ندوة "أفهم حقي" توصي بتكييـف المناهج الدراسية الخاصة لتناسب طبيعة إعاقة الصم

توصيات بتطوير برامج التأهيل المهني لذوي الإعاقة السمعية وضمان توظيفهم بعد التدريب

تضمين لغة الإشارة في مناهج الدراسة كمادة اختيارية للراغبين في اكتساب اللغة

العمل على رفع نسبة توظيف ذوي الإعاقة لدى الخدمة المدنية بما لا يقل عن 15%

زيادة دعم الجهات الحكومية والقطاع الخاص للمراكز والأندية العاملة في مجال الصم

متابعة تقييم لجنة الرصد لحقوق ذوي الإعاقة في السلطنة وعرض نتائج عملها على المجتمع

البريمي - سيف المعمري

أوصت ندوة "أفهم حقي" التي نظمها نادي الصم بمحافظة البريمي بضرورة العمل على إقرار حقوق الصم التي كفلتها القوانين المحلية وتفعيل بنود الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وأكدت الندوة على ضرورة تكييـف المناهج الدراسية الخاصة بالصم بحيث تنسجم مع طبيعة إعاقتهم، وتوفير البرامج العلمية والأكاديمية المتخصصة للصم في الجامعات والكليات المحلية على مستوى السلطنة، وتفعيل دور وسائل الإعلام المختلفة في رفع الوعي المجتمعي تجاه قضايا الصم وضرورة مشاركتهم في جميع مسارات التنمية، وتوظيف لغة الإشارة المحلية واستخدامها في جميع الجهات الرسمية والخدمية بالسلطنة، وتطوير برامج التأهيل المهني لذوي الإعاقة السمعية من خلال مراكز التدريب المهني المنشرة في السلطنة وضمان توظيفهم بعد التدريب، وتضمين لغة الإشارة في مناهج الدراسة كمادة اختيارية للراغبين في اكتساب اللغة، لإعداد جيل قادر على التواصل مع الأصم ويحقق عملية الدمج المجتمعي.

واختتمت الندوة بالتوصية برفع نسبة توظيف ذوي الإعاقة لدى الخدمة المدنية بحيث لا تقل عن 15% من إجمالي عدد الوظائف المتاحة للعمانيين، ودعوة القطاع العسكري إلى تحمل المسؤولية الوطنية تجاه المعاقين لتوظيفهم في وظائف مدنية بحيث تتناسب مع طبيعة إعاقته، ودعم الجهات الحكومية والقطاع الخاص للمراكز والأندية العاملة في مجال الصم وتقديم كافة التسهيلات لتحقيق أهدافها المنشودة، ورفع كفاءة العاملين في مجال ذوي الإعاقة السمعية وإلحاقهم بدورات تخصصية ومشاركتهم في المؤتمرات والندوات المحلية والدولية، بالإضافة إلى متابعة تقييم لجنة الرصد لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في السلطنة وعرض نتائج عملها أمام المجتمع.

وأقيمت الندوة تزامنا مع احتفالات النادي بأسبوع الأصم العربي الأربعين الذي يأتي هذا العام تحت شعار "تعزيز حقوق الصم في المجتمع من خلال متابعة تطبيق اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة "تحت رعاية سعادة الدكتور خالد بن محمد السعيدي أمين عام مجلس الدولة، وبحضور سعادة السيد إبراهيم بن سعيد بن إبراهيم البوسعيدي محافظ البريمي وأصحاب السعادة الولاة وأعضاء مجلس الدولة وأصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى وأعضاء المجلس البلدي ومديري العموم والدوائر بالمؤسسات الحكومية والخاصة والأهلية بمسرح المديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة البريمي.

وتضمن برنامج الندوة عزف السلام السلطاني بلغة الإشارة قدمه أعضاء نادي الصم بمحافظة البريمي ومن ثم كلمة النادي وقدمتها خديجة بنت عبد الله البلوشية رئيسة مجلس إدارة نادي الصم بمحافظة البريمي، ودعا عريف الندوة الإعلامي خلفان بن سليمان العاصمي مقدمي أوراق العمل لأخذ أماكنهم في مسرح تعليمية محافظة البريمي وهم نخبة من المهتمين والمختصين في المجالين القانوني والاجتمـاعي.

