صباح الخير وجمعة مباركة


خالد الخوالدي


Khalid1330@hotmail.com

أن تكتب عنوان مقالك (جمعة مباركة) وفي يوم الثلاثاء؛ فهذا أمر عجيب ومستغرب، وقد يقال عنك أنك فاصل، ولكن في زمن الواتساب ووسائل التواصل الاجتماعي الحالية فالأمر طبيعي جدا حيث تصلك بعض الأحيان صباح الخير وأنت على وشك النوم مساءً والعكس صحيح وهكذا دواليك حيث لم نستطع أن نفرق بين الليل والنهار.

أن يرسل لك جمعة مباركة في يوم الأحد أو الإثنين أو الثلاثاء أو في باقي أيام الأسبوع فليس مستغربًا حيث تسبق جملة جمعة مباركة في بعض الأحيان أية قرآنية أو حديث شريف أو حكمة أو أقوال خالدة أو عبارة مؤثرة أو كلام فاضي ونتيجة الرغبة الجامحة عند البعض في إعادة الإرسال والقص واللصق والتواصل المجاني يتم الإرسال بدون حذف (جمعة مباركة).

إنّ عالم هذه الوسائل خاصة الواتساب قد أخذ كثيرا من عقولنا وأوقاتنا، وبه من العجائب ما تشيب منها الرؤوس وما يجعلك تبتسم وتضحك وتدمع عيناك وتتحسر، وقد نتضايق ونضايق غيرنا بسبب رسالة ظاهرها فيه الخير كما يحدث عند البعض حيث وقّت هاتفه ونفسه وجهّز مجموعاته لإرسال صباح الخير ومساء الورد كل يوم حتى لم يصبح لدى الطرف الآخر رغبة في قراءة ما هو مكتوب في الرسالة المذيّلة بصباح ومساء الخير أو جمعة سعيدة ومباركة، ويقوم بحذفها بدون قراءتها وهو في ذلك معذور؛ حيث انتفت عملية التشويق والإثارة والرغبة والمعرفة في مضمون هذه الرسالة لتكرارها يوميًا، والمضحك أنّ أحدهم تعوّد أن يرسل صباح الخير لمجموعة هاتفه وممن تصله الرسالة زميله الذي يجلس بجانبه في سيارة النقل التي تقلهما إلى الدوام حيث تصل الرسالة بعد دقائق من السلام وأخذ العلوم والأخبار والمصافحة بالأيدي لينظر مستقبل الرسالة إلى المرسل بابتسامة ويرد عليه صباح الدوام.

وعلى ذكر جمعة مباركة أتذكر قصة أحدهم والذي أراد رقم مسؤول في الدولة فقال له المسؤول مازحًا سوف أعطيك كل أرقام هواتفي بس بشرط واحد ما ترسل لي جمعة مباركة، وهذا يدل على أنّ الناس تشبّعت من إرسال مثل هذه الرسائل التي بعضها لا يحمل أي معنى وأي قيمة مضافة للمستقبل سوى تضييع الوقت في قراءة مئات من الرسائل المكررة أسبوعيًا والبعض حفظها عن ظهر قلب والبعض الآخر بها أحاديث نبوية غير صحيحة أو ضعيفة وتضييع الوقت في الرد على هذه الرسائل أو حذفها. ولتسمحوا لي أعزائي القراء في هذا الكلام الذي قد لا يعجب البعض إلا أنّها حقيقة مرة في أننا نضيّع كثيرا من الوقت في أمور غير مجدية في وسائل التواصل الاجتماعي خاصة الواتساب وبالخصوص في ما يتعلّق بالمجموعات أو (الجروبات) والتي يدخلها الشخص في بعض الأحيان مجاملة أو لضرورة وقتية ما تلبث أن تستمر أو لضرورة مهمة وهي قليلة ومع إيماني بدور بعضها في سهولة التواصل وانتشار المعلومة إلا أنّ بعضها يقتلك ويقتل وقتك وفائدتها قليلة أو معدومة وبعض أصحابها فاصلين مثل صاحبنا الذي يرسل جمعة مباركة في يوم الإثنين أو مساء الفل في أول الصباح.

ولا استغرب إذا فصل منا الكثير بسبب الطفرة الكبيرة في الإرسال والاستقبال التي تجعل العقل يدور دورانا غير طبيعي في مئات الاتجاهات مما جعلنا لا نستطيع أن نمسك بتلابيب معلومة صحيحة ومفيدة وغير مختومة (بكلام واتساب) وما يزيد الطين بله عشرات المجموعات التي تطرح الغث والسمين بدون تمحيص ولا تفكير والتركيز على قضايا خارج إطار اهتمامات ابن البلد وخير مثال دخولي مجموعة من المجموعات التي بها عقول كبيرة ومتفتحة ومثقفة وذات خلق رفيع وعلى قدر عال من العلم إلا أنّهم ومنذ دخلت معهم وأنا أكمل قريب العام وهم يناقشون قضيّة مرسي والسيسي وإيران والعراق وسوريا وليبيا ومع أننا قلبا وقالبا مع ما يتعرض له إخواننا في الدول العربية إلا أن هذا لا يبرر أن نناقش هذه القضايا بتفاصيلها وتدخلنا في خصومات ونقاشات لا تضرنا ولا تنفعنا في شيء وأرجو ألا يزعلوا عليّ بأن أضرب بهم المثل حيث أكن لهم كل الحب والتقدير والاحترام، فقط أردت أن أوضح أن أوقاتنا أغلى من أن تهدر فيما لا يعود علينا بالنفع وأن هذه الوسائل جُعلت لتقربنا أكثر وتفتح عقولنا بما يفيد ويزيد من محصلتنا العلمية والثقافية والفكرية والحوارية واحترام الآخر لا أن تصبح معول هدم وتفرقة بين الإخوة والأصدقاء والأحبة أو نصبح نبحث ونتحرى الرسائل المفيدة وسط أكوام كبيرة من المعلومات السلبية، وإنني أتمنى أن تستغل هذه الوسائل فيما يعود علينا بالخير والبركة والسعادة والمعلومة الصحيحة والمفيدة والحرص على تحري الدقة قدر الإمكان وجمعة مباركة لكم جميعًا في يوم الثلاثاء.. ودمتم ودامت عمان بخير.

تعليق عبر الفيس بوك