متى تنتهي أزمة المياه في مسقط ؟

 

 

نفذت السلطنة أول تعداد عام للسكان والمساكن والمنشآت في عام 1993م، ورغم أن مشروع التعداد الأول مثَّل تحدياً كبيرًا جداً للحكومة من حيث تسويق فكرة التعداد أولاً للمواطن العُماني والمقيم بالسلطنة وتوعيتهم بأهمية التعداد وثانياً من حيث تنفيذ التعداد بجميع محافظات السلطنة والذي زاد من الصعوبة تباين تضاريس السلطنة وتناثر التجمعات السكانية من جهة أخرى، إلا أنّ المشروع حقق نجاحاً من حيث نتائجه.

وفي عام 2003م أجرت السلطنة ثاني تعداد في تاريخها وتلاه تعداد 2010م الذي نفذته السلطنة تزامناً مع التعداد الموحد للسكان والمساكن والمنشآت بدول مجلس التعاون الخليجي.

ورغم أنّ أهمية التعداد تتمثل في الاستفادة من نتائجه في برامج ومشاريع التنمية وتوفير الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والماء والكهرباء والطرق وغيرها، إلا أنّه- على ما يبدو، أنّ ما أسفرت عنه التعدادات الثلاثة الماضية من نتائج ذهب أدراج الرياح والأمثلة على ذلك كثيرة جدًا.

ومن ضمن الأمثلة التي تستحق الذكر الأزمة الحالية التي تشهدها محافظة مسقط ومحافظات أخرى من السلطنة كالداخلية وجنوب الباطنة في الانقطاعات المتكررة في مياه الشرب وفي أحيان كثيرة ندرتها.

وخلال الأسبوع الماضي تم طرح موضوع الانقطاعات المتكررة لمياه الشرب في مسقط في برنامج البث المباشر على إذاعة سلطنة عُمان الذي يقدمه الإعلامي القدير خالد بن صالح الزدجالي واستضاف فيه مسؤولون من الهيئة العامة للكهرباء والمياه وشهدت الحلقة اتصالات واستغاثات واستفهامات من المتصلين لم تجد إجابات شافية كافية وافية مقنعة، بل كانت الأعذار الخجولة التي ساقها ضيفا الحلقة تعمق الجراح أكثر من أن تضمدها حيث كانت إحدى الإجابات أن أحد أسباب الانقطاعات المتكررة هو الزيادة المتسارعة في سكان محافظة مسقط، وعدم التزام الشركات المنفذة لمشاريع توصيل المياه بتعهداتها للمشاريع التي تنفذها من حيث جودة التنفيذ والجدول الزمني، وأن هناك محطة تحلية للمياه جارٍ العمل فيها ولكن المقاول تأخر، وإن خطة الهيئة العامة للكهرباء والمياه بتمديد مياه الشرب لجميع محافظات السلطنة ستبلغ 95% بحلول عام 2040م.

وكما هو معلوم فإنّ معظم مياه الشرب التي يستهلكها سكان محافظة مسقط تأتي من محطة تحلية الغبرة التي تم إنشاؤها في عام 1976م، علاوة على أن الكثير من المناطق السكنية في العاصمة مسقط يتم توصيل مياه الشرب إليها عبر ناقلات صهاريج المياه، وفي حال حدوث عطل في أنابيب المياه - وما أكثرها - تتعطل الحياة في العاصمة وقد تجلى ذلك في الأنواء المناخية التي مرت بها السلطنة عام 2007 و2010 م.

ومشكلة مياه الشرب ليست حكرًا على محافظة مسقط بل هي موجودة في جميع المحافظات حيث لا تزال معظم المخططات السكنية الحديثة والتي اكتظت بالمساكن والمنشآت تعتمد على ناقلات صهاريج المياه.

وكما هو معلوم فإنّ السلطنة لديها شواطئ تمتد لـ 3165 كيلومترا ونفذت الحكومة خلال العقود الأربعة الماضية مئات سدود مياه التغذية الجوفية، علاوة على الأفلاج والعيون والأودية دائمة الجريان.

ترى ما هو التفسير المنطقي لعدم اكتمال مد شبكات المياه في السلطنة وهي من الخدمات الضرورية والتي يفترض أن تكون قد اكتملت خلال 45 عامًا، لماذا لا يزال توزيع مياه الشرب بناقلات صهاريج المياه وخاصة في العاصمة مسقط وبقية ولايات السلطنة؟، لماذا لا يتم تشييد محطات تحلية أخرى تلبي التوسع السكاني والعمراني في السلطنة؟ ولماذا لا يتم ربط جميع محافظات السلطنة بشكبة مياه موحدة عن طريق الأنابيب ويتم ضخ المياه من محطات التحلية والآبار؟ ما هي المكاسب التي حققتها السلطنة من بناء سدود التغذية الجوفية، وهل تتناسب وحجم تكاليف تنفيذها؟ كيف تستفيد السلطنة من تضاريسها المتباينة وأفلاجها وأوديتها وعيونها دائمة الجريان في توفير مياه صالحة للشرب؟ لماذا لا تتم الاستفادة الفورية من سد وادي ضيقة بمحافظة مسقط في مساندة محطة الغبرة لتوفير المياه من خلال حفر الآبار القريبة من السد؟ وهل لدينا أزمة مياه شرب أم لدينا أزمة تخطيط؟ ومتى تنتهي أزمة مياه الشرب في مسقط؟.

 

 

بقلم : سيف بن سالم المعمري

saif5900@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك