قرية هيتام البر في ولاية الدقم تعيش في الظلام مع غياب الكهرباء والمماطلة في توصيل التيار

 

 

الرؤية - يوسف البلوشي

 

 

يشكو أهالي قرية هيتام البر في ولاية الدقم من عدم وجود تيار كهربائي في منازلهم، حيث يعود بهم الحال إلى عصور الظلام قبل اختراع المصباح الكهربائي، وفي المقابل يقولون إنّ الجهات المعنية تماطل في توصيل التيار إلى منازلهم بحجة عدم تقديم صك ملكية المنازل التي يقطنون فيها، رغم أنهم يعيشون على هذه الحالة منذ سبعينيات القرن الماضي.

وعلى الرغم مما تتمتع به ولاية الدقم من العديد من المشاريع التنموية الحديثة والسياحية التي يقصدها الكثير من المستثمرين والتجار من مختلف دول العالم، إلا أن قرية هيتام البر لا تزال خارج الخريطة التطويرية للولاية.

ولا يختلف الحال في قرى أخرى مجاورة، تُعاني من نقص في الخدمات الأساسية كالكهرباء والسكن المناسب والطرق المعبدة وغيرها.

وقرية هيتام تتجزأ إلى هيتام البر والبحر؛ حيث يقطن في هذه القرية الوادعة الواقعة بين جبال وبحر العرب عدد كبير من المواطنين الذين يمتهنون صيد الأسماك ويعيشون على رعي الإبل والمواشي، ويبلغ تعدادهم نحو 5 آلاف نسمة، موزعين بين أحياء مختلفة، ومنهم من هو مقيم لا يستطيع الانتقال لارتباطه بالأرض والقرية، ومنهم من يتنقل بحثًا عن المراعي، ومن ثم يعود أدراجه بحثاً عن الكلأ لمواشيهم وإبلهم.

 

انقطاع الكهرباء

وقال حمود بن حميد بن سليم الجنيبي أحد سكان القرية إنّ الأهالي يطالبون بتوصيل الكهرباء منذ أكثر من 3 سنوات، لكن جهات الاختصاص تماطل في توضيح أسباب عدم تزويد القرية التي يسكنها قرابة 5 آلاف مواطن بالطاقة الكهربائية. وأضاف أنّه على الرغم من أن القرية يقصدها العديد من الزوار للتنزه والتعرف على مقوماتها السياحية والاستثمارية، إلا أنّ ما تعانيه القرية من تراجع في الخدمات يناقض ما سبق، ويبرز حجم المعاناة التي يتكبدها الأهالي نتيجة لعدم وجود الكهرباء.

وأضاف: "أبناؤنا الذين يدرسون في مدرسة قريبة من القرية يعودون إلى المنزل ظهراً، لكن مع دخول وقت الغروب لا يمكنهم استذكار دروسهم، وتنفيذ فروضهم الدراسية، وهذا غالباً ما كان سبب تراجع المنطقة نوعا ما في جانب التعليم، وكثير منهم لا يستطيع مواصلة دراسته تحت هذه الظروف". وأوضح أنّ الأسر تعول على الأبناء الصغار لاستكمال دراستهم، لكن في ظل ظروف مواتية توفر لهم الخدمات الأساسية وفي مقدمتها الكهرباء، التي باتت تمثل عصب الحياة، مشيرًا إلى أنّ الحكومة لم تألو جهدًا ولم تدخر وسعاً في توفير كل بنى التطور والنمو، لكنه تساءل عن أسباب مماطلة الجهات المعنية في توفير الكهرباء رغم أن الأعمدة الموصلة للأسلاك الكهربائية قائمة بالفعل.

الربط الكهربائي

وقال محمد بن أحمد الجنيبي من سكان هيتام البر إن ما يدعو للقلق هو أن هذه الأزمة باتت لا تحتمل، حيث يتزايد استياء المواطنين وقد أوشك صبرهم على النفاد، نظرًا لأن الظروف المحيطة بهم لا تتماشى مع واقع السلطنة بعد 45 عامًا من النهضة المباركة، في أرجاء عمان بفضل قيادة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم- حفظه الله ورعاه-. وأضاف الجنيبي أنه من المثير للدهشة غياب الكهرباء عن القرية، رغم أن المنطقة تعيش وضعًا اقتصاديًا مزدهرًا، مشيرا إلى أن الأهالي قابلوا مرارا سعادة والي الدقم ومدير البلدية ومدير الإسكان في مسعى للخروج بآلية تتفق مع الوضع العام وتسهم في توصيل التيار إلى المنازل.

