الثراء التاريخي وتنوع المزارات يمنح السلطنة المركز السابع عالميا كأبرز وجهة للسياحة الدينية

الرؤية- يوسف البلوشي

يأتي حصول السلطنة على المركز السابع عالميا كأبرز وجهة للسياحة الدينية بفضل ما تتمتع به السلطنة من ثراء تاريخي وبما تزخر به من مزارات دينية، فانتشار المساجد ذات الطابع المعماري المميز الذي يمزج بين الأصالة والمعاصرة وتنوع الحصون المقامة على الطراز الإسلامي تمثل جميعها عوامل جذب للسياح والزائرين.

وفي تقرير المؤشر العالمي للسياحة الإسلامية 2015، فإن دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تمثل أبرز 10 وجهات عالمية ضمن إجمالي 40 وجهة.

وجاءت ماليزيا في المرتبة الأولى ضمن الوجهات السياحية ضمن قائمة دول منظمة المؤتمر الإسلامي، وحلت تركيا في المرتبة الثانية، والإمارات في المرتبة الثالثة والمملكة العربية السعودية في المرتبة الرابعة، وقطر في المرتبة الخامسة، تلتها السلطنة في المرتبة السابعة والأردن في المرتبة الثامنة والمغرب في المرتبة التاسعة. وبحث المؤشر في بيانات معمقة تشمل 100 وجهة تمثل المجموع العام للوجهات التي يغطيها المؤشر، وذلك اعتماداً على عدد من المعايير. وهذه هي المرة الأولى التي تقدم فيها هذه المعلومات العميقة عن أحد القطاعات السياحية الأكثر نمواً في العالم اليوم. ويستفيد من المعلومات التي يقدمها المؤشر المسافرون والحكومات وشركات السياحة والسفر والمستثمرون، وتضمن هذه المعلومات مقارنات بين عدد من المعايير المهمة التي تمكن من تتبع مقدار صحة ونمو هذا القطاع السياحي.

وكشف المؤشر أيضاً، أن حجم القطاع في العام 2014 بلغ 145 مليار دولار أمريكي، بفضل أسفار 108 ملايين مسلم يمثلون 10% من الاقتصاد الكلي لقطاع السفر.

وتشير التوقعات إلى نمو عدد المسافرين إلى 150 مليون مسافر بحلول العام 2020 ما يمثل 11% من قطاع السفر، ويتوقع لقيمة هذا السوق أن تنمو لتصل إلى 200 مليار دولار.

وقال فضل بهار الدين، الرئيس التنفيذي لشركة «كرسنت ريتنج والرحلات الحلال»: إن مؤشر ماستركارد-كرسنت ريتج العالمي للسياحة الإسلامية شكّل سابقة حقيقية في قطاع السياحة، فهو إلى جانب كونه البحث الأكثر تعمقاً، الذي نتطلع إليه حتى اليوم لقطاع السياحة الإسلامية سريع النمو، فإنه يقدم إلى جميع الجهات المعنية وأصحاب المصلحة معلومات قيمة حول أسلوب نمو قطاع السياحة الحلال وكيفية تطوره من منظور عالمي. وأضاف بهار الدين: «وجدت كرسنت ريتنج تحولاً كبيراً نحو وجهات أخرى تستهدف هذا القطاع مثل اليابان وتايوان، وهو توجه نتوقع له الاستمرار».

من جانبه، قال راجو مالهوترا رئيس منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في ماستركارد: «إن الشراكة مع كرسنت ريتنج لتطوير المؤشر العالمي السياحة الإسلامية ساعدنا في الوصول إلى فهم ومعرفة أفضل لما يتطلع إليه المسافرون عند رغبتهم في استكشاف وجهات سياحية مختلفة. نتفهم أن السفر هو رغبة وشغف أساسي لكثير من الأشخاص والعائلات، ونتطلع إلى أن يكون هذا المؤشر وسيلة فعالة تساعد شركاءنا في تفصيل باقاتهم وخدماتهم السياحية لتلبية احتياجات المستهلكين في هذا القطاع. إن تصنيف الوجهات السياحية يساعد عملاءنا في اتخاذ قرارات سفر حكيمة تلبي احتياجاتهم الخاصة».

معالم إسلامية

وتتميز السلطنة بمعالم سياحية إسلامية مكنتها من الحصول على مراكز متقدمة دوليا في هذا الجانب حيث يعتبر مسجد مازن بن غضوبة اول مسجد في عمان وقد كان الصحابي الجليل مازن بن غضوبة أوائل من أسلم من أهل عمان وكان يسكن في سمائل، وقد شيد فيها أول مسجد في عُمان وما يزال هذا المسجد موجوداً ويسمى حالياً مسجد "المضمار".

ويزور الناس المسجد كونه تاريخيا ويعبر عن قدم التاريخ العماني حيث اتسم بناء المساجد في عُمان بالبساطة على الغالب بالرغم من التطور العمراني الكبير والذي يلاحظ في القصور والقلاع والحصون والبيوت الأثرية، وهو ما دعت إليه شريعة الإسلام وسنة نبيها وذلك تحقيقاً للوظائف الروحية للمسجد. كما تتنوع أبنية المساجد في عُمان فمسجد السلطان سعيد بن تيمور في منطقة الخوير بولاية بوشر محافظة مسقط كمثال على طراز العمارة العثمانية، ومسجد السيدة ميزون في منطقة الخوض محافظة مسقط على طراز العمارة في المغرب العربي، ومسجد سكينة بنت علوي المطل على شارع السلطان قابوس بمنطقة القرم كشاهد على فن العمارة الفاطمية، هذا بالإضافة إلى العديد من المساجد التي تنتشر في عُمان والتي يتميز كل منها بطراز معماري مميز. وفي مسقط اليوم كما هو في جميع القرى والمدن العمانية عدد كبير من المساجد الحديثة التي حافظت في معمارها الهندسي على طابع العمارة العمانية الإسلامية. وفي صلالة تشتهر بكثرة المساجد والجوامع ومدارس تحفيظ القرآن من النساء والرجال.

ومن أكبر الجوامع والمساجد التاريخية والحديثة جامع السلطان قابوس الذي يقع في الحي التجاري، وجامع الشيخ عيسى المعشني الحكلي ويقع في صلالة الغربية، والمسجد الجامع ويقع في صلالة الوسطى، وجامع الشنفري، ومسجد عقيل ويقع في القطيعة، وجامع الحداد يقع في الدهاريز، وجامع الرحمن يقع في سهل اتين، وجامع عمر الرواس الكثيري يقع في صلالة الجديدة، ومسجد الشيخ احمد عفيف البليد، مسجد الهدى يقع في صلالة الجديدة، وجامع بامزروع يقع في صلالة الغربية أو ما يعرف بحافة المراهين، وجامع باقديرة يقع في المعتزة، جامع السيدة عائشة يقع في منطقة الكثير، وجامع معاذ بن جبل يقع في صلالة الغربية، وجامع أبي داود يقع في المعتزة، ومسجد الشروق يقع في منطقة الحصن، وجامع بادراج يقع في عوقد الجنوبية، ومسجد حبر يقع في صلالة الغربية، وجامع المهرة في منطقة المهرة.

