مبادرة لتطوير ورفع كفاءة فلج الغدير بإزكي واستغلال موارده في مشروعات استثمارية

الفهدي: واجهنا صعوبة بالغة في البداية لإقناع الأهالي بأهميّة تغيير نظام الري

المشروع ساهم في تسهيل حساب حصص الأهالي وتسجيل المياه بصكوك شرعية

تنسيق مستمر بين والي إزكي والبلدية ومديريات الأوقاف والبلديات والزراعة والإسكان

إزكي - ناصر الفهدي

يسعى سليمان بن سالم الفهدي وكيل فلج الغدير بإزكي إلى استكمال مشروع لرفع كفاءة وفعالية منظومة العمل الاجتماعي الخاص بالفلج، وتحقيق تغيير جذري في مستوى الدخل المادي المتواضع ليتسنى تقديم خدمات أفضل لسكان القرية وإنشاء مشاريع استثمارية ذات عائد مادي مناسب. وقال الفهدي إنّ المشروع يهدف إلى تنسيق كافة جهود أهالي البلد والجهات ذات العلاقة بالعمل البلدي والتطوعي وغيرها إلى جانب التخطيط الاستراتيجي طويل المدى لتحسين وتطوير منظومة العمل الاجتماعي الخاص بفلج القرية وكذلك إدارة التغيير الجذري المتوقع في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية وتجويد إدارة شؤون الفلج الإدارية والمالية، فضلا عن العودة إلى الأصالة في طرق شق وصيانة الأفلاج العمانية وإيجاد أنموذج استثماري وقفي للفلج، وبذلك يتم ربط الأجيال الجديدة بالموروث الشعبي والحضاري من خلال تشجيعهم على الإسهام في تحقيق أهداف وغايات المشروع.

وأوضح الفهدي أنّه من أجل تنفيذ المشروع التطوعي لتطوير الفلج، شكلت فرق عمل تجمع أعضاء من فئات عمرية متنوعة، إلى جانب توظيف العوامل الداخلية من نقاط قوة تسهم في تعزيز الموارد المالية للفلج ومعالجة نقاط الضعف لتسهم في نجاح المشروع والاستفادة من القوانين والتشريعات ذات العلاقة بنظام الأفلاج والأوقاف في خدمة أهداف المشروع والتخلص من التهديدات التي قد تعرقل نجاح المشروع والعمل والإنجاز بروح الفريق الواحد في القرية من خلال تحسين العلاقات الإنسانية فيما بين الأفراد والمؤسسات.

مصادر تمويل متنوعة

وأكد الفهدي أنه يسعى إلى نشر فكرة المشروع من خلال بعض اللقاءات الودية والاجتماعات المستمرة مع أهالي القرية وتوظيف العلم والمعرفة في مراحل التخطيط والتنفيذ والإدارة والتقويم المستمر للأعمال والإنجازات والتنويع في طرق حل المشكلات والتحديات التي تواجه عمليات التنفيذ والإنجاز والبحث عن التمويل والدعم المادي من داخل السلطنة وخارجها كبنك التنمية الإسلامي في جدة.

وحول الجهات التي تسانده ولها دور هام في تنفيذ المشروع، قال الفهدي إن في مقدمة من عاونوه شباب البلد والأعيان والمشايخ وهم أعضاء لجنة التطوير الأهلية، إلى جانب مكتب والي إزكي، بلدية إزكي، الكاتب بالعدل بإزكي، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه، وزارة الزراعة والثروة السمكية ووزارة الإسكان.

وعن الصعوبات التي تواجهه أثناء تنفيذ المشروع، قال الفهدي إنّ أولى الصعوبات كانت كيفية إقناع أهالي البلد بكتابة الصكوك الشرعية لإثبات تملك حصصهم بالفلج حسب دورانه المعتاد والرغبة في استخدام الحصى (الصلف) عند صيانة سواقي الفلج أي المواد الطبيعية وأن يكون للفلج وقف خاص به على أن يتم ترسيمه وإصدار إثبات تملك لذلك الوقف. مضيفا أنّه فشل عدة مرات في إقناع الأهالي بمشاريع التغيير الخاصة بالفلج في ظل وجود حيازات لدى بعض الأهالي لبعض الأراضي الوقفية للفلج حيث لمس الفهدي تذمرا من البعض.