وأوضح أنّ السبب الذي يتحجج به الموظفون في البلدية وفي مديرية الإسكان هو عدم وجود ملكيات لبعض المنازل، لذلك لا يمكنهم توصيل التيار الكهربائي، الأمر الذي يتسبب في تفاقم أزماتهم. وشكا الجنيبي من أن المواطن لا يستطيع العيش في مثل هذه الظروف، لاسيما وأن كثيرا من المواطنين لا يملكون ملكية لعقاراتهم التي توارثوها جيلا بعد الآخر. وتابع أن المواطنين تعهدوا- كما فعل أهالي الجازر الذين مروا بوضع مشابه لهم- بتوقيع تعهد على أنه في حالة طلب الحكومة للأرض سيخرجون منها، لافتًا إلى أن الأهالي على استعداد لتقديم ما يرضي الحكومة نظير توصيل الكهرباء.

وقال سالم بن أحمد الجنيبي من سكان هيتام البر بالدقم إنّ أهالي القرية يعيشون في أوضاع يرثى لها، حيث لا كهرباء ولا طرق معبدة، وأنه على الرغم من توفر البنية التحتية لتوصيل الكهرباء إلا أن الجهات المعنية تماطل وتتأخر ولا تنفذ ذلك. وأكد أن الأهالي يعانون من هذا الوضع بشكل مستمر، رغم أنهم يسكنون هذه البيوت منذ السبعينات.

وأكد أن الأهالي لم يتركوا مسؤولا أو جهة عمل إلا وطرقوا بابها رافعين شكواهم، وقد ذهبوا أفرادا وجماعات، لكن دون رد فعل حقيقي من المسؤولين. وقال: "ذهبنا إلى مكتب سعادة المحافظ وسعادة الوالي وأيضا للشركة المنفذة للمشروع، لكن دون رد". وتساءل الجنيبي عما إذا كان من المعقول أن يبقى أهالي قرية بالسلطنة دون كهرباء في عام 2015، حتى إن الأطفال لا يستطيعون مذاكرة دروسهم ولا حتى يرفع صوت الأذان في الميكروفونات، وتبريد الأطعمة بالثلج، هل يعقل أن تعيش أسر بدون ثلاجة في هذا العصر؟!.

وأوضح أن الأهالي لجأوا إلى تشغيل بعض الأجهزة بالمولدات التي تعمل بالسولار، لكنها لا تصمد أمام التشغيل المستمر علاوة على تكلفتها الباهظة.

ظلام دامس

وقال ناصر بن سعيد بن ياسر الجنيبي من سكان هيتام البر: إن القرية تعيش في ظلام دامس عندما يحل الليل، وعلى الرغم من وجود أعمدة الكهرباء إلا أن الجهات المعنية ترفض توصيل التيار إلى المنازل. وأضاف أن أطفالنا لا يستطيعون الدراسة مساءً ولا استخدام الأجهزة الكهربائية مثل الثلاجة لحفظ الأغذية ولا التلفاز ولا الغسالة ولا أبسط الأجهزة الكهربائية.

وتابع أنه على الرغم من وجود أعمدة الكهرباء ألا أنها عديمة القيمة، حيث لا تزال ترفض الشركة المنفذة لمشروع الكهرباء توصيل التيار إلى منازلنا. وتابع أن الأهالي ناشدوا الجهات المعنية دون فائدة، وذهب الشيوخ والرشداء إلى جهات الاختصاص لكن لم يجدوا استجابة ولا ردودا فعلية سوى أمنيات ووعود في الهواء.

وأكد أنّ الأهالي سلكوا كافة الطرق لرفع شكواهم إلى المسؤولين المعنيين، لكن الحال ظل كما هو عليه دون أيّ نتيجة.

وخلال زيارة "الرؤية" للقرية، كان بازرا للعيان وجود أحد المسنين مستلقياً في جانب الطريق، ويعاني من أمراض مختلفة، علاوة على الظروف الصحية والمعيشية الصعبة، حيث يقطن خيمة، ما يبرز معاناة الأهالي في هذه القرية.

تعليق عبر الفيس بوك