"رسالة الإسلام" يحط رحاله في مقدونيا لنشر قيم التفاهم والتعايش بين شعوب العالم

المتحف الوطني المقدوني يحتضن فعاليات المعرض المتنوعة

رئيس مركز الحضارة الإسلامية: من عُمان يفوح عبق التسامح القادم من الشرق

المعمري: المعرض خطوة مهمة في التواصل الحضاري بين السلطنة ومقدونيا

فريد موحيتش: عمان نموذج يجب الاحتذاء به في التسامح والاعتدال

الرؤية - خاص

أقيمت فعاليات معرض "رسالة الإسلام من عمان" في مدينة سكوبيا عاصمة جمهورية مقدونيا. وذلك في إطار جولاته العالمية الهادفة إلى نشر مظلة قيم التفاهم والتعايش والحوار بين شعوب العالم، والتركيز على المشترك الإنساني ونبذ كل صور وأشكال التطرف والعنف والكراهية، والدعوة إلى احترام المقدسات والأنبياء.

وأقيم حفل الافتتاح في المتحف الوطني المقدوني بالتعاون مع مؤسسة مركز الحضارة الإسلامية وبالتنسيق مع مكتب رئيس جمهورية مقدونيا الدكتور جورجي إيفانوف، وتحت رعاية معالي الدكتور زوران إليفيسكي مستشار رئيس الجمهورية للشؤون السياسية وبحضور معالي مستشار الرئيس للشؤون الأمنية وسعادة سفير جمهورية إيران الإسلامية وعدد من الدبلوماسيين من الدول العربية والأجنبية ورؤساء الجامعات والكليات وممثلي الأديان والصحفيين والقائمين على المراكز الدينية والثقافية وعدد كبير من المهتمين والحضور. يقام المعرض خلال الفترة من 9 إلى 19 من مارس الجاري.

عمان رُوح التسامح

وتضمّن حفل الافتتاح كلمات ترحيبية وورقة عمل.

حيث ألقى الشيخ بنيامين إدريس رئيس مؤسسة مركز الحضارة الإسلاميّة في جمهورية مقدونيا كلمة أعرب فيها عن شكره للسلطنة ممثلة في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية على إقامة هذا المعرض بالتعاون مع مركز الحضارة الإسلامية في مقدونيا، مؤكدا على دور هذه المناشط في تذكير البشرية بأهميّة قيم التعايش والتفاهم والتسامح.

وقال: تجسد عمان اليوم روح التسامح والتفاهم والتعايش، وهي ثمرة تاريخ عريق ينعكس أثره في العالم. مشيرًا إلى اهتمام المركز بهذه القيم والعمل على نشرها وتوعية الناس بأهميتها، وأضاف: نحن هنا الليلة لنشتم عبق التسامح القادم من الشرق ومن سلطنة عمان تحديدا، وتابع: ربما يكون الشرق لدى الكثير منا غير معروف ولكن الحقيقة تؤكد أنّ كل الأديان أنزلت رسالاتها في الشرق.

تعزيز التواصل الحضاري

عقب ذلك ألقى محمد بن سعيد المعمري المشرف العام على معرض "رسالة الإسلام" كلمة وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، أعرب فيها عن شكره لكل الجهات التي تعاونت من أجل إبراز هذا الحدث بهذه الصورة المشرقة، وخاصة مكتب رئيس الجمهورية ومركز الحضارة الإسلامية والمتحف الوطني المقدوني، مؤكدا أن تعاون الجميع في نشر هذه القيم الإنسانية يسهم في جعل العالم مكانا أفضل للأجيال القادمة، مبرزا أهمية الوعي بهذه القيم في حل النزاعات والإشكالات أيا كان مصدرها.

وعبر المعمري في كلمته عن سعادته باحتضان جمهورية مقدونيا لفعاليات المعرض والتي بدورها ستسهم قدما في الدفع نحو مزيد من التواصل الحضاري بين الشعبين العماني والمقدوني وتعزيز أواصر التعارف الإنساني بين الشرق والغرب.

تاريخ عريق في التسامح

وضمن فعاليات المعرض الرئيسية ألقى البروفيسور فريد موحيتش الفيلسوف والمحاضر المقدوني ورئيس الأكاديمية الألبانية للعلوم والفنون ورقة عمل حول (رؤية فلسفية حول الشرق والغرب) ليس باعتبارهما ندا وخصما بل هما معا مكون حضاري أسهم في بناء وتفاعل مسيرة المعرفة الإنسانية.

وأكد أنّ هذا المعرض مشروع مذهل وهو الأول من نوعه في التعريف بالسلطنة لدى الجمهور المقدوني، وعلى الخصوص تاريخ عمان العريق في مجال التسامح الذي هو بحق نموذج يجب الاحتذاء به من قبل الدول الأخرى.

