًا من خلال حدوث تغيير ملحوظ، لذا فالجميع اليوم يسعى أن يكون العمل الذي يقوم به يحدث له نتائج إيجابيّة تحقق من خلالها أهدافه، وحتى نحقق تلك النجاحات، فإنّه يتوجب أن يكون العمل قائما على الإخلاص والأمانة، خاصة أنّ هذا النجاح لن يأتي إليك عن طريق الآخرين، وإنما من ذاتك ويقول الله تعالى في كتابه العزيز "إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسهم" والتغيير الذي يطمح له التربويون هو الرقي بمستوى التعليم بحيث يحقق طموحات وآمال هذا الوطن، لأنّه هو الطريق الذي نعبر من خلاله نحو المستقبل الواعد، بحيث يسهم في بناء أجيال قادرة على بناء مكانة متقدمة لهذا الوطن بين الأمم، وحتى نستطيع أن نصنع ذلك المستقبل فإنه يتوجب الاهتمام بالعناصر المؤثرة في المنظومة التعليميّة، ويأتي في مقدمتها المعلم والذي يعتبر حجر الأساس في العملية التربوية ويتحمل مسؤوليّة تعلم الطلبة وتفوقهم، بحيث يكون مواكباً للتغيرات التي يشهدها العالم في المجالات المعرفيّة والتقنية والتربوية، ومحافظاً على كفاءته؛ مما يؤهله ذلك للقيام بواجباته وفقًا للمعايير المهنيّة للمعلمين والتي تتضمن الجوانب المعرفيّة والمهارية والاتجاهات والقيم المهنيّة، هذه المعايير التي يقاس في ضوئها على جودة التعليم، وحتى يحقق ذلك فإنّه يظل بحاجة إلى النمو المهني المستمر؛ لأنّه يقع عليه العبء الأكبر في تحقيق الأهداف التربوية، المتمثلة في تنشئة الطلاب وإكسابهم المعرفة والمهارات والقيم والاتجاهات، ويرتبط نجاح العملية التعليمية بمدى كفاءته وأدائه في الموقف الصفي، ومن هذا المنطلق تمّ إنشاء المركز التخصصي للتدريب المهني للمعلمين الذي يسعى نحو التغيير والتطوير في أداء المعلمين بهدف رفع كفاءتهم، وإكسابهم للخبرات التربوية، والسمات الشخصيّة، والكفايات المهنية، والمعرفية، والتقنية، التي تؤهلهم للقيام برسالتهم السامية نحو بناء مواطنين مسؤولين قادرين على المساهمة بجد وإخلاص في سبيل هذا الوطن، وذلك من أجل تحقيق الجودة الشاملة في العملية التعليمية.

هذا التغيير والتطوير في أداء المعلمين لن يأتي خلال ساعات تدريبة قصيرة وإنّما من خلال برنامج تدريبي طويل المدى تمكن المعلم من اكتساب المهارات المتنوعة، وقياس مدى امتلاكه لها وفقا للمعايير والمقاييس الدولية، بحيث إننا اليوم بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى الجودة في التدريب، وانعكاس ذلك على أداء المعلم ومدى قدرته على تحقيق المعايير التي تسهم في الارتقاء بالعملية التربوية، فبدون اجتياز تلك المعايير لن نتمكن من صناعة ذلك النجاح الذي نطمح له في العملية التعليمية.

ويُعتبر المركز التخصصي للتدريب المهني للمعلمين أول مؤسسة تُعنى بتدريب العاملين في الحقل التربوي أثناء الخدمة وفقاً للمعايير الدولية المعنية بالتدريب، وهي خطوة رائدة في مجال تطوير نظام التعليم، ويعمل المركز بالاعتماد على خبرات وطنية في التدريب، وبالتعاون مع خبراء دوليين متخصصين، ويهدف إلى المساهمة في تطوير العملية التعليمية التعليمة من خلال نشر ثقافة التعلم المهني داخل المدرسة، وايجاد المجتمعات المدرسية المتعلمة، وذلك من خلال تقديم برامج تدريبية ذات جودة عالية ومستمرة، تهدف إلى الرقي بفكر المعلم وثقافته، وشخصيته، واكتسابه لمهارات استخدام لأساليب تدريسية أكثر فعالية في الموقف التعليمي، وتزويده بالمستجدات التربوية، ونظريات التعلم الحديثة كالنظرية البنائية ونظرية النشاط ونظريات الذكاءات المتعددة وتطبيقاتها، وتدريبه على كيفية توظيف تلك النظريات وأساليب التدريس المرتبطة بها، وبما يؤدي إلى تحسين تعلم الطلبة في فصولهم الدراسية، حيث يتم تدريب المعلمين على ساعات تدريبية لفترات زمنية طويلة تمكنهم من اكتساب خبرات متنوعة.

حيث تنطلق رؤية المركز من خلال تمكين المعلم باعتباره شريكا فاعلاً في تطوير العملية التربوية؛ من خلال توظيف أفضل الوسائل والطرق التعليمية ذات المعايير العالمية لتحقيق جودة التعليم، ومن هذه الرؤية التي يسعى المركز إلى تحقيقها فإنه ينطلق من خلال رسالة تربوية هادفة تحمل في مضامينها تدريب وتأهيل معلمين وتربويين يعتزون بانتمائهم لمهنة التعليم، ويتصفون بالمهارات العالية، والثقة بالنفس والدافعية، كما يسعى إلى تعزيز مكانة المعلم في المجتمع من خلال تعريف أفراده بالرسالة التي يؤديها، وأهمية الدور الذي يسهم به في تقدم المجتمع ورقيّه، ويبلغ عدد المعلمين المنتسبين للمركز 2600 معلم ومعلمة من مختلف محافظات السلطنة في عدة برامج تدريبية تتمثل في شركاء المركز التخصص والذي يستهدف المعلمين الأوائل ويهتم بمهاراتهم التدريسية والتدريبية والإشرافية، وبرنامج المشرفين التربويين، وخبراء العلوم، وخبراء الرياضيات، وخبراء اللغة العربية، وبرنامج المعلمين الجدد، وتستمر البرامج التدريبية بين سنة إلى سنتين، بحيث يحصل خلال المعلم على 300 ساعة تدريبية، تتنوع فيها أنماط التدريب بين التدريب المباشر بالمركز، والتعلم الإلكتروني، والتعلم في بيئة العمل، وكل هذه الأنماط من التدريب تنعكس نتائجها من خلال الممارسة في بيئة العمل، وبعد مرور عام من التدريب ظهرت العديد من الأدلة على أنّ هناك تغييرًا ملاحظا في أداء المعلمين وتوظيفهم لأنماط التعلم الحديثة، مما كان له الأثر على العديد من الجوانب المتعلقة بتعلم الطالبة، وهذه الإنجازات تعد بداية ممتازة نظير الجهد الذي بذل خلال الفترة الماضية، بما ينعكس إيجاباً على المستوى التحصيلي للطلبة وعلى قدرتهم على التعلم ومواكبة المتغيرات العالميّة، بحيث نتمكن من إيجاد أفراد قادرين على ابتكار أشياء جديدة في ضوء المستجدات العالمية بما يخدم أنفسهم ومجتمعهم، فهي تجعل من المتعلم العنصر الرئيسي في العملية التعليمية التعلمية، وهذا ما يسعى إليه المركز التخصصي للتدريب المهني للمعلمين، خاصة أنّ الطموح والغاية لا يتوقفان عند مدى معين وإنّما تحقق التميّز والنجاح، وهذا الأمر لا يأتي برحلة قصيرة وإنّما رحلة طويلة وتعتمد في ذلك على مدى دافعية المعلمين، ومقدرتهم على تطوير ذاتهم، ورغبتهم في الوصول إلى الجودة في العطاء، لذا فما قدم خلال الفترة الماضية من نجاحات متعددة كلمات الشكر لا توفي حق القائمين على هذا العمل من فريق الإدارة والمدربين الذين ضحوا بالكثير من وقتهم وجهدهم في سبيل تحقيق هذه المهمة الوطنية، فهؤلاء يرسمون ملحمة وطنية تنطلق من خلال الإخلاص والأمانة في العمل، وهنا تتجلى صورة العمل الوطني وروح العطاء لهذا الوطن، فبورك الوطن بمواطنين مخلصين أمثالهم.

تعليق عبر الفيس بوك