وحملت ورقة العمل الأولى عنوان: حقوق ذوي الإعاقة في الاتفاقيات الدولية والقوانين المحلية لسلطنة عُمان وقدمتها سعاد بنت حمود الصوافية معلمة تربية إسلامية بمعهد عمر بن الخطاب للمكفوفين والورقة الثانية بعنوان: الحماية القانونية لحقـوق الصم قدمها فضيلة الشيخ الدكتور سعيد بن مصبح الغريبي رئيس المحكمة الإبتدائية بالبريمي والورقة الثالثة بعنوان: لغة الإشارة حق من حقوق الأشخاص الصم وقدمها بـدر بن عبد المحسن العمري مدير إدارة سياسات توظيف ذوي الإعاقة بوزارة العمل بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، وحملت الورقة الرابعة عنوان: حق الصم في العمل وقدمها الدكتور أحمد محمد الفواعير أستاذ مساعد بقسم التربية والدراسات الإنسانية بجامعة نزوى.

وحول حقوق الصم في التعليم، قالت خديجة بنت عبد الله البلوشية رئيسة نادي الصم بمحافظة البريمي إن الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة حددت بوضوح التعليم كأحد المجالات ذات الأولوية، فالتعليم هو حق لجميع الناس دون تمييز وعلى قدم المساواة، والتعليم هو الأداة التي يمكن من خلالها الأشخاص الصم أن يصلوا إلى تحقيق ذاتهم. وتنمية مواهبهم الشخصية وتمكينهم من المشاركة الكاملة في المجتمع حيث تتضمن المادة 24 من الاتفاقية الدوليةـ التعليم: تسلم الدول الأطراف حق الأشخاص المعوقين في التعليم، ولإعمال هذا الحق دون تمييز وعلى أساس تكافؤ الفرص، تكفل الدول الأطراف نظاماً تعليمياً جامعاً على جميع المستويات، وتحقيقا لهذه الغاية تتخذ الدول الأطراف التدابير المناسبة ومن ضمنها: تيسير تعلم لغة الإشارة وتشجيع الهوية اللغوية لفئة الصم، وكفالة توفير التعليم للمكفوفين والصم، والصم المكفوفين وخاصة الأطفال منهم، بأنسب اللغات وطرق ووسائل الاتصال للأشخاص المعنيين في بيئات تسمح بتحقيق أقصى قـدر من النمو الأكاديمي والاجتماعي، وضماناً لإعمال هذا الحق تتخذ الدول الأطراف التدابير المناسبة لتوظيف مدرسين بمن فيهم أشخاص معوقين يتقنون لغة الإشارة وطريقة برايل، كما تكفل الدول الأطراف إمكانية حصول المعوقين على التعليم العالي والتدريب المهني وتعليم الكبار والتعليم مدى الحياة، دون تمييز وعلى قدم المساواة.

وأوضحت رئيسة نادي الصم بمحافظة البريمي أن أبرز تحديات التعليم للصم تتمثل في عـدم وجود منهج مستقل يتم تهيئته بطريقة تتناسب مع طبيعة إعاقة الأصم؟ من الناحية النفسية والفكرية للأصم، حيث إن واقع التعليم اليوم لدى الصم يعتمد على المنهج الموحد الذي لا يراعي الفروقات النمطية والقدرات الفكرية بين الطلاب الأسوياء والطلاب الصم، فيجد الأصم صعوبة في فهم وفك رموز ومصطلحات لغوية ونظرية لم تصل إلى مفهومه، مما يؤثر على تحصيله الدراسي وثقافته العامة، كما أن ضعف قدرات بعض المعلمين في لغة الإشارة وعـدم سعيهم إلى تطوير مهاراتهم في التواصل مع الأصم ينعكس على إيصال المعلومة للأصم بصعوبة بالغة، وعدم تسخير التقنيات الحديثة ووسائل الاتصال المتطورة في العملية التعليمية لبناء ثقافة الأصم عبر عدة محاور: منها النظري والعملي.