وأضاف الفهدي أنّ من أهم الصعوبات ضعف الصلاحيات الممنوحة له من قبل الأهالي في بداية المشروع، مما أدى إلى إحداث بلبلة وقلل من فرص الاستقرار في الأداء وتحقيق الأهداف وأربك العلاقات الشخصية مع بعض الأهالي. لافتا إلى تأثير ضعف الأنظمة واللوائح الإدارية والمالية المنظمة للعمليات والإجراءات المتبعة والاعتماد على بعض الأعراف التي تحتاج إلى التطوير والتحسين والتجويد حيث إن كثيرا من كبار السن لم يدعموا أي تغيير في البداية.

صعوبات متنوعة

وأشار الفهدي إلى أنّ الصعوبات شملت المؤسسات ذات الشأن أيضا، في ظل مركزية اتخاذ القرار في كثير من المؤسسات ذات العلاقة بصيانة الأفلاج وشق القنوات الجديدة، لافتا إلى ارتباط طلبات شق القنوات وصيانة سواقي الفلج أو الشروع في حفر الآبار المساعدة بعدة جهات رسمية وهو ما ساهم في التأخير في استصدار التصاريح المطلوبة رغم أنّ الكثير منها يكون عاجلا، إلى جانب تعدد الإجراءات مع الجهات الرسميّة عند الشروع في طلبات إصدار تملك أراضي ليتم وقفها لصالح الفلج كما أنّ إسهام المؤسسات ذات العلاقة بالأفلاج والأوقاف المرتبطة بها يتم وفق قنوات كثيرة، وتحتاج إلى جهد ووقت ومال فضلا عن صعوبة إقناع الإدارات الوسطى في المؤسسات.

وقال سليمان الفهدي إنّه تمكن من التغلب على هذه الصعوبات التي واجهته من خلال مشاورة أهالي البلد وموافقة مجموعة منهم بطريقة فردية والاجتماع بالأهالي ملاك الفلج ومناقشة الموضوع معهم كما التقى معالي سعادة والي الولاية لاستدعاء الآخرين وإقناعهم بأهمية تغيير نظام الري وكللت الأمور بالنجاح ومازال العمل قائما في كتابة الصكوك الشرعية لإثبات تملك حصص الأهالي بالفلج.

وأكّد الفهدي إنجاز صيانة (250م) باستخدام الطريقة التقليدية القديمة (الحصى والصلف) بمبلغ (37000ر.ع) على حساب وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه، وتمّ الانتهاء من إصدار سندات تملك لأراض وقفية للفلج بإجمالي ( 147000متر مربع) في مناطق حيوية مقابل صناعية الولاية وأخرى في السوق التجاري بقلعة العوامر بإزكي. وتم حفر ثلاث آبار إرتوازية أحدها على حساب الأهالي، ويجري حاليًا حفر بئر رابعة مفتوحة على نفقة الأهالي وجار الانتهاء من بناء معرض تجاري بمساحة (725) بالمنطقة التجارية بالبلد.

نتائج إيجابية

ومن بين النتائج الإيجابية للمشروع قال الفهدي إنّ المشروع ساهم في تغيير التوقيت الثابت ووسيلته وسهّل على الناس إدارة وحساب حصصهم من ماء الفلج وتمّ تسجيل المياه في صكوك شرعية مما سهل عل الأهالي تقاسم الإرث من الفلج والبيع والشراء في الحصص المائية الخاصة بهم وتمسّك الأهالي بما يكون من أنصبتهم في مياه الفلج لزيادة سعر وأثر الماء بسبب تسجيل أوقاف ذات قيمة اقتصادية عالية يستشرف بها مستقبل مالي أفضل للفلج كما تمّ تغيير الكثير من الاتجاهات والسلوكيات للكثير من الأهالي والتي كانت ناتجة إمّا عن تجاهل أو ضعف في قراءة المستقبل والتنبؤ به مما أدى إلى أنّ أغلبية الأهالي أصبحوا على قناعة بأنّ التوسّع في استثمار الوقف الخاص بالفلج يعطي نتائج إيجابية على المدى البعيد.

