الحيتان الحدباء.. أسماك نادرة تجذب الزوار وتعزز السياحة

مسقط- الرؤية

تمثل الشواطئ العمانية واحدة من أغنى السواحل التي تزخر بالعديد من الكائنات البحرية، والتي تسهم بدورها في تعزيز القطاع السياحي وجذب السياح من مختلف بلدان العالم للاستمتاع بجمال الطبيعة البكر..

وتعد الدلافين والحيتان من أهم مكونات السياحة في السلطنة، ويهواها محبو البحار وهواة السياحة البحرية، وتشهد السلطنة خلال السنوات القليلة الماضية إقبالا سياحيا على البحار بهدف التعرف على الشعاب المرجانية والحيوانات البحرية التي تحيا فيها.

وباتت الحيتان التي تشتهر بها المياه الإقليمية البحرية في السلطنة مقصدا لهؤلاء السياح ومحبي البحار؛ حيث تعتبر حيتان بحر العرب من أندر وأشهر الحيتان على مستوى العالم والتي تقع قبالة سواحل عمان، اكتشف العلماء أن الحيتان الحدباء التي تسكن بحر العرب هي أكثر الحيتان من هذا النوع المتميزة وراثيا في جميع أنحاء العالم، ويمكن أن تكون أيضا الحيتان الأكثر عُزلة في العالم.

وتشير النتائج إلى أن هذه الحيتان ظلت منفصلة عن غيرها من الحيتان الحدباء ربما لـ 70 ألف سنة، وهذا الأمر غير طبيعي على الإطلاق في مثل هذه الأنواع من الكائنات البحرية التي تشتهر بالهجرة لمسافات طويلة وتوفر هذه النتائج مؤشرا قويا على أن هذه المخلوقات استوطنت نفس المكان منذ آلاف السنين.

وقال باحثون إن الدراسات تظهر وجود اختلافات جينية قوية لدى هذه الحيتان قياسا للحيتان الأخرى من هذا النوع في بقية المناطق، وذلك بعد أخذ عينات الحمض النووي ووحدات الطاقة من 70 من الحيتان الحدباء في بحر العرب ومقارنتها بتسلسل الحمض النووي للحيتان الأخرى من شمال المحيط الهادئ ونصف الكرة الجنوبي.

وأوضح الباحثون أن هذه الحيتان استطاعت بذلك عزل نفسها عن باقي الأنواع، التي تهاجر باستمرار من مكان لآخر، إلا أن هذا الاكتشاف المدهش فرض على العلماء مجموعة من الأسئلة المثيرة، منها: كيف ولماذا استطاعت هذه الحيتان عزل نفسها؟ وكيف استمرت طوال هذه الفترة الطويلة ؟ ولماذا يختلف سلوكها عن باقي الحيتان الحدباء الأخرى؟

وتشير تقديرات التدفق الجيني في تقارير الباحثين إلى أن هذه الأنواع نشأت في جنوب المحيط الهندي، ولكنها عزلت نفسها لقرابة 70 ألف سنة في بحر العرب.

وفي السلطنة قامت جمعية البيئة العُمانية في تثبيت أجهزة تتبع على ثلاثةٍ من حيتان بحر العرب الحدباء بالقرب من شاطئ ظفار. ويهدف هذا البرنامج إلى التعرّف أكثر على سلوكيات هذه الثدييات والمسارات التي تسلكها ووضع الحلول المُناسبة للحدّ من المخاطر التي تتعرض لها، وذلك من خلال الأبحاث التي يقوم بها مجموعة من الباحثين المشاركين في البرنامج والتي امتدت من عام 2011 وحتى 2013.

ومن خلال الدعم المتواصل لأعمال المشروع بهدف إيجاد قاعدة معرفية قيّمة عن هذه الكائنات النادرة التي تتميز بها الجزيرة العربية، فقد تمكّن فريق من المتخصصين الدوليين وعلى مدى خمسة أسابيع من العمل الميداني المضني وفي ظروف جوية صعبة من تحقيق هذا النجاح.

من جهتها، تقول سعاد الحارثية مديرة البرامج في جمعية البيئة العُمانية: "أود أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى كلّ من شارك في إنجاح هذا البرنامج، لقد تضافرت جهودنا مع جميع الجهات الوطنية والدولية ذات الصلة في محاولة لتعزيز الإجراءات الوقائية لحماية هذا الجزء المهم من النظام البيئي؛ وهذا ما ظهر جلياً عبر نجاحنا في تطبيق برنامج تتبع الحيتان والذي يُعد بمثابة خطوة إيجابية في هذا السياق". وتضيف: "يتوجب علينا جميعاً العمل بأقصى سرعة ممكنة للحفاظ على الحيتان العربية الحدباء والتي لم يتبقَ منها سوى أقلّ من 100 حوتاً بناءً على آخر الإحصائيات".

ومن جانبه، يقول ستيفن توماس الرئيس التنفيذي لشركة النهضة للخدمات: "تزخر عُمان بالعديد من المقومات التي تجعل منها بلداً رائعاً ومميزاً ولعلّ من أبرزها طبيعتها الخلابة، وفي هذا السياق، تواصل الشركة النهضة للخدمات تعاونها مع جمعية البيئة العُمانية لإنجاح البرنامج الخاص بتتبع الحيتان العربية الحدباء بهدف الحفاظ على هذا النظام الحيوي المهم ضمن بيئة السلطنة البحرية الغنيّة".

وتمّ جمع البيانات المتعلقة بعدد الحيتان والدلافين في عُمان على مدى الأعوام الأربعة عشرة الماضية مع التركيز على الحيتان العربية الحدباء. ولقد تمّ تعريف هذا النوع من الحيتان كنوع فريد من الجانب الجيني في عام 2007 وشغلت اهتمام كافة الباحثين نظراً للغموض الذي يكتنف أسلوب حياتها.

يشار إلى أن الحيتان العربية الحدباء هي النوع الوحيد من الحيتان في العالم التي لا تهاجر ضمن المنطقة التي تشمل كل من عُمان والإمارات العربية المتحدة واليمن وباكستان وإيران وسريلانكا. ومنذ ما يزيد عن 70 ألف عام وحتى يومنا هذا، انعزل هذا النوع عن بقية الحيتان الموجودة حول العالم، وقد أصبحت تُعد حالياً أكثر الأنواع المعرضة للانقراض.

تعليق عبر الفيس بوك