دراسة بحثية تدعو لتفعيل إستراتيجية الابتكار المفتوح لدعم التقنية الحيوية البحرية بالسلطنة

الرؤية - خالد الخوالدي

دعت دراسة بحثية قدمتها كوثر بنت إبراهيم البلوشية من كلية العلوم البحرية والتقنية بجامعة نيوكاسل البريطانية، إلى زيادة الاستثمار في الأبحاث المتقدمة في العلوم الحيوية والاستثمار الموجه لزيادة استخدام إستراتيجية الابتكار المفتوح لتطوير القطاع والذي سيساهم بدوره في تحسين النمو الاقتصادي نحو التنمية المستدامة.

وأشارت الدراسة إلى عدد من المقارنات مع تجربة مملكة النرويج في مجال تطوير قطاع التقنية الحيوية البحرية، التي تعتبر من الدول التي كانت تعتمد على قطاع النفط والغاز كمصدر رئيسي للاقتصاد والتي أصبحت الآن دولة نفطية ذات اقتصاد متنوع. وتتشابه مملكة النرويج مع سلطنة عمان في أنها تمتلك تاريخًا ممتدًا في مجال صيد الأسماك وذلك بسبب امتلاكها لسواحل طويلة. وفي السنوات الأخيرة قامت النرويج بالاستثمار المكثف في قطاع التقنية الحيوية البحرية وقطاع الاستزراع السمكي وهناك العديد من الأمثلة عن شركات الأسماك التي تطورت إلى شركات في التقنية الحيوية البحرية.

وقالت الباحثة إن الابتكار المفتوح يشجع على التشارك في المخاطر، ويقلل الزمن اللازم لوصول المنتج إلى السوق ويعتبر من التوجهات الرئيسية في معظم القطاعات المتقدمة مثل التقنية الحيوية وبالرغم من وجود الأبحاث المكثفة حول هذا التوجه في اقتصاديات الدول الغربية إلا أن عدد الدراسات حول هذا التوجه يعتبر محدودا جدا في العالم العربي، ولا توجد أية دراسة مسبقة في إمكانية هذا التوجه لتطوير قطاع التقنية الحيوية البحرية سابقا.

وأوضحت أن التقنية الحيوية بأشكالها التقليدية كمصانع الأسماك والأغذية البحرية قد تأسست ووجدت في السلطنة ولكن في وجود الدعم والبيئة الملائمة لتطبيق إستراتيجية الابتكار المفتوح فانه من المتوقع نمو وتطور التقنيات الأكثر تقدمًا في القطاع، مؤكدة أن صيد الأسماك يعتبر قطاعًا مهمًا لتوظيف العمانيين حيث يبلغ عدد العمانيين العاملين في مهنة صيد الأسماك 45 ألف عماني، وحوالي 12 ألف عماني يعمل في الصناعات المساندة مثل: التسويق والنقل وغيرها من الخدمات، وقد ساهم العمانيون منذ القدم في الملاحة البحرية حيث وصلت تجارتهم لأفريقيا والهند وغيرها من دول المشرق العربي.
وقالت الباحثة إن استغلال الموارد الحيوية البحرية بمصادرها المختلفة كالطحالب والأسماك والكائنات البحرية الدقيقة كالبكتيريا وغيرها لتطوير منتجات ومواد متقدمة في مختلف الصناعات كالصناعات الطبية، والغذائية والزراعية قد يشكل رافدًا قويًا لدعم ركائز التنوع الاقتصاد العماني اذا ما تم توفير المناخ الملائم لاستراتيجية الابتكار المفتوح في هذا القطاع، وهو ما خلصت له دراسة حديثة تمثل حجر الأساس في هذا المجال بجامعة نيوكاسل بالمملكة المتحدة.

