إبراز الدور التكاملي للأسرة في إصلاح النشء يتصدر أهداف "ملتقى التواصل الأسري للأحداث"

مسقط - مرشد البلوشي - محمد البلوشي

نظَّمتْ وزارة التنمية الاجتماعية مُلتقى التواصل الأسري في نسخته الخامسة، تحت عنوان "بك أقتدي لأرتقي"، والذي نفَّذته الوزارة -مُمثلةً في دائرة شؤون الأحداث- على مدار يومين (5-6 مايو)؛ وذلك بدار إصلاح الأحداث بسمائل.

وياتي الملتقى انطلاقا من الاهتمام الذي توليه الوزارة في تنمية وإصلاح الأحداث المعرضين للجنوح والجانحين ورعايتهم، وإيجاد السبل الكفيلة لتربيتهم التربية السليمة والعناية بهم وتأهيلهم وتعليمهم وفق قدراتهم واستعداداتهم. ويسعى الملتقى لتحقيق الدور الذي تسعى إليه دائرة شؤون الأحداث من تأهيل وإعداد الأحداث المعرضين للجنوح والجانحين ورعايتهم، وإيجاد السبل الكفيلة لتربيتهم التربية السليمة، وتمكينهم من العودة إلى المجتمع كأفراد أسوياء، كما يتطلع إلى تعزيز الرابطة الأسرية بين الحدث وأسرته، وتفعيل الدور التكاملي الذي تلعبه في عملية إصلاح الأحداث، والذي لن يتأتى إلا من خلال تنفيذ مثل هذه اللقاءات التواصلية التي تثمر بدورها في الارتقاء بوعي الأسرة والحدث، إضافةً إلى توعية الأسرة بأهمية دورها في الإصلاح وتثقيفها بأسس التربية الحديثة، وتشجيعها على رعاية الحدث والاهتمام به بعد خروجه من الدار؛ وذلك بتقديم الاستشارات والإرشادات النفسية والاجتماعية والتربوية من خلال الملتقى.

"بك أقتدي لأرتقي"

وحول أهمية إقامة هذا النوع من الفعاليات، أكدت بتول اللواتية مديرة دائرة شؤون الأحداث، أنَّ هذه الملتقيات تأتي ضمن اهتمام شؤون الأحداث ببث الوعي حول دور الآباء في حماية أبنائهم من الانحراف؛ حيث يُعدُّ هذا الملتقى هو الخامس الذي تنظمه الدائرة بدائرة إصلاح الأحداث، والذي يرمي لتوطيد صلة الأحداث بأسرهم، وزيادة تواصلهم وتسليط الضوء على نوعية البرامج المقدمة لأبنائهم، إضافة إلى توفير احتياجاتهم النفسية والاجتماعية وأهمية وجود القدوة في حياة الحدث نفسه. ومن ذلك، اتخذ الملتقى عنوان "بك أقتدي لأرتقي" ليبيِّن الدور الذي تلعبه القدوة في تصرفات الأبناء وطرق حياتهم. وأضافت اللواتية بأنَّ تعاون الوالدين مع دور الرعاية يساهم مساهمة فعالة في علاج سلوكيات الأحداث الخاطئة؛ بحيث العمل معاً في مساعدة الحدث وعودته إلى المجتمع وإدماجه بصورة سليمة؛ بحيث نجعلهم أشخاص ناجحين ومبدعين.

ويهدف الملتقى إلى توضيح الدور التكاملي الذي تلعبه الأسرة في عملية إصلاح الحدث وعدم العودة في المستقبل، والارتقاء بوعي الأسرة حول أهمية تطبيق تعاليم ديننا الحنيف كونهم قدوة لأبنائهم، إضافةً إلى معرفة أساليب ومهارات التربية بالقدوة، وتعزيز الرابطة الأسرية وصلة الرحم والثقة بين الأسرة والحدث، إلى جانب إزالة الحاجز النفسي لدى الحدث الذي يكون لديه عند دخوله الدار وتوفير الدعم المعنوي له لإدماجه في المجتمع مرة أخرى، إضافة إلى إبراز مواهبه وإبداعاته.

عروض تقديمية

وبدأ الملتقى بتلاوة للذكر الحكيم، تلاه تقديم الأحداث عرض تقديمي "أوبريت" يجسد أهمية الاقتداء بالقدوة الحسنة ودورها في تنشئة جيل ناجح يستغل كافة الظروف لتحقيق المنجزات في حياته، كما قدم الأحداث قصائد إنشاديه تتحدث عن حب الأسرة والآباء، إلى جانب عروض تمثيلية ومسرحية أخرى.