تقوية التبادل المعرفي

وفي لقاء مع القسيس أكو جيرفيسكي ممثل الكنيسة الأرثوذوكسية أعرب عن اعتزازه بالمشاركة في هذه الفعالية المنظمة من قبل السلطنة، وقال إن كلية العلوم الأرذوكسية قامت مؤخرا بتدشين مادة تعليمية جديدة حول الإسلام، وهذا يسهم في تعزيز التبادل المعرفي بين الديانتين وخاصة في بلد متعدد الثقافات والإثنيات والأديان مثل مقدونيا.

مبادرة عمانية رائدة

وعبّر محمد صبيح المري سكرتير ثاني في سفارة دولة قطر في مقدونيا عن سعادته بالمعرض، وقال: أنا سعيد جدا بهذه المبادرة العمانية، وهذا المعرض له تأثير كبير في توضيح أن الإسلام هو دين التسامح والمودة والرفق والتعايش مع الجميع، معربا عن شكره لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية على إقامة هذه الفعالية في هذا البلد الذي يتسم بالتعدد العرقي والإثني.

إبراز قيم الإسلام

وقال سعد أبرولي مسؤول العلاقات العامة في مؤسسة مرحمة الخيرية المقدونية إنّ الأمة اليوم بحاجة إلى مثل هذه المعارض الراقية وخاصة في المجتمعات ذات التعددية الإثنية والدينية، معربا عن شكره للسلطنة قيادة وحكومة وشعبًا على تنظيم هذا الحدث في جمهورية مقدونيا، لإبراز قيم الإسلام وتعاليمه في تقبل الآخر والتسامح وهو دفعة قوية في دول البلقان بشكل عام ومقدونيا بشكل خاص.

رسائل إيجابية من عمان للعالم

واشتمل المعرض على 48 لوحة لمعرض رسالة الإسلام باللغتين المقدونية والألبانية و20 صورة فوتوغرافية لمصورين عمانيين عن الحياة العامة في عمان ولوحات من الفن التشكيلي العماني والخط العربي بالإضافة إلى عرض بعض التحف العمانية وملامح الحياة العامة في السلطنة ماضيا وحاضرا.

كما تضمّن المعرض "رسائل عالمية" وهو حملة إعلامية عالمية تهدف إلى نشر ثقافة التعايش والسلام؛ والتسامح والوئام؛ عبر نشر بطاقات تعبر عن هذه القيم في وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية بمختلف اللغات.

ويتم نشر هذه الرسائل عبر بطاقات مطبوعة بحجم اليد، مع تعميمها على نطاق واسع في شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية بمختلف اللغات والنطاقات المتاحة.

وتمثلت الحملة الأولى المصاحبة للمعرض عبارة: "افعل شيئا من أجل التسامح" والتي تهدف إلى تمكين كل شباب وفتيات العالم من ابتكار الأفكار والأطروحات والتجارب والجهود التي يمكن أن تسهم ولو بشكل بسيط في نشر ثقافة التسامح في المجتمعات الإنسانية، وتقديمها كمبادرات فردية وجماعية ومؤسساتية يكون لها إطارها العملي في المحيط الذي هي فيه.

وجاء اختيار هذا الشعار إيمانا بأهمية قيمة التسامح في ردم الهوة في العلاقات المتوترة، وتقريب وجهات النظر المختلفة، وإيجاد مساحات مشتركة في أجواء تمكن من الحوار والتفاهم وتحقيق السلام. مع مناسبة هذا الشعار للأفراد في محيط الأسرة وعلى مستوى المجتمعات والدول.

وتم حتى الآن إصدار خمس بطاقات لهذه الرسائل: الأولى تحمل رسالة "وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا" وهي جزء من آية كريمة تقرر سنّة التعارف كأساس للتعاملات بين الشعوب والقبائل؛ فهي ميزة إنسانيّة في غاية الأهمية تأخذ أبعادها من كون الاختلاف والتنوع عوامل تكامل وانتظام لا عوامل تفرق وانتقام.

والثانية تحمل رسالة "أحب للناس ما تحب لنفسك" وهي جزء من حديث نبوي شريف؛ يعمّق في النفس الشعور بأهميّة الأنفس الأخرى وتقديرها، ويلفت نظر الإنسان إلى أنّه ضمن مجموع إنساني يتأثر ببعضه البعض، فإن كان يود لنفسه خيرًا فليحب ذلك لغيره، ولو فعل كل فرد بهذا التوجيه لقلّت نسبة التنافس غير الشريف وما يتبعها من أخلاق مذمومة.

والثالثة تحمل رسالة "خالق الناس بخلق حسن" وهي كذلك جزء من حديث نبوي شريف وتحمل مفهوما إنسانيا بجعل الأخلاق هي محور التعاملات بين البشر، وأساسا للتعايش فيما بينهم، نظرا لما تمثله القيم والأخلاق من تأثير روحي ونفسي عميقين، وعلى الخصوص لدى أتباع الديانات.