وتحدث محمد بن نجيم البادي عضو مجلس إدارة نادي الصم عن دور الإعلام في خدمة قضايا الصم بقوله إن الإعلام يلعب دوراً هاماً في نقل الأحداث إلى المجتمع، وهو وسيلة اتصال هامة تعتمد على التقنيات الحديثة وتصل إلى مختلف شرائح المجتمع، ولقد كان الإعلام التقليدي (الصحافةـ والتلفزيون الإذاعة) أبرز وسائل التواصل منذ زمن ليس ببعيد، أما الآن فظهرت وسائل اتصال حديثة ذات تقنيات متطورة تسمح بالتواصل مع العالم الخارجي في أي مكان وأي وقت، مما مهد لظهور جيل جديد من الاتصالات بين الأفراد ممثلا في وسائل التواصل الاجتماعي.

وأضاف محمد بن نجيم البادي أن العديد من المبادرات المتميزة بدأت تظهر في بعض محطات التلفزيون المحلية والخليجية وذلك بتوفير مترجم بلغة الإشارة أسفل الشاشة في البرامج ونشرات الأخبار وغيرها الكثير، لينقل معنى ما يتحدث عنه المذيع مع ضيوفه إلى شريحة كبيرة من الصم. وهذه خطوة متقدمة جداً تساهم في الارتقاء بالأصم وبلغة الإشارة، أما الإذاعة فهي صوت لا يسمعه الأصم ولا يمكن أن يتفاعل معه، لوجود حواجز تمنع المستقبل من تلقي الإرسال، ومجتمع الصم لا يتعامل مع هذه الخدمة مطلقاً، نظراً لطبيعة الإعاقة السمعية، أما وسائل التواصل الاجتماعي فلها تأثير قوي على التواصل بين الصم ومجتمعهم وذلك بالمشاركة معهم في مختلف مناسباتهم ومستوياتهم الثقافية والاجتماعية مما ساهم في إزالة الحواجز وسرعة النشر، فيستطيع الأصم من خلالها التعبير عن مكنوناته الاجتماعية والنفسية والاقتصادية، وتعتبر النافذة الأفضل التي يطل عليها الأصم على العالم الخارجي، كما ساعدت في تكوين شبكة من الأصدقاء حول العالم في مجموعات تنشأ لهدف معين يكون لأعضائها نفس الاهتمامات.

وقال أحمد بن حمد البلوشي عن حـق الصم في العمل إن سياسات الدول المتعلقة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة تشهد تحولاً في الاتجاه الذي تتبناه من كونه اتجاها ذا طابع رعائي خيري إلى اتجاه ذي طابع حقوقي يسعى إلى تبني الممارسات الشاملة التي من شأنها تعزيز إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة في مناحي الحياة، كما يعتبر العمل من الحقوق الأساسية العالمية المكفولة في المواثيق والإعلانات الدولية لحقوق الإنسان، فكما جاء في نص المادة رقم 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان "كل شخص له الحق في العمل له الحرية في اختيار الشغل الملائم وفي العمل في ظروف عادلة ومفضلة وكذلك في الحماية من البطالة".

وأكد أنّ العهد الدولي في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية كفل حق كل شخص في العمل حيث إن حق العمل في المادة (6) يشمل حق كل شخص في الحصول على فرصته في العمل الذي يختاره ويقبله، وقد أكدت المادة (27) من الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على كفالة هذا الحق للأشخاص المعاقين بمن فيهم ذوي الإعاقة السمعية وكفالة كافة الحقوق والحريات الأساسية بما فيها الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية، على قدم المساواة مع الآخرين من أقرانهم غير المعاقين دون تمييز على أساس الإعاقة أو الجنس أو اللون أو غيرها.

وأشار البلوشي إلى أن نسبة توظيف المعاقين لدى وحدات الجهاز الحكـومي في السلطنة تقدر بنحو 2 % من إجمالي عدد الوظائف المطروحة في الإعلانات السنوية. وهي نسبة مجحفة وغير منصفة بحق هذه الفئة. إذ إنّ عـدد المعاقين سنوياً في نمو مستمر، وفرص التعليم والتدريب تخرج سنويا أعـدادا من المعاقين الباحثين عن عمل، وهذه النسبة لا تغطي استيعاب ربـع الباحثين عن عمل من الصم في القطاع الحكومي، وبالنظر إلى نسبة توظيف المعاقين في السلطنة والمقدرة بـ 2%، فإنّ هذه النسبة تشمل جميع الإعاقات الحركية والسمعية والبصرية منها، وعند الإعلان عن وظائف الخدمة المدنية في جميع المحافظات وولايات السلطنة.

تعليق عبر الفيس بوك