وأضاف أنّ المشروع خلق بعض فرص العمل المؤقتة والمجزية للأفراد أو المؤسسات الخاصة وكذلك استفادت شريحة من الأهالي بشراء الأراضي السكنية القريبة من القرية لتستفيد من إمكانية الاستثمار في الأراضي التجارية فضلا عن حماية مساحات كبيرة من الأراضي الوقفية من محاولة تملكها من بعض أفراد المجتمع بتخليصها منهم من خلال المؤسسات المختصة بذلك، وتخفيف الأعباء المالية على المؤسسات المختصة بالصرف والعناية بالأفلاج بسبب وجود سيولة مالية تساعد أهالي البلد على الإنفاق في صيانة الفلج وشق بعض القنوات وحفر الآبار وخلافه، وإيجاد نوع فريد من العلاقة بين المجتمع ومؤسساته المرتبطة بالمشروع لإيمان الطرفين بأهمية الأفكار والخطوات الإيجابية التي تسهم في تحقيق الأهداف والغايات المنشودة من المشروع.

أدلة وبراهين وأرقام

وأكد سليمان الفهدي على وجود الكثير من الأدلة التي تبرهن على تنفيذ العديد من المشاريع التنموية والتطويرية للفلج وأهمها: إنشاء قناة داخلية للفلج بطول (132م) بتكلفة إجمالية (3453 ر.ع) على نفقة الفلج وإنشاء وتعمير بعض سواعد الفلج بأطوال (250م) مائتين وخمسين مترًا وبتكلفة إجمالية بلغت (37000 ر.ع) سبعة وثلاثين ألفا على حساب وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه واستخراج سندات تملك للأراضي الوقفية للفلج بقيمة إجمالية بلغت (1352 ر.ع ) ألفا وثلاثمائة واثنين وخمسين ريالا عمانيا على نفقة الفلج بالإضافة إلى أنه تم حفر بئر على هيئة ثقب (رج). بقيمة إجمالية بلغت (4650 ر.ع) أربعة آلاف وستمائة وخمسين ريالا عمانيا، وأضاف أنه تمّ بيع قطع أراض سكنيّة عددها عشر قطع بمبلغ إجمالي وقدره (85000 ر.ع) خمسة وثمانون ألف ريال عماني لا غير، وتشييد معرض تجاري بذلك المبلغ. وأخيرا القيمة الإجمالية التقريبية لما تحقق من إنجاز في المجال الوقفي للفلج من مقدرات يتجاوز مليوني ريال عماني خلال الفترة من عام 2006 إلى 2014م على أمل أن تتعاظم تلك القيمة في السنوات القريبة المقبلة.

ومن جانب الأهالي، قال محسن العامري إن المشروع يخدم فئة كبيرة من سكان القرية ويرتقي بالمستوى المعيشي إلى أبعد درجة والعمل الذي قام به وكيل الفلج يُشكر عليه. وقال سعدالله الفهدي إنّ عددا كبيرا من الأهالي استفاد من المشروع ومنهم المزارعون حيث تمّ تمهيد المسار الذي يسير به الفلج ليوفر الكثير من الجهود التي يبذلها المزارعون في استخدام الفلج يوميًا مؤكدا أنّ المشاريع الجديدة ستسهم في مزيد من الحراك الاقتصادي بالقرية وتساعد على تطوير المستوى المعيشي في البلدة. وقال عبدالله الفهدي إنّ المشروع إحدى وسائل التقريب بين مختلف الفئات في القرية وساهم في تقوية العلاقات الاجتماعية.

تعليق عبر الفيس بوك