والرابعة تحمل رسالة "وبالوالدين إحسانا" وهي جزء من آية قرآنية كريمة تدفع الإنسان إلى تقدير الوالدين واحترامهما، وبذل الخير لهما، والإحسان إليهما بكل جميل ومعروف، وتم اختيار هذا الشعار ضمن حملة قيمة التسامح لارتباطها الوثيق بهذا الخلق.

والرسالة الخامسة بعنوان: "أدّ الأمانة إلى من ائتمنك" من أجل تعزيز خلق الأمانة بين الناس، كقيمة مهمة في التعاملات الإنسانية.

"افعل شيئًا من أجل التسامح"

كما تمّ خلال الافتتاح إطلاق حملة: "افعل شيئا من أجل التسامح" ( Act For Tolerance # ) ) بالجمهورية المقدونية، بما فيها المسابقة العالمية لجمع أكبر عدد ممكن من المشاركات في هذا الإطار تعزيزًا لنشر ثقافة التعايش بين قطاعات الشباب والفتيات في كل دول العالم، وسيحظى المشاركون في المسابقة بفرص الفوز بمبلغ ألف دولار لكل مشاركة، مع فرصة حصول خمسة فائزين منهم على جائزة زيارة السلطنة لمدة خمسة أيام في شهر نوفمبر تزامناً مع احتفالات البلاد بالعيد الوطني واليوم العالمي للتسامح الذي يوافق السادس عشر من نوفمبر من كل عام.

جماليات الخط العربي

كما أقيم في المعرض ركن "جماليات الخط العربي" للفنان العماني صالح بن جمعة الشكيري، استعرض فيه مهاراته في الخطوط العربية، والتي ألهمت الحضور حيث تفاعل مع جماليات الحروف العربية وتشكيلاتها، وقام بكتابة أسماء ضيوف المعرض وتقديمها كهدية تذكارية.

وقد عبّر الشكيري عن سعادته بهذه المشاركة وهي الأولى لفنان عماني في جمهورية مقدونيا، متطلعا إلى تعزيز التعاون بين المؤسسات والمراكز الفنية في السلطنة مع نظيراتها في مقدونيا، معربا عن اعتزازه بإعجاب زوار المعرض واهتمامهم بالفنون عمومًا والفنون العربية والإسلامية خصوصا.

فن الظلال والإبداع الإنساني

واشتمل المعرض على صور "فن الظلال" والذي يقدم للجمهور قيمًا روحية بالدمج بين عدد من الفنون، كفن الخط العربي والزخرفة وعامل الضوء، إذ تشكل في مجموعها لوحة فنيّة معبرة، وقدم المشروع أربع لوحات مستمدة من الدعاء والسلام واحترام الكتب المقدسة واحترام الوالدين، وقد نال هذا الركن إعجابا كبيرا من قبل الزوار لدقته وابتكاره وارتباطه برسالة المعرض في نشر القيم الروحية بلغة فنية وجمالية معبرة.

ركن الإصدارات العمانية

كما أقيم على هامش المعرض ركن الكتب العمانية المهتمة بالتواصل الحضاري، وتعميق الفهم المشترك للقيم الإنسانية ومن ضمنها مجلة التفاهم، والتي تصدرها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالسلطنة، مع العديد من الاصدارات والأعمال الكتابية العمانية. بالإضافة إلى استعراض عدد من صور المخطوطات العمانية المتعلقة ببعض المعارف الدقيقة كعلم الفلك وعلم البحار وعلم الطب وغيرها وذلك من أجل إبراز مساهمات وجهود العمانيين في السياق العالمي للمعرفة والثقافة والعلوم.

تفاعل إعلامي واسع

وقد تناولت وسائل الإعلام المقدونية والعالمية هذا الحدث، من بينها قناة "إيرا الفضائية" ووكالة أنباء الأناضول وقناة "أم تي فاو" المقدونية، وقناة "السات" الفضائية وغيرها حيث بثت فعاليات حفل الافتتاح عبر قنواتها الفضائية ومواقعها الإلكترونية وفي شبكات التواصل الاجتماعي التابعة لها.

أكثر من ٦٥ مدينة حول العالم

الجدير بالذكر أنّ معرض "رسالة الإسلام" تم إطلاقه من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية عام 2010م وزار أكثر من عشرين دولة وأكثر من خمس وستين مدينة حول العالم حتى الآن ويحمل عنوان: "التسامح والتفاهم والتعايش: رسالة الإسلام في سلطنة عُمان" ويهدف إلى نشر مظلة هذه القيم بين شعوب العالم، وقد اكتسب المعرض قبولا متناميا في الأوساط العالمية، وتم التنسيق بشأنه مع عدد من المنظمات العالمية وأهمها منظمة اليونسكو، والعديد من المركز الدينية المهتمة بنشر القيم المعتدلة والدعوة إلى السلم والعيش المشترك بين الناس والثقافات والأديان.

تعليق عبر الفيس بوك