وقاحة عربية بامتياز!

مسعود الحمداني

يحكي أنّ أعربيًا انقطعت به السبيل في الصحراء، ولم يجد من يحمله، أو يعطف عليه، ومرّ به رجل على حمار، فرقّ لهُ، وأردفه على حماره، وفي منتصف الطريق، قال الأعربي للرجل: ما أجمل حمارك!!.. فتبسّم صاحب الحمار شاكرًا هذا الإطراء، وقبل الوصول إلى المدينة قال الأعرابي للرجل: ما أجمل حمارنا!!.. وهنا توقف الرجل وطلب من الأعرابي النزول قائلا: انزل، فإنّي أخشى أن تقول بعد قليل: ما أجمل حماري!!.

هذه الحكاية البسيطة تنطبق على (الأعراب) الذين استوطنوا أوروبا هربًا من حكومات بلدانهم المستبدة، هربوا خوفًا وطمعًا في مكان آمن يقيهم بطش (فرعونهم)، غير أنّهم بعد أن استقرّ بهم المقام بدأوا بمطالبة الأوربيين بحقوقهم المسلوبة، واعتلوا المنابر ليحرضوا الناس على (الديمقراطية) في تلك الدول، وزاحموا أبناء تلك البلاد على كل شيء حتى على المقاعد البرلمانية، وأخذوا يأكلون باليمين، ويلعنون مضيفيهم بالشمال، ورغم القوانين المنظمة للهجرة في أوروبا، والتي تعطي (للمهاجرين) حقوقا لا يحلمون بها في موطنهم الأصلي، إلا أنّ العرب وكثيرًا من المسلمين لم يحترموا تلك المساحة الكبيرة من الحرية التي أتاحت لهم أن يفتحوا أفواههم بعد أن أوصدها حكامهم لقرون عديدة، وبدأوا يرددون بمنّة غريبة أنهم هم من بنوا البنى الأساسية لأوروبا، واشتغلوا في ظل ظروف عمل قاسية، ونسي هؤلاء أنّهم في بلدانهم الأصلية فعلوا بالعمال الذين قدموا من دول أخرى للعمل لديهم ما هو أسوأ، حيث لم يعطوا العمال الآسيويين والأفارقة أدنى الحقوق، واستغلوا حاجة أولئك العمال بشكل بشع، ورغم ذلك صاروا يطالبون في أوروبا بحقوق الإنسان العربي..

فأي وقاحة عربية هذه؟!!.

(2)

حين يغرق مئات من المهاجرين العرب في عرض البحر، ويذهبون إلى المجهول، مضحين بأرواحهم، ومفضلين الموت غرقًا على العيش في بلدانهم، يخرج علينا بعض المسؤولين (المتباكين) على تلك الأرواح فيلومون (أوروبا) لأنها لم توفر للمهاجرين سبل العيش الكريم!! فأي ازدواجية تعيشها هذه الحكومات العربية التي ترمي كل أوزارها، وأخطائها على غيرها، وتجلس على التل تتباكى على الحقوق العربية الضائعة في أوروبا، بينما تناست أنّ من دفعهم لذلك هي سياسات الاستبداد والتضييق المقيت على مواطنيها، الحكومات العربية شريك في قتل أولئك الغرقى على شواطئ أوروبا، والذين دمروهم أحياء، وطالبوا بحقوقهم بعد أن صاروا أشلاء.

فأي وقاحة عربية هذه؟!

(3)

في العراق وسوريا وليبيا واليمن الآف من البشر الذي يموتون كل يوم نتيجة سوء المعيشة والاقتتال الداخلي ولأسباب أخرى، فتوصد أبواب الدول العربية أمامهم، ويتعامل بعض (القوميين) العرب مع هؤلاء (الإخوة) باستعلاء واحتقار شديدين، فيضطر من لديه وسيلة إلى الفرار لدول غربية، ليخدموا في تلك الدول التي تستقطب العمالة الماهرة من أطباء ومهندسين وعباقرة وتوفر لهم كل متطلباتهم التي تليق بمثلهم، وهي أمور لا تلتفت إليها دول النفط التي تشترط (الكفيل)، والتي بنت ناطحات السحاب، وأهملت الإنسان، واعتمدت على الأجنبي ونسيت أنّ لديها مخزونًا هائلا من العقول العربية العبقرية التي يمكن أن تستفيد منها، وتؤسس بها حضارة جديدة، ترفع من شأنها بين الدول الأخرى. ولكن هذا لم يحدث، لأننا دول اعتادت أن ترمي بأبنائها إلى الشوارع، وتتهرب من مسؤولياتها تجاههم، وتمنح الدول المتقدمة أمهر أبنائها ليبنوا بعلمهم حضارة الغرب العظيمة، بينما تكتفي دولنا (المتواضعة) بوضع القيود الغليظة على هجرة العقول العربية الماهرة إليها. ونسينا أنّ (الأقربين أولى بالمعروف).

فأي وقاحة عربية هذه؟!!

Samawat2004@live.com

تعليق عبر الفيس بوك