معرض الكتاب والمروجون الجدد

خالد الخوالدي

Khalid1330@hotmail.com

 

لم أتشرف بزيارة معرض الكتاب لهذا العام حيث عاهدت نفسي ألا أشتري كتبا جديدة حتى اقرأ ما هو موجود في مكتبتي المتواضعة، والتي توجد بها عشرات الكتب التي غطاها الغبار وتبحث عمّن يتابعها ويستفيد من مضمونها، والقراءة عندي تمضي بطيئة كالسلحفاة، حيث أوهم نفسي كما الكثيرين ممن يتابع هذه السطور بأننا مشغولون لدرجة أننا لا نجد زمنا نحك فيه جلدة شعر رأسنا، ومع أني لم أزر المعرض إلا أني متابع لما يدور في حيثياته من خلال مروجين للمعرض إيجابيين كانوا أو سلبيين.

لقد حظي المعرض بتغطية إعلامية متميزة ولم تترك فيه شاردة أو واردة إلا وتم تناولها، وزاد من عمل وسائل الإعلام ما قامت به وسائل التواصل الاجتماعي من دور كبير في الترويج لعدد من الكتب ولعلّ من أهمها كتاب (الرولة) للكاتب يوسف الحاج والذي لا أود أن أبوح بما قيل فيه لأنّي لم اطلع على الرواية بعد ولن أبوح بما فيه حتى بعد القراءة لأنّي غير مؤهل للنقد الأدبي، واترك الأمر لأهل الاختصاص والرأي؛ إلا أني أؤكد أن يوسف ودار النشر قد استفادا كثيرا من هذا الترويج المجاني وإن كان سلبيا في أكثره إلا أن الرواية نفذت من المعرض بسرعة لم يتوقعها الكاتب ولا الناشر فيما أحسب.

وفي هذا الخصوص أتذكر أنّي قرأت مرة أنّ الصهاينة في الولايات المتحدة الأمريكية يعمدون إلى حيلة يلجأون إليها لنشر أي كتاب يودون رواجه حيث يذهب عدة أعضاء من المنظمات الصهيونية إلى مكتبات صغيرة يعرفون سلفا أنّ كتابًا ما لا يوجد لديها ويطلبون نسختين أو ثلاث نسخ ويفعلون هذا عبر الولايات المتحدة كلها، وتلجأ المكتبات بطبيعة الحال إلى طلب نسخ أكثر من الكتاب استعدادًا لطلبات أخرى، ويفاجأ الناشر بآلاف الطلبات التي تنهال على الكتاب من كل مكان ويدخل الكتاب تلقائيًا قائمة الكتب الأكثر رواجًا.

وبعبارة أخرى يستطيع عدد قليل من الناس وبتكاليف وجهود محدودة جعل أي كتاب مغمور كتابًا مشهورًا وهذا ما حصل لكتاب (الرولة) ومن قبله في العام الماضي كتاب (الملح) حيث تمّ الترويج للكتابين من خلال وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي من الناحيتين الإيجابية والسلبية حيث انهال على الروايتين الشعراء والكتاب وأنصاف الكتاب والفقهاء والمتفيقهين ومن له دخل في الأدب ومن ليس له ناقة ولا جمل في الثقافة ولا يفرق بين الرواية والقصة ولا بين الكتاب والكتيب، وتناول الجميع الكتابين بالتحليل والتوصيف وانطلق كل كاتب من المنحى الذي ارتسم لديه والثقافة التي ينطلق منها فكل إناء بما فيه ينضح، وانطلق فريق ثالث وهو الذي أميل إليه من منطلق أن السكوت عن الشيء أدعى بعدم نشره فكل ممنوع مرغوب.

إن ثقافة المروجين والمسوقين لمعرض الكتاب في دورته الحالية انتشرت انتشارا رهيبا على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة فهناك من يوقع على إصدار كتابه ويصور مع كل من مرّ خاصة إذا كانوا من أصحاب المعالي والسعادة والمسؤولين والمثقفين والدكاترة ويخصص لكل شخص تعليقا معينا وهناك من يصور حصيلته من الكتب التي اقتناها من المعرض ويدور حول هذا وذاك الكثير من التعليقات الجادة والساخرة وهناك من ركّز على مثالب وعيوب كتاب معين وآخر امتدح كتابا آخر ودار نشر حتى أحسسنا نحن الذين لم نحضر بأننا نتجول وسط المعرض، ونتلمس كل ما يحيط به إن كان إيجابيا أو سلبيا، فشكرا لمن روج بإيجابية لمعرض مسقط الدولي للكتاب لأنه عرس عمان الثقافي الذي يشع في داخل السلطنة وخارجها، وأصلح الله كل من شوّه وروّج بصورة سلبية للمعرض وقلل من قيمته الثقافية وهدم في تعليق أو تصريح جهود مئات ممن عملوا ليلا ونهارًا لإخراج هذا العرس بالحلة التي تليق بعمان وأهلها، وبعد أن فض المعرض سامره نتوجّه بجزيل الشكر والتقدير لكل من ساهم وسهر لإنجاحه ونقول لهم ولكم أيّها القراء دمتم ودامت عمان بخير.

تعليق عبر الفيس بوك