وبعد ذلك، تحدَّثت الدكتورة سميرة بنت حميد الهاشمية إخصائية إرشاد وتوجيه بمركز الإرشاد الطلابي بجامعة السلطان قابوس عن بعض اللمسات الإنسانية في فن التعامل مع الأبناء؛ حيث أكَّدت ضرورة استماع الآباء والأمهات إلى أبنائهم واستخدام لغة الجسد واحترام مشاعره وتقدير جهوده. وأوضحت الهاشمية ضرورة الحوار مع الأبناء؛ كونه يخلق شيئا من الثقة لديهم وتدريبه على العادات الإسلامية والأعمال المنزلية، إلى جانب توفير المناخ المناسب لتحقيق رغباته واحترام خصوصياته. واختتمت الدكتورة سمير الهاشمية حديثها بضرورة التواصل والتفاعل الإيجابي معه وإكرامه ماديا ومعنوياً.

ومن جانبها، قدمت نادية المكتومية (مدربة) عرضاً بعنوان "مواصفات البيئة الداعمة للأبناء"، ذكرت من خلاله أن البيئة بين الأبناء يجب أن تكون قائمة على الحب؛ لما لها من آثار إيجابية في سلوكياتهم، ويجب منحهم الحب الصادق غير المشروط. واشارت إلى ضرورة التواصل الدائم معهم، وكذلك لزوم أن تكون الأسرة هي الصديق الحميم التي تحفظ سرهم، مؤكدةً أن البيئة بين الأبناء يجب أن تكون قائمة على الحوار والوعظ وليس الأمر والنهي. وشدَّدت على أهمية تعليم الأطفال كيفية التعبير عن مشاعرهم والإفصاح عن أفكارهم.. لافتة إلى أنَّ هذه البيئة يلزمها اجتناب الانتقاد؛ وذلك لأنه أسلوب مدمر، لكن يمكن اللجوء إلى التوجيه غير المباشر.

وبيَّنت المكتومية أهمية بناء علاقات إيجابية بين الأبناء قبل محاورتهم والتكلم معهم؛ وذلك من خلال منحهم فرصة للتعبير عن رأيهم وما يجول بفكرهم.. منوهةً بأنَّ كثرة النقد تنزع الثقة منهم وتحد من قدراتهم الدراسية، وتولد فيهم الخوف الدائم من القيام بعمل أمام الآخرين ويقتل روح المبادرة لديه.

دار إصلاح الأحداث

وفي الإطار، أوضح سالم بن عبيد الفارسي مشرف دار إصلاح الأحداث، أنَّ تنظيم هذه الفعاليات يأتي ضمن اختصاصات الدائرة والتي تتمثل في استقبال الحدث وإجراء الفحص الطبي والبحث الاجتماعي والنفسي، إضافةً إلى تسليمه المهمات والأدوات اللازمة لمعيشته في الدار وتوزيعه على الوحدة والغرفة المناسبتين لسنه وجنسه، وملاحظة سلوكيات الحدث بالدار وتهيئة المواقف المختلفة له للتعرف على استجاباته وانفعالاته وتحديد الإطار العام لشخصيته. وقال الفارسي إنَّ الدار تقوم برسم خطة العلاج الاجتماعي والنفسي للحدث بما يتناسب وظروفة، ومساعدته على مواصلة تعليمة، إلى جانب تنظيم البرامج التعليمية والتثقيفية والترفيهية وتقوية أواصر صلته بأسرته.

وحول استغلال أوقات فراغ هؤلاء الأحداث بما ينمي مهاراتهم وقدراتهم الإبداعية، تحدَّثت أمينة بنت خلفان الراشدية مدربة أنشطة يدوية بدار إصلاح الأحداث، وقالت إنها مسؤولة عن تقديم كل أنواع الفنون لفئة الأحداث كالرسم وقواعده، وكيفية الرسم بالرصاص، وأيضاً استعراض الجانب الفني الذي يحتوي على المدرسة الواقعية والتجريدية والفن الحديث. وأشارت إلى أنَّ تعليم هذه الفئة يشمل إخراج عمل فني من خلال إعادة تدوير فن الديكوباج؛ حيث إنهم يمتلكون الكثير من الطاقات والقدرات الفنية ويكمُن دورنا بتنميتها وتعزيز الثقة لديهم، وتشجيع هذه المواهب الفنية، موضحةً أنَّ المشاركة بأعمالهم في المعارض الخارجية تعزز الثقة لديهم؛ وبذلك يكون للأحداث جانب فني من المهارات والتي تسمح لهم ممارستها في أوقات فراغهم، وأضافت الراشدية بأنَّ الجانب الفني يطلق الطاقات الكامنة لدى الأحداث لتترجم اللوحات الفنية التعبيرية معاناتهم والسلوكيات التي يشكون منها بصورة فنية رائعة وجميلة.

واختتمت فقرات اليوم الأول من المتلقى بتكريم المشاركين والأسر المتميزة، بينما تضمن اليوم الأخير إقامة ورشتي عمل عن التحفيز وإدارة الوقت، قدمهما المدرب يوسف العطار وورشة "المخترع الصغير"، إضافة إلى مسابقة تهدف لتنمية المهارات الإبداعية وغرس حب الابتكار والعمل، وفقرة ختامية تم فيها تكريم الفائزين بمسابقات المتلقى.

تعليق عبر الفيس بوك