وأشارت الدراسة إلى أن السلطنة حباها الله بسواحل ممتدة يصل طولها إلى 3000 كم، تعتبر بيئة خصبة للموارد الحيوية البحرية مع وجود العديد من الأحياء ذات التنوع البيولوجي الفريد، والتي لم يتم استكشافها أو دراسة إمكانية استخدامها لأغراض التقنية الحيوية إلى الآن، وفي دراسة تعتبر الأولى من نوعها على الإطلاق في استخدام استراتيجية الابتكار المفتوح في قطاع التقنية الحيوية البحرية وجد الباحثون أنه وبالرغم من التنوع البيولوجي في الموارد الحيوية البحرية في سلطنة عمان إلا أن معظم شركات الأسماك والموارد الحيوية البحرية الأخرى تعتمد في مصادرها المعرفية على التعاون مع الشركاء في الجانب التسويقي (كالمستهلكين والموردين والمنافسين) أكثر من تعاونها مع المؤسسات الرائدة في البحوث كالجامعات والمؤسسات البحثية الأخرى، مؤكدة أن مساهمة قطاع النفط والغاز يصل إلى حوالي 85% من إيرادات الحكومة ومع التوقعات مستقبلا بانخفاض مساهمة هذا القطاع. وبدأت الحكومة بالنظر إلى القطاعات المختلفة بغرض التنويع الاقتصادي لدعم النمو الاقتصادي وتحسين الأمن الغذائي وتم تحديد قطاع التقنية الحيوية البحرية كأحد القطاعات الاستراتيجية المهمة مستقبلاً.

وتبحث الدراسة التي نشرت مؤخرًا في مجلة السياسات البحرية حول كيفية استخدام استراتيجية الابتكار المفتوح لزيادة نمو التنافسية والتنويع لقطاع التقنية الحيوية البحرية في السلطنة، ولقد اختتم الباحثون دراستهم بتوصيات حول أهمية وجود روابط وعلاقات مفتوحه ومتزنه في التعاون ما بين الشركات في هذا القطاع والمؤسسات البحثية كالجامعات وذلك بهدف اكتساب المعرفة اللازمة للنمو والابتكار. كما اقترحت الدراسة زيادة الاستثمار في الأبحاث المتقدمة في العلوم الحيوية والاستثمار الموجه لزيادة استخدام استراتيجية الابتكار المفتوح لتطوير هذا القطاع والذي سيساهم بدوره في تحسين النمو الأقصادي نحو التنمية المستدامة.

وقال البروفيسور جرانت برجيز - بروفيسور في التقنية الحيوية البحرية بجامعة نيوكاسل والقائد للفريق البحثي في المشروع إن قطاع التقنية الحيوية البحرية الذي تطور في فترة زمنية سريعه يعد أحد أهم مجالات قطاع التقنية الحيوية عالميا". وقد أضاف: تتزايد أهمية الجامعات في سلطنة عمان كقاعده علميه أساسيه لتطوير قطاع التقنية الحيوية البحرية، ففي بعض التطورات الأخيرة مثل الأبحاث والدراسات التي تقوم بها جامعة نزوى على سبيل المثال حول إمكانية استخدام المواد المستخلصة من الطحالب والعوالق البحرية للأغراض الطبية هي أحد الأدلة على أن البنية الأساسية والخبرات البحثية العمانية في مجال التقنية الحيوية البحرية في تقدم ونمو، وبالرغم من وجود هذه القدرات البحثية إلا أن هناك حاجة ملحة للتعاون الأوسع ما بين شركات القطاع الخاص والباحثون للعمل نحو تطوير هذا القطاع والذي أيضا سيؤدي لتحسين مؤشرات الابتكار في السلطنة.

وقال سعادة الدكتور حمد بن سعيد العوفي وكيل وزارة الزراعة والثروة السمكية للثروة السمكية إن القطاع البحري من القطاعات المهمة لاقتصادنا وثقافتنا وبالتالي بالفعل يتم التركيز عليه لغرض زيادة التنمية المعرفية، وقد يساعد ظهور بعض الشركات في مجال التقنية الحيوية البحرية في السلطنة النمو الاقتصادي.

تعليق عبر الفيس بوك