الجامع الأكبر

ويعد جامع السلطان قابوس الأكبر شاهدا على اهتمام السلطان قابوس بن سعيد المعظم ببناء بيوت الله، كما يعد مركزا مهما للدراسات الإسلامية، ومنبعا لتعلم العلوم الإسلامية. ويقف جامع السلطان قابوس الأكبر شاهدا حيا، يحكي قصة العمانيين ودورهم الرائد في الحضارة الإسلامية، التي تنعكس في الكثير من المظاهر العمرانية التي استقت روحها من دين الإسلام، الذي اهتم بالعلم والفنون والإبداع الإنساني. وجامع السلطان قابوس الأكبر، الذي جاء تشييده بأوامر سامية، يعتبر الأكبر بين المساجد في السلطنة. واستنبطت تصاميمه من الحضارات الأكثر حضورا وتأثيرا وفعالية في بلاد الشرق، فظهر ذلك جليا في دقة تلك التصاميم وروعتها المتناهية وقدرتها العجيبة على استلهام روح الجمال والإبداع. وعند التجول في أروقة المسجد، يبدو أن الزمن انتقل بنا إلى الوراء.. والانطباع الأهم هو تلك القدرة على دمج العديد من الفنون الإسلامية كالفن الهندي والبيزنطي والعثماني بعضها مع بعض في الزخارف والنقوش الغنية التي حفرت على الجدران. وهو تحفة فنية معمارية، وقمة الفنون الإسلامية ستجدها في زخارف وأروقة الجامع ويقع جامع السلطان قابوس على الطريق السريع المؤدي إلى مسقط بقبته الذهبية ومآذنه الخمس وجنائنه الواسعة، إنه أضخم وأكبر الجوامع المشيدة في عمان، الذي بات اليوم أحد المواقع السياحية الرئيسية في البلاد، ويستقطب سياحا يصل عددهم إلى نحو ألفي زائر يوميا.

ومسجد السلطان قابوس لا يعتبر أكبر جامع في السلطنة ومركز عبادة وصلاة فحسب، بل تم تصميمه ليكون مركزا للتفاعل مع روح الإسلام دينا وعلما، حيث يضم مكتبة تحتوي على نحو 20 ألف مجلد في شتى مناحي العلوم والفكر والأدب وليس فقط الكتب الدينية، بالإضافة إلى قاعة للمحاضرات ومركز المعلومات الإسلامية ومعهد العلوم الإسلامية.

وفكرة إقامة جامع السلطان قابوس الأكبر جاءت لكي يستوعب الجامع أكبر عدد من المصلين ويكون معلما دينيا وحضاريا وثقافيا واجتماعيا، حيث صدرت الأوامر بإنشاء أكبر جامع في السلطنة في عام 1992 لتبدأ مرحلة التصميم، وكان الهدف يتمثل ليس فقط في توفير مكان للصلاة والتعبد، بل ليكون مركزا للتفاعل مع روح الإسلام دينا وعلما وحضارة».

الشكل المعماري للجامع مبني على وجود خمس مآذن ترمز إلى أركان الإسلام الخمسة، حيث تبرز المئذنة الرئيسية وترمز إلى الركن الأول من أركان الإسلام، وقبة المصلى بارتفاع كل منهما كعنصرين أساسيين ضمن بيئة الجامع، وتتخلل الجدران البيضاء المهيبة مجموعة من الأقواس والكوات المفتوحة مع دعامات تستهل واجهة المصلى الرئيسي.

هذه الدعامات لها وظيفة إنشائية، فضلا عن أنها ملاقف للهواء على غرار عناصر الأبراج المناخية التقليدية والسائدة في العمارة المحلية، كما أن للقبة غشاء مخرما متشابكا منمقة خطوطه بشعرية ذهبية، وتتجلي من خلال شفافية هيكل القبة الخارجية القبة الثانية المكسوة بقشرة من أحجار الفسيفساء الذهبية بأكملها.

إن جدران المصلى الرئيسي تتوج بشرفات يتأصل طرازها في عمارة القلاع العمانية خاصة، ومسننات الشرفات في العمارة الإسلامية عموما، بينما يتميز جدار القبلة بكوة المحراب البارزة في نتوئها عند الواجهة كما هو التقليد في وضوح التعبير عن حائط القبلة في تصميم المساجد العمانية، ويتوسط الرواقين المصلى الرئيسي، ويتسع لأكثر من ستة آلاف وخمسمائة مصل، وقد زخرف هذا المصلى بقطع الفسيفساء والرخام الأبيض والرخام الرمادي الغامق، حيث وصل عدد قطع الفسيفساء المستخدمة في تزيين المصلى الرئيسي ما يقارب من ثمانية ملايين قطعة، ومع إمكانية احتواء الصحن الخارجي لثمانية آلاف مصل، بالإضافة إلى الصحن الداخلي والأروقة، فإن السعة الإجمالية للجامع تصل إلى إمكانية احتواء (20) ألف مصل ومصلية.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة